الوفد الروسي من دمشق.. مكافحة الارهاب اولوية

الوفد الروسي من دمشق.. مكافحة الارهاب اولوية
الثلاثاء ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٠ - ٠٣:١٥ بتوقيت غرينتش

من جديد تفتح دمشق أبوابها للدبلوماسية الدولية، وتستقبل وفدا روسيا بثقل دولة، في ظل ظروف سياسية محلية وإقليمية ودولية صعبة، زيارة جعلت من دمشق قبلة الأنظار بعد الاجتماعات التي عقدت، وحملت عدة أوجه، أهمها ما يتعلق باستمرار الدعم الروسي السياسي والعسكري لإنهاء ما تبقى من إرهاب، بعد الانتصارات التي حققتها الدولة السورية في هذا الصعيد. 

العالم - قضية اليوم
لا يمكن ان نقرأ هذه الزيارة بعيدا عن الشخصيات التي شكلت الوفد القادم من موسكو، فالوفد الروسي الذي ضم وزير الخارجية لافروف، بعد غياب 8 سنوات عن دمشق، وصل بعد انتهاء جولة لجان مناقشة الدستور في جنيف، والتي اعقبها، اجتماع بين بيدرسون ولافروف، ناقش فيها الرجلين موقف موسكو كدولة ضامنة في استانا تلك المباحثات، ما يعني ان ثمة افق لمقترحات حول هذه الخطوة الهامة في طريق الحل السياسي للازمة السورية، وربما هناك بعض الخطوات للضغط على التركي، بالذات كون مشاركة لافروف في الوفد الروسي، سيتبعها جولة إقليمية ودولية، مع الاخذ بعين الاعتبار ان المباحثات في الزيارة لم تقتصر على الجغرافية السورية بل وصلت الى تركيا والملف الليبي، وما يحدث هناك، وتقاطع كل تلك الملفات مع تحقيق الهدوء والاستقرار في سوريا.
إن ما حمله الوفد الروسي جاء في ظل ظروف إقليمية ودولية، منها التوتر في شرق المتوسط، والاحتكاك التركي اليوناني، والازمة في ليبيا، بالإضافة الى فرض قانون قيصر، وإعادة انتاج الحرب على سورية، ما يعني ان روسيا تحاول ان تنطلق من سوريا لرسم وضعية جديدة لها كقوة عظمى في الشرق الأوسط والعالم، والسعي لإقامة نظام يقود العالم اكثر توازنا، ويحمل اكثر من قطب، ومن هنا تسعى لإعادة التموضع في جغرافيا تحقق له عمقا اكثر، على المستوى الدولي، ضمن خارطة القوى الدولية، ويستفد الروسي من قدرته على التأثير في الاستقرار وامن العالم، ما يجعل له نفوذا ضمن كل العناوين الساخنة، وسوريا تشكل فضاءً خصبا لذلك، عبر الاحتكاك العسكري الدائم كتفا لكتف مع الدولة السورية في وجه تركيا والولايات المتحدة الامريكية، بالإضافة الى المشاركة بملفات التفاوض السياسي بكافة مراحله، من جنيف الى استانا الى سوتشي، والمساهمة في انجاز التسويات والمصالحات وبالذات في منطقة الجنوب السوري، وهنا نلاحظ ان الجهد العسكري الذي ركز عليه الوفد، كان على أولويات قائمة المباحثات في استمرار دعم روسيا لسورية عسكرياً، في انهاء الوجود المسلح الإرهابي في أجزاء من الجغرافية السورية، ويمكن النظر الى ابعد من ذلك، ان الوفد جاء ليؤكد وقوف روسيا الى جانب سوريا الى مرحلة ما بعد الحرب، وهذا يفسر توسيع دائرة الاهتمام الروسي بالجانب العسكري والأمني، بالتوازي مع الجانب الاقتصادي.
بالطبع جميعنا يعلم ان إيقاع المعارك تراجع كثيراً، الا ان المخاطر من الإرهاب لم تتراجع، وازدادت ارتداداته الى دول الإقليم والعالم، وهذا يفسر الحرص الروسي على الموازنة بين استمرار الدعم العسكري للدولة السورية في انهاء الإرهاب، وبين الدعم للمسار السياسي، والعمل على تحييد التدخلات الخارجية، وتقييد تأثيرها، وما يأمله السوريون هو استمرار الدعم الروسي في الحرب ضد الإرهاب، وفي وجه التدخلات الخارجية، والدعم السياسي للحفاظ على سلامة ووحدة الأراضي السورية، كمبدأ أساسي، في أي حل سياسي قادم.
يدرك الجانب الروسي أهمية وحجم الانتصار السوري على الإرهاب، في الساحة الإقليمية والدولية، بالتزامن مع ادراكه لحجم الفشل الأمريكي في الهيمنة على المنطقة بفضل مواجهة الإرهاب في سوريا، لذلك الجميع يأمل ان تشكل روسيا وزنا فاعلا يمتلك قدرة على تغيير خارطة الضغط الدولية بما يتناسب مع تطلعات شعوب المنطقة، واعتقد ان السيناريوهات القادمة ستكون مقاربة لامل شعوب الدول الصاعدة بعد الحروب، ومنها سوريا ما يحقق فرصة حقيقية لانهاء فرضيات دول تشن الحروب على الدول بهدف الهيمنة وإعادة فكرة الاستعمار القديم .

حسام زيدان

كلمات دليلية :