البعض يرجع الامر الى سببين. الاول، ان سوريا تنتظر نتائج الانتخابات التركية في الثاني عشر من الشهر الجاري وبالتالي لا تريد ان تعطي اردوغان ورقة "سورية" رابحة يستطيع من خلالها ان يوهم ناخبيه الاسلاميين ان سوريا تحارب التيار الاسلامي وهو ما حاول استغلاله من خلال تشبيه ما يحصل في سوريا حاليا بما حدث في الثمانينات في حماة.
في حين ان ما وقع في حماة كان نتيجة ما قامت المجموعات الارهابية من تفجير وقتل للناس على الهوية تجربة "الطليعة المقاتلة" التي قاتلت النظام مقدمة نفسها انذاك كجناح عسكري لجماعة الاخوان المسلمين قبل ان يلفظها الاخوان انفسهم ويتبرؤوا منها؟ ربما. وهو ما لم تنكره جماعة الاخوان المسلمين نفسها لا بل ان اردوغان ذهب الى ابعد من ذلك ليقارن الوضع الحالي باستخدام صدام حسين الاسلحة الكيمياوية في حلبجة مقللا من اهمية تعرض الجيش السوري والشرطة والقوى الامنية لكمائن عصابات مسلحة حيث تعمد التقليل من اعداد الجيش الذين يتعرضون يوميا لهجوم المسلحين متناسيا ان حكومته هي من تقصف مواقع الاكراد في شمال العراق بالطائرات في حين تسعى سوريا لحل مشكلة الاكراد ودمجهم في الوطن.
اما السبب الثاني، فيعود الى ان سوريا تنتظر لتخرج من ازمتها وعندها سيكون لكل حادث حديث حيث سيتم حينها الفرز بين الصديق الصدوق والصديق الذي يترك صديقه لاول هزة يتعرض لها بعد ان كانت هذه العلاقات توصف بالاستراتيجية على الصعيد السياسي.
اما على الصعيد الشخصي فكانت العلاقة بين الاسد واردوغان توصف بالعائلية ومن ثم لتصبح العلاقات السورية التركية في احسن حال وتلغى تاشيرة الخروج ويقام مجلس اعلى للعلاقات السورية التركية على المستوى الاقتصادي في حين دخل الرئيس الاسد في وساطة مع ارمينيا لتبييض وجه تركيا في العالم وهي التي تتحمل وزر مجازر الارمن - الابشع في التاريخ - لا بل استطاع الرئيس الاسد ان يدخل تركيا الى كل الوطن العربي بعد ان كانت هذه العلاقات تصطدم بالصخرة السورية. فعدا عن كونها في نظر العرب وريثة الاحتلال العثماني، هي اليوم تحتل اراض سورية (لواء الاسكندرونة) اي انها في نظر العرب محتلة لاراضي عربية. لكن مسالة صراع الوجود مع اسرائيل جعل سوريا تعض على الجراح وتطوي صفحة اللواء الى ما شاء الله ما فتح شهية اردوغان ليكون السلطان العثماني الجديد ولينقلب على سوريا في اول فرصة
والسؤال ماذا لو فعلت سوريا مع المعارضة التركية وخصوصا الكردية ممثلة بحزب العمال الكردستاني ما فعلته تركيا في انطاليا وعقدت مؤتمرا في طرطوس او اللاذقية او دعمته بالمال والسلاح؟ هل كان اردوغان وطاقمه سيسكتون؟ لكن الحكمة السورية وكما هو معهود "تمهل ولا تهمل!"
ما قلناه عن تركيا ربما ينطبق على قطر باعتبارها الدولة العربية التي كانت الاكثر قربا من سوريا حيث حلت هذه الـ "قطر" الى جانب سوريا وايران في دعم المقاومة في كل من لبنان وفلسطين واخذت مكان السعودية في انجاز اتفاق الدوحة الخاص بالازمة الحكومية في لبنان والكل يعرف انه لولا الموافقة والتشجيع من سوريا لما حظيت قطر بما حظيت وصار امير قطر ضيفا مرحبا به في كل وقت وهو الذي يملك من القصور في سوريا اكثر ما يملك في قطر، هنا يصح القول وللاسف ان قدر سورية هو الطعن بها من قبل اصدقائها.
المصدر: ميدل ايست اونلاين