تواصل الإدانات الحقوقية لإعدامات قضية كرداسة في مصر

تواصل الإدانات الحقوقية لإعدامات قضية كرداسة في مصر
الخميس ٢٩ أبريل ٢٠٢١ - ٠٢:٤٨ بتوقيت غرينتش

تواصلت الانتقادات الحقوقية والسياسية داخل مصر وخارجها، لإقدام السلطات على تنفيذ عقوبة الإعدام شنقا في عدد من السجناء الصادرة ضدهم أحكام نهائية في القضية المعروفة إعلاميا بـ «اقتحام قسم كرداسة».

العالم-مصر

فقد أدانت 6 منظمات حقوقية مصرية مستقلة، في بيان، إقدام السلطات على شنق عدد من المحكومين في ساعة مبكرة من صباح الإثنين الماضي، بعد محاكمة شابتها مخالفات جسيمة لقواعد المحاكمات العادلة، فضلاً عن تنفيذها في نهار شهر رمضان ودون إخطار أسر المحكومين أو محاميهم أو السماح لهم بزيارة أخيرة وفق اشتراطات القانون المصري.

وتضمنت قائمة المنظمات الموقعة على البيان كلا من «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» ومركز «النديم لمناهضة العنف والتعذيب» و«المفوضية المصرية للحقوق والحريات» و«المركز الإقليمي للحقوق والحريات» و«الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» ومؤسسة «حرية الفكر والتعبير».

وحسب البيان: جرى تنفيذ أحكام الإعدام شنقا في سجن وادي النطرون بحق تسعة من بين 20 متهما حكم عليهم بالإعدام في القضية رقم (12749 لسنة 2013 جنايات مركز كرداسة) والمعروفة إعلاميا بـ «اقتحام قسم كرداسة» وهي الأحكام التي كانت صدرت في يوليو/ تموز 2017 عن إحدى دوائر الإرهاب في محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، ثم أيدتها محكمة النقض في سبتمبر/ أيلول 2018.

انتقام سياسي

وطالبت بوقف أحكام الإعدام الجماعية التي تصطبغ بشبهة الانتقام السياسي، وبتأجيل تنفيذ أحكام الإعدام في الوقت الحالي، خاصة في ضوء الزيادة الكبيرة في معدل إصدار أحكام الإعدام وتنفيذها بصورة لم تشهد أي تباطؤ منذ الربع الثاني من عام 2017 وحتى الآن.

ولفتت إلى عدم صدور أي بيان رسمي من وزارة الداخلية أو مصلحة السجون التابعة لها أو النيابة العامة بشأن الإعدامات الجماعية المنفذة.

ووفق البيان، أعلنت مصادر قانونية متطابقة أنها تأكدت من هوية ستة من المحكوم عليهم عبر التواصل مع أقاربهم الذين أفادوا بتلقيهم اتصالاً من مصلحة السجون لإبلاغهم بالحضور لاستلام جثامين ذويهم بعد شنقهم، وهم: عبد الرحيم عبد الحليم عبد الله جبريل (يبلغ من العمر 81 عاما) وعلي السيد علي القناوي، ومصطفى السيد محمد يوسف القرفش، وعصام عبد المعطي أبو عميرة تكش، وبدر عبد النبي محمود جمعة زقزوق، ووليد سعد أبو عميرة أبو غرارة.

انتهاكات في التحقيقات

وأكدت المنظمات أن انتهاكات عديدة لحقوق المتهمين وقعت أثناء نظر القضية، من ضمنها عدم حضور محامين مع المتهمين أثناء التحقيقات، وعدم تمكينهم من التواصل مع محاميهم أثناء المحاكمة، فضلاَ عما ذكره المتهمون أمام المحكمة، من إجبارهم على الإدلاء بأقوال غير حقيقية، واستناد النيابة إلى تحريات مجهولة المصدر في توجيه الاتهامات؛ وجميعها أوجه إخلال جسيم بحق المحاكمة العادلة وبالأخص في القضايا المصحوبة بالحكم الأقصى في قانون العقوبات المصري والأكثر قسوة دون إمكانية الرجوع فيه أو تصحيحه.

