ماذا لو ضبطت السعودية حبوبا مخدرة في شحنات امريكية؟

ماذا لو ضبطت السعودية حبوبا مخدرة في شحنات امريكية؟
الأحد ٢٥ أبريل ٢٠٢١ - ٠٦:٥٦ بتوقيت غرينتش

تعلن السلطات السعودية بين الحين والآخر إحباطها عملية ادخال مخدرات او حبوب مخدرة الى المملكة، قادمة من عدة دول وجهات من ضمنها تركيا وحليفتها الامارات وحتى في داخل السعودية نفسها.

العالم - كشكول

لكن في توقيت اختارته السعودية جيدا، اعلنت فجأة قرارا بمنع استيراد او مرور الفواكه والخضراوات اللبنانية من وعبر أراضيها بذريعة انها تسبب بزيادة تهريب المخدرات. ويعني ذلك القرار التوقف عن استيراد ما يزيد على خمسين الف طن سنويا من المنتجات الزراعية اللبنانية.

القرار، يزيد من حالة التردي الاقتصادي في لبنان، حيث الأخير بدأ يشهد مرحلة انهيار غير مسبوقة، ودخول العاصمة بيروت مرحلة الظلام الدامس، لعجز شركة الكهرباء عن سداد ديونها، فيما البلد أساسا يواجه فيروس كورونا، ونقص الأوكسجين، وسط تخبط وتأخير في تشكيل الحكومة.

اللافت والمثير للتساؤل أن السعودية اعلنت اكثر من مرة انها احبطت دخول شحنات مخدرات الى اراضيها، ففي كانون الأول عام 2019 أعلنت السلطات السعودية أنها ضبطت 10 ملايين و10 آلاف حبة كبتاغون على منفذ حدودي مع الإمارات، وقد وصفت السلطات السعودية يومها العملية بأنها "من أكبر محاولات التهريب في السنوات الماضية". رغم ذلك، استمر التنسيق بين البلدين، ولم يتخذ أي إجراء لتجميد العلاقة التجارية الثنائية.

وفي كانون الأول 2020، أعلنت السعودية إحباط تهريب 8 ملايين و753 ألف حبة كبتاغون من تركيا إلى داخل المملكة. وتحول الموضوع حينها إلى وسم على وسائل التواصل الاجتماعي، ومحاولات ضغط لوقف الاستيراد من تركيا، الامر الذي لم يتحول الى أمر واقع، وبقي الأمر في حدود المقاطعة غير الرسمية لبعض البضائع التركية، التي انطلقت على خلفية التشنجات السياسية بين البلدين ولم تربط يوما بشحنة الكبتاغون.

وفي 21 كانون الثاني 2021، أعلنت مديرية مكافحة المخدرات السعودية إحباط تهريب نحو 20 مليونا و190 ألف قرص كبتاغون، عبر ميناء جدة، مخبأة في شحنة عنب… ليتكرر الأمر في الميناء نفسه في 5 نيسان الجاري، مع محاولة تهريب 5 ملايين و200 ألف قرص مخبأة داخل شحنة برتقال.

وفي تشرين الأول عام 2015، القت السلطات اللبنانية القبض على الأمير السعودي "صاحب السمو الملكي" عبد المحسن بن وليد آل سعود، متلبسا بتهريب نحو 2 طن من حبوب الكبتاغون في مطار بيروت.

عبد المحسن، الذي بات معروفا باسم "أمير الكبتاغون"، كشف عن تورط أفراد من العائلة الحاكمة، ليس في تعاطي المخدرات فحسب، بل أيضا في الإتجار بها وتهريبها من لبنان في طائرة تحظى بحصانة ملكية! التحقيقات يومها أظهرت أيضا أن أميرا ثانيا هو مشتبه فيه، وبعدما عاش عبد المحسن مكرما داخل زنزانته، نجحت التدخلات من السلطات السعودية في شراء براءته ولصق التهمة بمرافقه.

تعد الرياض واحدة من بؤر تجارة المخدرات، الكبتاغون تحديدا في العالم، وباتت هذه المشكلة تمثل تحديا أمام مجتمعها. لكنها لم تلجأ في أي من الحالات إلى تجميد العلاقات التجارية كما فعلت مع لبنان مؤخرا.

السعودية لا تريد مكافحة تجارة الكبتاغون، بل اتخذت من شحنة الرمان ذريعة لتطبق حصارا سياسيا على لبنان. وبعدما فقدت أدوات التغيير السياسية أو العسكرية، وتيقنت من أن ميزان القوى لا يميل إلى مصلحتها، وجدت أمامها الورقة التجارية لتلوي بها ذراع خصمها. وهكذا قررت "مملكة الخير" ضرب لبنان بواحد من "امتيازاته" القليلة، وهي صادراته الزراعية المحدودة.

الأذى لم يقتصر على منع إدخالها إلى السعودية، بل حتى منع أن تكون أراضيها ممرا للبضائع اللبنانية، من الأحد وحتى التاريخ الذي يرضى فيه ولي العهد محمد بن سلمان عن لبنان، أو يطلب منه ذلك. هي نفسها الدولة التي تضغط على دول عربية أخرى لمنع تأمين أي مساعدة للبنان.

توحي السعودية في بيانها أنها ناشدت الجهات اللبنانية وقف عمليات التهريب، من دون الاستجابة لطلبها. إلا أن مصادر دبلوماسية وأمنية تؤكد أن أحدا لم يتواصل معها أو يطلب التنسيق. والسعودية لم تسلم أي ملف يتعلق بتهريب الكبتاغون، وحتى يوم أمس لم تقدم المعلومات المطلوبة، كمعرفة المصدر مثلا.

وقد تريد السعودية من خلال هذا الاجراء الضغط على القوى السياسية اللبنانية من اجل تشكيل حكومة تتوافق مع مصالحها، بعد فشلها في تحقيق هذا الامر خلال الاشهر الاخيرة.

لم يحصل في العالم أن كان التهريب سببا لوقف العلاقة التجارية، وربما يكون من أكبر الأمثلة على ذلك العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك. فمعالجة التهريب تتم بطلب زيادة التعاون الأمني والملاحقة وغيره، وخاصة أن للمهربين أساليبهم التي ينجحون عبرها في التحايل على كل الإجراءات.

لذلك، التحليل الأولي يقود إلى بعد سياسي للقرار السعودي. يضاف إلى ذلك، كلام رئيس تجمع المزارعين والفلاحين في البقاع إبراهيم الترشيشي، الذي قال إن السعودية تستورد وحدها ما يزيد على 50 ألف طن سنويا من الإنتاجات اللبنانية الزراعية، مضيفا إن "الشاحنة الأخيرة محملة بالرمان، ونحن لا نملك رمانا لنصدره بل نستورده، قائلا إن مصدر الشاحنة هو سوريا.

وبما ان التهريب موجود ويحدث في اغلب دول العالم، وخاصة الولايات المتحدة الاميركية والمسكيك ودول قارة امريكا الجنوبية، فإن سؤالا يتبادر الى اذهاننا: ماذا لو ان السعودية كشفت شحنة مخدرات او ممنوعات في احدى الشحنات الامريكية؟ هل ستمنع السلطات السعودية دخول او مرور البضائع والمنتجات الاميركية، وهي كثيرة، على اراضيها؟ وكيف ستتعامل مع الولايات المتحدة ان لم ترد على "مناشداتها"؟