هل قرأ الحريري خطأ انطلاق التفاوض أم انتبه لسقوط 'لا تفاوض في ظل السلاح'؟

هل قرأ الحريري خطأ انطلاق التفاوض أم انتبه لسقوط 'لا تفاوض في ظل السلاح'؟
الإثنين ١٢ أكتوبر ٢٠٢٠ - ٠٩:١٥ بتوقيت غرينتش

يبدأ الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري جولة المشاورات التمهيدية لتسميته رئيساً مكلفاً بتشكيل الحكومة الجديدة اليوم بالتزامن مع وصول معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر إلى بيروت تحضيراً لافتتاح التفاوض غير المباشر على ترسيم الحدود يوم الأربعاء.

العالم- لبنان

وفيما يبدأ الحريري كما توقعت "البناء" من لقاء الاثنين في بعبدا تقول مصادر على صلة بالملف الحكومي أن الحريري سيسمع من رئيس الجمهورية تذكيراً بحصيلة المشاورات التي أجراها الرئيس عون مع الكتل النيابية خلال فترة تعثر تأليف الرئيس المكلف مصطفى أديب لحكومته قبل اعتذاره بأيام والتي انتهت إلى أن الكتل النيابية ترفض أن يقوم أحد بالنيابة عنها بتسمية مَن يمثلها في الحكومة وأن الأرجحية لحكومة حجمها يتراوح بين 18 و20 وزيراً وأن الكتل مجمعة على دعم المبادرة الفرنسية وأن رئيس الجمهورية سينتظر نتائج الاستشارات النيابية لمعرفة مدى نجاح الرئيس الحريري في مشاوراته مع الكتل النيابية.

أما في عين التينة فسيسمع الرئيس الحريري، وفقا للمصادر ذاتها، سؤالاً من نوع آخر حول سبب كلامه المؤذي والمهين عن تراجع رئيس مجلس النواب نبيه بري عن موقفه في التفاوض حول الترسيم تحت تأثير العقوبات، مطالباً الحريري بالجواب عما إذا كان هناك فارق بين ما سبق وأطلعه بري عليه من حصيلة للتفاوض مع الأميركي، وفقاً للبيان النهائي في شهر تموز الماضي قبل العقوبات، وبين النص الذي أعلن، والذي ربطه الحريري بالعقوبات، فجاء كلام الحريري مصدر ربح مجاني للمفاوض الإسرائيلي بداعي الكيد السياسي الداخلي، بينما كان كلام الحريري كطرف في خلاف سياسي داخلي أن يدعم المفاوض اللبناني بأن يشهد للرئيس بري صلابته وثباته وفوزه بإطار تفاوضي يحمي المصلحة اللبنانية، وأن يسجل معنى القبول الأميركي والإسرائيلي بالتفاوض في ظل السلاح، والتسليم باستحالة الانتظار الاقتصادي حتى إنهاء أمر السلاح، بعدما فشلت محاولات تطويقه، ومحاصرته داخلياً وخارجياً، بحيث شكل هذا التسليم الأميركي مدخلاً للفرصة التي يريد الحريري الاستثمار عليها لتشكيل الحكومة.

الحصيلة التي ستنتهي إليها مشاورات الحريري لا تزال غامضة، وفقاً للحدود التي

سيبلغها في التراجع عن إمكانية الجمع بين طلب تحقيق التوازن بين الرئاسات، وهو ما

قاله الحريري عن وضع رئيس الحكومة بالتوازي مع رئيسي الجمهورية ومجلس النواب، وهذا صحيح، وبين حكومة يسمّي وزراءها رئيسها، تحت شعار مستقلين واختصاصيين، لأن هذا يعني تحويل مجلس الوزراء إلى مجلس مدراء عامين وليس إلى سلطة سياسية عليا تدير البلاد وفقاً لما جاء به اتفاق الطائف وإسقاط مجلس الوزراء كسلطة هو إسقاط للطائف ومثل التوازن بين الرئاسات الذي أقامه الطائف هناك توازن بين رئيسي الجمهورية والحكومة من جهة والوزراء من جهة موازية هو أهم إنجازات الطائف، وإطاحة هذا التوازن ستعني عملياً استعادة نظام الترويكا، حيث يتولّى الرؤساء الثلاثة رسم سياسة الدولة، بالتشاور والتوافق، من خارج الدستور وخلافاً لنصوصه، ويتحوّل مجلس الوزراء إلى مجلس مدراء تنفيذي للقرارات، إلا إذا كان الحريري يسعى لفرض عُرف جديد يقوم على إحياء صيغة الـ 43 مع استبدال نقل صلاحيّات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء بنقلها الى رئيس الحكومة، وهذا تغيير جوهري في النظام وتوازنات الطائف.

التساؤل الذي يواجه الحريري هو من الذي يستثمر في معاناة الناس وفرص الإنقاذ والمبادرة الفرنسية لتحقيق مكاسب سياسية من يدعو لشراكة تضمن تحقيق أوسع تغطية للقرارات الإصلاحية أم مَن يحاول إلغاء الشراكة لتحقيق الاستفراد بقوة التهويل بالانهيار؟

المحرر السياسي في صحيفة "البناء"