"قمة العلا" السعودية.. هل يمهد ترامب لشن هجوم على إيران؟

الأربعاء ٠٦ يناير ٢٠٢١ - ٠٤:٥٣ بتوقيت غرينتش

يحاول البعض ان يحدد أياماً ومناسبات، من الان وحتى العشرين من شهر كانون الاول / يناير القادم، موعد إنتهاء ولاية الرئيس الامريكي المهزوم دونالد ترامب، ليربط بينها وبين ما يعتقد إنه واقع لا محالة، وهو قيام ترامب بشن هجوم على منشآت نووية إيرانية قبل مغادرته البيت الابيض، لمنع الرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن من العودة للاتفاق النووي، ومحاولة تعكير صفو عملية انتقال السلطة، والاهم من كل هذا وذاك الانتقام لـ"كرامته" التي مرغتها ايران بالوحل، عندما وقفت في وجهه، وقاومت غطرسته، وافشلت سياسته التي كانت تهدف تركيعها.

العالم قضية اليوم

رغم انه لا يفصلنا عن موعد العشرين من كانون الثاني / يناير، سوى 14 يوما، الا ان هناك من لا يكف عن تحديد ايام ومناسبات، يرى فيها دلائل وقرائن قاطعة على ان ترامب يفكر في شن هجوم على ايران، ومن هذه الايام، اليوم الاربعاء، 6 كانون الثاني/ يناير، لانه اليوم الذي سيجتمع فيه الكونغرس بمجلسيه -النواب والشيوخ- للتصديق على تصويت أعضاء المجمع الانتخابي، ولما كان ترامب يعلم ان اجتماع الكونغرس، هو عمل روتيني ورمزي لا يقدم ولا يؤخر في نتيجة الانتخابات، لذلك، كما يرى هذا البعض، سيحاول ترامب منع عقد هذا الاجتماع، او على الاقل افساده، عبر اتخاذ اجراءات داخلية وخارجية.

على الصعيد الداخلي، دعا ترامب انصاره في واشنطن للتجمع امام الكونغرس، في نفس الساعة التي سيعقد فيها الاجتماع، وهي الساعة 11 صباحا، للاحتجاج ضد تصديق الكونغرس على فوز الرئيس المنتخب جو بايدن، ما يرجح احتمال اقتحام الكونغرس من قبل انصار ترامب، وهو ما دعا قائد شرطة واشنطن أنصار ترامب إلى عدم إحضار أسلحة نارية الى الاحتجاجات. بينما طالبت عمدة واشنطن السكان بالابتعاد عن وسط المدينة.

ويرى هذا البعض، انه في حال فشل ترامب في افساد اجتماع الكونغرس ، فانه سيلجأ الى الخيار الخارجي وهو شن هجوم عسكري ضد ايران، من اجل البقاء في السلطة.

من دون الحاجة الى الغوص في تفاصيل هذا الراي، من الواضح انه ليس سطحيا فحسب، بل هو لا يعدو سوى ضرب من الخيال، فمن الصعب جدا تقبل ان يكون النظام السياسي الامريكي هشاً الى هذا الحد، ليتلاعب به شخص مثل ترامب ويوجهه كيف يشاء، فهناك حدود لصلاحيات الرئيس الامريكي، وخاصة عندما يدخل في مرحلة "البطة العرجاء"، بعد ان تتقلص هذه الصلاحيات، خلال الفترة المتبقية له على مغادرة البيت الابيض. ويبدو ان هذا النظم السياسي الامريكي سيكون اكثر حذرا في التعامل مع رئيس مثل ترامب، بعد ان تبين حتى لحزبه الجمهوري، انه معاق ذهنياً، ويشكل خطرا على امريكا والعالم.

اما من يعول على المناسبات، فقد اختار قمة دول مجلس تعاون الخليج الفارسي التي عقدت يوم امس الثلاثاء في مدينة العلا السعودية، حيث اعتبرها تمهيدا لشن هجوم على ايران!!. لماذا؟ لانها فتحت الحدود البرية والجوية بين السعودية وقطر، كما شارك فيها جاريد كوشنر صهر ترامب، وهي مشاركة اعتبرت مريبة.

اصحاب هذا الراي، يرون ان المصالحة التي تمت بين السعودية وقطر جاءت بضغط من ترامب وليس بفضل جهود امير دولة الكويت، فأمريكا و"اسرائيل" ومن اجل امتلاك حرية الحركة خلال الهجوم على ايران بحاجة الى ان فتح الاجواء وفتح الحدود البرية والبحرية، بين السعودية وقطر.

هذا الراي اكثر سطحية وشطحا من الراي الاول، فمع كل الاحترام للدول العربية المذكورة ، الا انها لا تقدم ولا تؤخر اذا ما قررت امريكا شن هجوم على ايران، فهذه الدول لا تملك ارادة منع الجيش الامريكي من استخدام اجوائها وارضيها ومياهها. هذ اولا ، ثانيا، اذا كان هدف القمة فتح الحدود بين دولها من اجل التحضير لضرب ايران، فلماذا لم تضغط امريكا على البحرين والامارات لفتح اجوائهما امام الطيرن الامريكي؟!!.

هناك اسئلة اخرى ستبقى دون جواب ايضا، منها؛ اذا كانت القمة تحضير لشن هجوم على ايران، كيف يجرؤ ملك البحرين حمد بن خليفة، وولي عهد ابو ظبي، على رفض المشاركة فيها؟، ولماذا اعتذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن المشاركة ايضا؟. من الواضح ان القمة هدفها الاول والاخير التطبيع مع "اسرائيل"، وعقدت بضغط من كوشنير الصهيوني، الذي يتحرك على ضوء مصلحة "وطنه الام اسرائيل"، وقد سخر حتى عمه ترامب من اجل هذه الغاية. لذلك سنشهد مستقبلا غزلا ثلاثيا لافتاً بين "اسرائيل" والسعودية وقطر.

اما "الهجوم على ايران" ، فإنه سيبقى حلما يراود كل من يدخل ويخرج من البيت الابيض دون استثناء، كما هو حلم يرواد نتنياهو ، كما راود من قبله ، وسيراود من بعده، الا انه في المحصلة النهاية سيبقى حلما، فإيران وبما تملك من قوة ردع هائلة، وقيادة شجاعة وحكيمة، وشعب صامد وصابر، وثقافة حسينية ضاربة جذورها في اعماق الروح الايرانية، اقبرت والى الابد هذا الحلم في قلوب كل الحاقدين عليها، فبات ينخر بهم كما تنخر حشرة الأرضة بالخشب.

سعيد محمد - العالم