وتابع البيان: الوتيرة المتزايدة في تنفيذ أحكام الإعدام بالجملة لم تعد نمطا مستجدا في مصر، حيث شهد شهر مارس/ آذار الماضي شنق 17 شخصا على الأقل.

وزاد: بدأ هذا التسارع غير المسبوق والمستمر في تنفيذ الإعدامات مع نهاية 2020 عندما شنقت السطات المصرية 53 شخصا في شهر أكتوبر/ تشرين الأول وحده، ثم 37 شخصا في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني في قضايا جنائية وأخرى ذات طابع سياسي، وهو عدد يتجاوز الإجمالي السنوي للإعدامات لكل من السنوات الثلاث الماضية.

وتابع البيان: مصر أصبحت في المرتبة الثالثة عالميا بين الدول العالم من حيث معدل تنفيذ حكم الإعدام خلال عام 2020، وفقا لتقرير صدر قبل أسبوع عن منظمة العفو الدولية.

وأكدت المنظمات أن خطورة استخدام عقوبة الإعدام بهذا الإيقاع المفرط تكمن أولا في الافتقار لضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين أثناء سير القضايا، وثانيا غياب الشفافية في تداول المعلومات أو الكشف عن بيانات تتعلق بالقضايا المصحوبة بحكم الإعدام، وهو ما يمنع بدوره فرصة إجراء نقاش مجتمعي واسع حول العقوبة.

وطالبت بتأجيل تنفيذ أحكام الإعدام بشكل مؤقت لحين إجراء نقاش مجتمعي واسع حول العقوبة، ودراسات منهجية حول قدرتها على الردع ومنع تكرار الجرائم، والنظر في تقليل عدد الجرائم التي يُعاقب عليها بالإعدام، وإعادة النظر في قانون الإجراءات الجنائية وسد الثغرات الموجودة به التي تخل بحقوق المتهم وحق الدفاع ليصبح متسقا مع نصوص الدستور المصري، وتنفيذ الالتزام الدستوري بتعديل تشريعي يسمح باستئناف أحكام الإعدام الصادرة عن دوائر الجنايات، ومباشرة دراسة تقليل عدد الجرائم التي تعاقب بحكم الإعدام تناسبا مع ما وافقت عليه مصر في الاستعراض الدوري الشامل بمجلس حقوق الإنسان عام 2019. فعلى البرلمان إعادة النظر في قوانين العقوبات والإرهاب والأحكام العسكرية والمخدرات لتقليل عدد الجرائم المعاقب عليها بالإعدام.

كما طالبت بإعادة إصدار تقارير دار الإفتاء المصرية السنوية بخصوص الآراء التي يبديها مفتي الجمهورية في قضايا الإعدام والتي توقفت في عام 2012 وتتضمن التقارير مراسلاتها مع محاكم الجنايات المختلفة، وأعداد القضايا التي قام مفتي الجمهورية بالتصديق فيها على إعدام المتهمين كخطوة أولية في الشفافية وتداول المعلومات عن العقوبة.

وأيضاً طالبت المنظمات مجموعة «العمل الوطني المصري» التي تضم شخصيات معارضة في الداخل والخارج، أمس الأربعاء، في بيان، الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بوقف أحكام الإعدام المسيسة في مصر.

ووفق البيان، أحكام الإعدام بحق المعارضين المصريين صادرة عن محاكم استثنائية (دوائر إرهاب) مشكلة بالمخالفة لنص المادة 97 من الدستور، ومن ثم فهي منعدمة الأثر دستوريا وقانونيا.

وأضاف منددا بإعدام المواطنين الأبرياء في القضية المعروفة إعلامياً بأحداث قسم شرطة كرداسة، أن هذه المحاكمات الاستثنائية تفتقر إلى أدنى معايير العدالة. وحذر من أن هذه الأحكام مُسيسة وتهدف إلى إرهاب الشعب، ما ينذر بإرهاب مضاد يصنعه النظام عبر المؤسسات التي يهيمن عليها.

