الشهيد فخري زادة.. وبوريل والثلاثي بومبيو، نتنياهو إبن سلمان

الشهيد فخري زادة.. وبوريل والثلاثي بومبيو، نتنياهو إبن سلمان
الأربعاء ٠٢ ديسمبر ٢٠٢٠ - ٠٤:٤٨ بتوقيت غرينتش

رغم المكانة الرفيعة التي كان يتبوأها العالم الفيزيائي الشهيد محسن فخري زادة بين النخب العلمية الايرانية، ورغم الدور الهام الذي كان يضطلع به في النهضة العلمية في إيران، إلا ان جريمة إغتياله لم ولن توقف عجلة هذه النهضة العلمية. فالايرانيون وبشهادة اصدقائهم واعدائهم، إمتلكوا ناصية المعرفة التكنولوجية، وأصبحت طوع بنانهم، بعد أن إستوطنت عقولهم ومؤسساتهم وجامعاتهم ومراكزهم العلمية، التي يعمل فيها الالاف من العلماء بشتى الاختصاصات.

العالم قضية اليوم

هذه الحقيقة اشار اليها الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، تعليقا على جريمة إغتيال الشهيد فخري زادة ، عندما اكد بصريح العبارة "هذه ليست طريقة حل المشاكل. ونحن لا نستطيع أن نمنع إيران من أن تصبح دولة نووية من خلال إغتيال خبرائها وعلمائها النوويين"، بعد ان وصف الاغتيال بانه "عمل إجرامي".

قبل بوريل، كان الرئيس الاميركي باراك اوباما، قد اعترف بهذه الحقيقة وبشكل اكثر صراحة، عندما اعلن في عام 2013 انه "لو كان بامكاننا ايجاد خيار يجعل ايران تفكك حتى اخر مسمار برنامجها النووي وتبني امكانية عدم لجوئها الى اي برنامج نووي والتخلص هكذا من كل قدراتها العسكرية لتبنيته"، واصفا ما يقال حول امكانية تدمير البني التحتية العلمية لايران وحرمانها من التقنية النووية بانه "امر غير واقعي".

هنا نتساءل اذا كانت هذه هي الحقيقة، ترى لم لجأ الثلاثي الفاشل، وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو، ورئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في اجتماعهم المشؤوم في مدينة نيوم السعودية ، الى استخدام سياسة الاغتيالات العقيمة، ضد العلماء الايرانيين؟.

من الواضح ان هدف الثلاثي بومبيو ونتنياهو وابن سلمان، من وراء جريمة اغتيال الشهيد فخري زادة، ليس كما يدعي البعض، هو توريط ترامب في مواجهة عسكرية مباشرة مع ايران، ففكرة الحرب مع ايران لم تعد خيارا لدى امريكا ولا غيرها، بعد ان وأدت قوة الردع الايرانية هذه الفكرة والى الابد، وحولتها الى أحلام تراود اعداءها فقط. بل ما جمعهم هو الحقد على ايران والتنفيس عنه بجريمة الاغتيال الجبانة، وسد الطريق امام بايدن للعودة الى الاتفاق النووي.

اغلب المراقبين السياسيين، باتوا على يقين، كما كشفت الصحافة الامريكية، ان بومبيو، الذي جعلت منه ايران أفشل وأسوء وزير خارجية مرّ على تاريخ امريكا. ونتنياهو، الذي سيُطرد من منصبه بسبب فساده، دون ان يحقق امنيته في توريط امريكا لتحارب بدلا عن كيانه ايران. وابن سلمان، المملوء حقدا مرضيا على ايران، والذي لا نستبعد ان يفقد عقله بسبب هذا المرض، متورطون في جريمة اغتيال الشهيد فخري زادة، بدوافع شخصية وسياسية.

المحلل السابق في السي آي إيه والزميل بمعهد بروكينغز، بروس ريدل، يرى ، كما نقلت عنه مجلة "نيويوركر" الامريكية، ان من وصفهم بـ"الثلاثي المرح" بومبيو ونتنياهو وابن سلمان، يشتركون في التصميم على منع الرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن من العودة للمسار الدبلوماسي والاتفاقية النووية، لذلك سافر بومبيو الى الشرق الأوسط ورتب لقاء سريا بين نتنياهو وبن سلمان، لإحباط أي نوع من الدبلوماسية التي مورست أثناء باراك أوباما، فالسعوديون و"الإسرائيليون"، كما يرى ريدل، في وضع يائس ويريدون منع هذا مرة أخرى.

بالرغم من ايران كانت ومازالت تفضل الدبلوماسية في تسوية المشاكل والازمات، واكدت هذه الحقيقة عندما دخلت في مفاوضات مع القوى الكبرى الست، والتي انتهت بالاتفاق النووي، والذي مازالت متمسكة به رغم خروج امريكا منه وعدم التزام باقي الاطراف ببنوده. الا ان تمسكها بالاتفاق النووي، لا يعني ان تساوم على دماء ابنائها، علماء كانوا او سياسيين او عسكريين او مواطنين عاديين، لذلك سيكون ردها ، كما اثبتت التجارب الماضية، قاسيا وقاسيا جدا، على جريمة اغتيال الشهيد فخري زادة، وهو رد تكفله جميع الشرائع والقوانين الالهية والوضعية، ليس فقط للثأر لدماء شهيدها العزيز، بل لمنع اعدائها من التفكير، مجرد التفكير، في التعرض لاي مواطن ايراني مرة اخرى.

نبيل لطيف - العالم