لماذا تريد أمريكا نقل آلاف الأفغان ممن تعاون معها إلى الكويت وقطر؟

لماذا تريد أمريكا نقل آلاف الأفغان ممن تعاون معها إلى الكويت وقطر؟
السبت ٢٤ يوليو ٢٠٢١ - ٠٥:٤٢ بتوقيت غرينتش

قالت صحيفة رأي اليوم اللندنية ان الإدارة الأمريكية تواصل مباحثاتها مع حكومتي قطر والكويت لإقناعهما بـ”إيواء” آلاف “المترجمين” وأسرهم في قواعدهما العسكرية في البلدين بصورة “مؤقتة” ريثما تصدر الموافقة على منحهم تأشيرات الدخول إلى الأراضي الأمريكية.

العالم- قطر

ولفتت الصحيفة اللندنية أن المفاوضات تتم بطريقة “سرية” ولولا تناول وسائل إعلام أمريكية لها ربما ظلت، وتفاصيلها، طي الكتمان، لأن الحكومات العربية، أو معظمها، لا تملك الشفافية الكاملة التي تمكنها من إطلاع صحفها ومواطنيها على مثل هذه المسائل.

التسريبات الصحافية الأمريكية بحسب الصحيفة تقول إن هناك أكثر من 20 ألف طلب مقدم من مواطنين أفغان كانوا يتعاونون مع احتلال أمريكا وحلف “الناتو” طوال العشرين عاما الماضية، نسبة محدودة منهم من المترجمين، أما الآخرون فربما كانوا يعملون كمتعاونين أو عملاء الأجهزة الأمنية الأمريكية ضد المقاومة الأفغانية، ودول الجوار.

تعداد الجيش الأفغاني الذي أنشأته ودربته وسلحته الولايات المتحدة بعد غزوها واحتلالها لأفغانستان لكي يكون الحامي للدولة “الديمقراطية” و”العصرية” الأفغانية يزيد عن 300 ألف جندي، وهؤلاء تخلى عنهم “كفلاؤهم” الأمريكان، وتركوهم يواجهون مصيرهم باعتبارهم “خونة” في نظر حركة “طالبان” التي باتت تسيطر على 90 بالمئة من الأراضي الأفغانية، ومعظم معابرها الحدودية، وتطرق قواتها أبواب كابول حاليا.

وأضافت الصحيفة أن المدى الذي وصلت إليه المباحثات بين الحكومة الأمريكية ونظيرتيها الكويتية والقطرية - حول هذه المسألة، أي “إيواء” هؤلاء “المترجمين”، والمدة التي ستستغرقها إقامتهم في القواعد الأمريكية في البلدين، أو في “مدن” مصغرة محاذية خارجها، وما إذا كانت مفاوضات موازية تجري في دول أخرى مثل البحرين والأردن والسعودية والإمارات في الإطار نفسه- غير معلوم حتى الآن فالتكتم على التفاصيل هو سيد الموقف في جميع هذه الدول، وتعتبر هذه المسألة من الأسرار العسكرية العليا شديدة الحساسية، التي لا يجب على الشعوب الاطلاع عليها.

وترى الصحيفة أن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو حول النوايا الأمريكية الحقيقية من إيواء هؤلاء في قواعدها في الدول الخليجية، فإذا كان الهدف هو انتظار ترتيبات السفر وتأشيرات الدخول إلى أمريكا فلماذا تتأخر هذه الترتيبات والتأشيرات أولا، ولماذا لا ينتظر هؤلاء في أفغانستان نفسها حيث من المقرر أن تغادرها جميع القوات الأمريكية قبل الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) المقبل؟

ثم هناك سؤال آخر: لماذا يتم نقل هؤلاء إلى الكويت وقطر مباشرة وليس إلى الولايات المتحدة؟ أو إلى عواصم دول حلف “الناتو” الأوروبية التي شاركت في احتلال أفغانستان بأكثر من 160 ألف جندي؟

فطالما أن هؤلاء سيتم نقلهم وأسرهم على ظهر الطائرات الأمريكية من أفغانستان، فلماذا لا تواصل هذه الطائرات رحلتها إلى القواعد العسكرية في اليابسة الأمريكية، وما أكثر هذه القواعد وأضخمها، وأكثرها تجهيزا وراحة لاستقبال هؤلاء “الأبطال” الذين خدموا الاحتلال الأمريكي لبلادهم وربما قاتلوا أبناء جلدتهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة وقتلوا المئات وربما الآلاف منهم؟

عناصر “الخوذ البيضاء” الذين كانوا وما زالوا يخدمون تحت راية قوات الاحتلال الأمريكي والأوروبي والتركي في سورية جرى نقلهم من حلب وحماة والغوطة إلى الأردن، وعبر الأراضي الفلسطينية المحتلة تمهيدا لترتيب نقلهم إلى أمريكا وعواصم أوروبية بعد استعادة الجيش العربي السوري لهذه المناطق، ولم يقيموا ليلة واحدة في المدن “الإسرائيلية” المحتلة، ولا نعرف حتى كتابة هذه السطور ما إذا كانوا قد غادروا الأردن أم ما زالوا على أراضيه.

نتمنى أن تتحلى الحكومات العربية والخليجية التي تتفاوض مع أمريكا لجلب “جواسيسها” إلى أراضيها، سواء للإقامة داخل القواعد العسكرية، أو خارجها، بكل الوعي والتبصر بمخاطر هذه الخطوة قبل إصدار قرار الموافقة، خاصة أن الحفاظ على التركيبة السكانية يتربع على قمة أولويات هذه الدول حسب أدبياتها المتداولة.

أمريكا تلقت هزيمة قوية ومذلة بعد عشرين عاما من احتلالها لأفغانستان، وخسرت 3500 جندي من جنودها، علاوة على ترليوني دولار، وربما تضغط على حلفائها العرب حاليا لتحمل جزء من هذه الخسائر، والانخراط في عمليات ثأرية ضد المقاومة الأفغانية، ربما يكون بعض هؤلاء “المترجمين” رأس حربة فيها.. والله أعلم.