وشدد على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لاتخاذ ما يلزم نحو إلزام مصر بوقف تنفيذ أحكام الإعدام لا سيما في القضايا السياسية، وتكثيف الجهود والتنسيق والتعاون من أجل وقف تنفيذ إعدامات تعسفية أخرى.

مجزرة جديدة

أما جماعة «الإخوان المسلمين» فقد قالت إن «الشعب المصري فوجئ بمجزرة جديدة لعدد من المواطنين الأبرياء الرافضين للانقلاب العسكري؛ حيث اقترف العسكر جريمة قتل جماعي لهؤلاء المواطنين المتهمين ظلما، بناء على أحكام انتقامية من قضاء مسيَّس».

وأوضحت في بيان أن «الغريب أن تتم هذه المجزرة في نهار شهر رمضان المبارك، دون احترام لجلال وقدسية الصيام، وكذلك بعد حملة إعلامية مضللة، تم فيها صب الزيت على نار الانقسام المجتمعي، ما يؤكد انحدار مستوى النظام وأركانه إلى هوة سحيقة، في وقت تتعرض فيه مصر لوباء كورونا، ولتهديدات استراتيجية لحقوقها في مياه النيل».

وتابعت «هذه المجازر المتتالية بحق أبناء الشعب المصري الرافضين للانقلاب لن توقف مسيرة الثورة، ولن تطفئ جذوتها، وسيواصل كل الأحرار نضالهم حتى تنال مصر حريتها، ويتم إحقاق الحقوق على أرضها الغالية».

كذلك تساءل حزب «غد الثورة» عن سبب «الأهمية القصوى لتنفيذ هذه الأحكام أثناء الشهر الفضيل، ونحن على بعد أيام من عيد الفطر، ما سيسبب دون شك كربا وألما وغما لأهالي المحكوم عليهم لا تستطيع هذه السلطة التي لا يروى ظمأها للدماء تبريره، أو توضيح وجه التعجل، وعدم إبداء الاحترام اللازم للشهر الكريم».

وزاد في بيان، «كان أولى بهذه السلطة أن تنتبه لتزايد أعداد شهداء القطاع الطبي التي تشهد اطرادا مرعبا، في ظل تزايد مخيف لأعداد المصابين بفيروس كورونا، بعدما اكتشف الشعب أن هذه السلطة لا تملك سوى الصور الزائفة المصطنعة لتصديرها للناس، علها تجلب لهم مزيدا من الإلهاء أو بعضا من الأمنيات الكاذبة، أو المسكنات التي تزيد أسوأ نظام اختبره المصريون عبر تاريخهم الطويل، تمكينا وفجورا، ويزيد إثيوبيا تعنتا وتعجرفا، لأنها فقط تتوقع استمرار هذا النظام».

تخويف وإرهاب

إلى ذلك أدانت حركة «النهضة» التونسية بشدة الاعدامات. وقالت في بيان إن هذه الإعدامات تأتي إثر محاكمات صوريّة فاقدة لمقومات المحاكمات العادلة ودون أدنى ضمانات لحقوق المتّهمين، كما أكدته تقارير المنظمات الحقوقية المختصة.

وأوضحت أنها تضم صوتها الى جميع الأصوات الحرّة المنددة باستمرار المحاكمات السياسيّة بمصر والتنكيل بالمعارضين، مشيرة إلى حاجة الشعب المصري الشقيق للمصالحة والسماحة والسلم والتعقل بديلاعن الانتقام والتشفّي وتوريث الأحقاد والثأر.

وأيضاً، انتقد الرئيس التونسي الأسبق، المنصف المرزوقي، الإعدامات قائلا عبر «فيسبوك» إن هذا الرجل اسمه عبد الرحيم عبد الحليم جبريل، لا يهمني دينه أو أيديولوجيته أو التهم التي وجهت إليه، ما يهمني أنه إنسان، أنه شنق وهو في الثمانين من العمر. واعتبر أن الخطوة تعني ذروة التخويف والإرهاب التي يعتمدها النظام العسكري في مصر لفرض سلطته الانقلابية، داعيا إلى استئناف الثورة ومواصلة مشروعها.