عطوان: نقرع جرس الإنذار من مرحلة ما بعد المصالحة الخليجية وهذا ما كشفه اصدقاء ترامب!

عطوان: نقرع جرس الإنذار من مرحلة ما بعد المصالحة الخليجية وهذا ما كشفه اصدقاء ترامب!
الأربعاء ٠٦ يناير ٢٠٢١ - ٠٦:٤٣ بتوقيت غرينتش

من تابع تعبيرات وجوه القادة الخليجيين المشاركين في قمة المصالحة التي انعقدت في مدينة العلا يوم امس الثلاثاء، يلمس دون أي عناء علامات التهجم والحيرة، وغيابا كاملا للمظاهر الاحتفالية التي من المفترض ان تعكس ضخامة “الإنجاز”، ولوحظ ان التوقيع على البيان الختامي تم دون أي نوع من الحماس، وغادر البعض قاعة الاجتماع فورا.

العالم - السعودية

تصَدُر جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره للمشهد، ومتابعته لكل التفاصيل سواء عبر الهاتف قبل وصوله، او في كواليس القمة قبيل انعقادها، يؤكد ان الاتفاق الذي جاء عموميا، وجرت صياغته على عجل، كان نتيجة املاءات أمريكية، وفي اطار سيناريو حرب امريكي ربما يكون عدوانا على ايران، واشعال فتيل حرب تحرق الشرق الأوسط، والمنطقة الخليجية بالذات.

***

العناق الحار فجأة وبعد تردد، وامام العدسات لا يعني الغفران، وتناسي ثلاث سنوات من العداء والشتائم، ونهش الاعراض، فنحن نتعاطى هنا مع “خصومات” بين قبائل عربية تعود جذورها لقرون، وليس من السهل ان تختفي بسهولة.

الإنجاز الأبرز الذي تحقق حتى الآن يتمثل في الفتح “الفوري” للأجواء والحدود البرية والبحرية، وهذا مطلب امريكي بحت، فالرئيس ترامب الذي يتصرف هذه الأيام مثل الثور الجريح، لا يمكن ان يمضي قدما في أي حرب ضد ايران، والأجواء والحدود بين الدول التي ستكون ميدانا مؤكدا لها، ورأس حرب فيها مغلقة.

أمريكا لم تكن ابدا، وفي كل عهودها، جمهورية كانت او ديمقراطية مع وحدة العرب، والتضامن بينهم، وعملت دائما على بذر بذور الفتنة والانقسام واغراق دولهم في حروب وحمامات دم، ولنا فيما حدث في العراق وليبيا واليمن وسورية ابرز الأمثلة في هذا المضمار، ولذلك فان “المصالحة” و”التعايش” بينهم هو آخر ما تسعى اليه، خاصة في ظل إدارة الرئيس الحالي المتهور ترامب الذي يلفظ أيامه الأخيرة في البيت الأبيض بسبب الطعنات القوية التي تنهال عليه من كل الجهات، وآخرها خسارة حزبه للأغلبية في مجلس الشيوخ بعد خسارته للانتخابات.

نعم نتفق مع بعض التحليلات والآراء التي تقول ان الأطراف المتورطة في هذا الخلاف الخليجي بدأت تشعر بالتعب بعد اقترابه من دخول عامه الرابع، ولكن ليس بهذه الطريقة تأتي المصالحات، والنهايات للصراعات المماثلة، او غير المماثلة، ولا نستبعد ان يكون “اتفاق العلا” مجرد هدنة، او استراحة محارب، قد تطول او تقصر، لمعرفتنا بحجم الأحقاد الدفينة، وتجارب الخلافات السابقة التي حفلت بالمؤامرات العسكرية، ومحاولات تغيير الأنظمة بقوة الغزو، ونحن نتحدث هنا عن حرب “الخفوش” تحديدا، ناهيك عن حرب داحس والغبراء.

تنقية الأجواء من خلال المصارحة وجها لوجه، كانت دائما الطريق الأقصر للوصول الى المصالحة، الدائمة او شبه الدائمة، ولكننا لم نشاهد أي تطبيق عملي لهذه القاعدة الذهبية في تسوية الخلافات الخليجية، والعناق التلفزيوني لا يمكن ان يكون دليلا، او بديلا، لطي صفحات الخلاف، ودفن الأحقاد، وابراء جروحها في ساعات معدودة بالتالي.

***

نعم.. قمة العلا كانت لحظة تاريخية فارقة لمجلس التعاون الخليجي، لان القرار بعقدها والمصالحة “السريعة” التي تمخضت عنها، وما ترتب عليها من فتح للأجواء والحدود، وعودة العلاقات الدبلوماسية، لم تكن قرارا سياديا خليجيا صرفا، والا ماذا كان يفعل “المعلم” كوشنر في اروقتها في وقت تغلي بلاده بالأحداث الضخمة، ويواجه “حماه” اعنف تحديا في تاريخه.

فعندما يقطع ترامب اجازته ويعود الى البيت الأبيض، ويكتب احد أصدقائه المقربين جدا يدعى وأين روث في تغريدة على “تويتر” “ان امرا كبيرا سيحدث في شهر يناير الحالي، وان ترامب لن يذهب دون قتال، ولن ينتهي قريبا”، فان من حقنا ان نقلق فما زلنا نؤمن اننا اشقاء وامه واحدة رغم رؤية البعض لغير ذلك.

عبد الباري عطوان - راي اليوم