الإتفاق النووي.. ولعبة الشرطي الجيد والشرطي السيىء

الإتفاق النووي.. ولعبة الشرطي الجيد والشرطي السيىء
الإثنين ٢١ ديسمبر ٢٠٢٠ - ٠٦:٤٦ بتوقيت غرينتش

أصدر وزراء خارجية ايران ودول مجموعة "4+1"؛ روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا، ومسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي، بيانا مشتركا في ختام الاجتماع غير الرسمي الذي عقدوه اليوم الاثنين، اكدوا فيه على التزامهم بالاتفاق النووي وضرورة التنفيذ الكامل والمؤثر لبنوده من قبل جميع الاطراف، واعربوا عن اسفهم العميق لخروج الولايات المتحدة من الاتفاق، وشددوا على ان القرار 2231 مازال ملزم التنفيذ تماما.

العالم كشكول

اللافت ان الوزراء اتفقوا في البيان على مواصلة الحوار لضمان التنفيذ الكامل للاتفاق النووي من قبل جميع الاطراف!!، كما اولوا الاهتمام بافق عودة محتملة للولايات المتحدة للاتفاق واعلنوا استعدادهم لتناول هذا الموضوع برؤية ايجابية في اطار جهد مشترك.

بعيدا عن اللغة الدبلوماسية التي صيغ بها البيان، الذي تطرق الى قضايا اخرى، والذي اكد على "ضمان التنفيذ الكامل للاتفاق من قبل جميع الاطراف" من دون ان يشير الى ما فعلته هذه الاطراف خلال الفترة الماضية، ومن هي الجهة او الجهات التي التوت والتي لم تلتزم!!، تبقى ايران تنتظر من الاطراف الاخرى التي اصدرت بيان اليوم، الافعال وليس البيانات والشعارات وحتى الاشادات، التي استخدمتها هذه الاطراف خلال اكثر من عامين، دون ان تخطوا خطوة عملية واحدة ، حتى ولو صغيرة، للتعويض عن الخسائر التي تكبدتها ايران جراء انسحاب امريكا.

بعد التجربة المرة التي مرت بها ايران، بسبب انسحاب امريكا من الاتفاق، وانتهاك الاطراف الاوروبية له ، من خلال عدم الالتزام على ما وقعت عليه، لم يعد ينطلي عليها دور الشرطي الجيد الذي تحاول اوروبا تجسيده امام دور الشرطي السيىء الذي لعبته امريكا، فمن اليوم وصاعدا الجميع من وجهة نظر ايران سيئون حتى يمتثلوا بما جاء بالاتفاق، كما لم تعچ تنطلي على ايران لعبة التهديد بالشرطي السيىء، من قبل الشرطي الجيد، للضغط على ايران، وهي لعبة مازال وزير خارجية المانيا هايكو ماس يمارسها باصرار واضح، فبعد تصريحاته السابقة عن التفاوض على اتفاق نووي جديد، عاد اليوم ليدعو ايران الى عدم تفويت فرصة احتمال عودة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن إلى الاتفاق النووي الإيراني، من خلال تفادي اتخاذ أي خطوات تجعل من الصعب على بايدن التراجع عن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق؟>

اليوم ليس امام ايران من بوصلة في تعاملها مع الاتفاق النووي، الا بوصلة الالتزام العملي والملموس للاطرف الاخرى بالاتفاق وليس اي شيء اخر. أما الاستقواء بالشرطي السيىء، والتلويح بهراوته، فباتت اساليب بالية وليس لها مكانا في سياسة ايران، الخاصة بالدفاع عن مصالحها وفقا لما جاء في الاتفاق النووي، وهو الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في عام 2015 لا غير، اما كل ما يقال من كلام عن توسيعه، أو التفاوض على اتفاق جديد، او تغيير بنوده، او اشراك جهات اخرى فيه، او اضافة وثيقة منفصلة اليه، فهو كلام ليس هناك من يصغي اليه في ايران.

يبدو ان وزير الخارجية الصيني "وانغ يي"، كان قد تلقى الرسالة الايرانية بوضوح بالغ عندما اكد في اجتماع اليوم، ان الخلافات المتعلقة بتنفيذ الاتفاق النووي يجب ان تحل بصورة عادلة وحيادية، محذرا من ان ربط قضايا الامن الاقليمي بالاتفاق النووي سيشكل سدا مصطنعا امام مسيرة احياء الاتفاق النووي.