درعا على صفيح ساخن وساعات تفصلنا عن الحسم

درعا على صفيح ساخن وساعات تفصلنا عن الحسم
الأربعاء ٢٥ أغسطس ٢٠٢١ - ١٢:٢٧ بتوقيت غرينتش

ما زالت درعا جنوب سوريا في واجهة الاحداث، والمسار فيها نحو التصعيد، بعد ان اقتربت المحافظة الجنوبية من إقفال أحد آخر ملفات التوتر فيها، والدخول مجدّداً في مسار اعادة الامن والاستقرار، ومع البدء بتنفيذ اتفاق التسوية في درعا البلد، وخروج أول دفعة من المسلحين الرافضين للتسوية إلى مناطق سيطرة التنظيمات الإرهابية في شمال البلاد، أقدم ارهابيون يتبعون لداعش على إطلاق النار بشكل مكثف لعرقلة تنفيذ الاتفاق.

العالم - كشكول

هناك خلف معبر السرايا في مدينة درعا، والواصل بين منطقة درعا المحطة ودرعا البلد، ادخلت الدولة السورية حافلتين لنقل اول دفعة من المسلحين الرافضين للتسوية، وعددهم 10 مسلحين كدفعة اولى، الا ان المدعو محمد المسالمة الملقب ب"هفو" وهو متزعم مجموعة مسلحة، ومتزعم تنظيم داعش الإرهابي مؤيد الحرفوش الملقب بـ"أبو طعجة" رفضا الخروج، وترافق ذلك الرفض مع اطلاق المسلحين للاعيرة النارية تجاه المدنيين المتجمعين في تلك المنطقة، وتم تعطيل الاتفاق، في الوقت الذي ارسل فيه الجيش السوري تعزيزات عسكرية ثقيلة ضمّت رتلاً من دبابات ومدافع ثقيلة وعربات نقل جنود وصلت إلى مدينة درعا لإنهاء التوتر في المدينة، مع تجهيز مراكز اقامة مؤقتة للاهالي الراغبين بالخروج من تلك المنطقة.

إن ما يجري في درعا يؤكد ان الفوضى احد عوامل العدوان على سوريا، مازالت هي المحرك الرئيسي لعدم الاستقرار، ضمن فصول عديدة منها، المفاوضات العبثية والمماطلة، عدم الالتزام بالاتفاقيات، الدعاية الاعلامية المفبركة، كلها تجري في ازقة ضيقة داخل منطقة درعا البلد وطريق السد والمخيم في مدينة درعا، ما يعني ان قوى العدوان وبالذات الولايات المتحدة الامريكية والكيان الاسرائيلي وبعض الدول العربية والاقليمية، مازالت تستثمر في المؤامرة على المنطقة، ومن الجدير ذكره ان الدولة السورية لا تواجه مجموعات مسلحة في درعا، بل تواجه مشاريع كبرى منها اقتطاع الجنوب السوري بالكامل، واعادة الاعتبار لمشروع الجدار الطيب، والذي يعتبر مشروعا استراتيجيا لكيان الاحتلال الاسرائيلي، فالدولة السورية حاولت بكل طاقتها ان تفرض سلطتها تنفيذا للاتفاقات السابقة، وابعدت فكرة استخدام السلاح، إلا ان المسلحين هاجموا قوات الجيش في نقاط عديدة، بل اوصلوا المنطقة الى منزلق خطير، ومن ثم بدأت مرحلة المفاوضات التي تشير الى اتساع صبر الدولة السورية كثيراً حفاظا على دماء الاهالي وممتلكاتهم، وصبر الدولة اطاح على الارض قواعد الاستفزاز من قبل المجموعات المسلحة وتصريحات الدول المساندة لها، وهي مازالت تفسح المجال امام الطريق الذي ستسلكه المجموعات المسلحة وقوافلها الى الشمال السوري.

واحد اوجه هذه الفوضى، اعاد السيناريوهات السابقة في الحرب التي فرضت على سوريا، وتحديدا شبكة الاخبار المزيفة والاشاعة والحرب الناعمة والتسويق لافكار الامريكي والاسرائيلي، بما يخص المشاركة الايرانية في الدفاع عن سوريا، والتي تبرع في استخدمها مجموعات تدربت على ايدي السي اي ايه، وتحاول بعض وسائل الاعلام الممولة من بعض دول الخليج، ومنصات تواصل اجتماعي تدار من قبل المخابرات الغربية، زج اسم ايران في كل خبر، حتى ولو كان يتحدث عن درجات الحرارة، في ايحاء منها انها تملك المعارف الدقيقة، عبر استخدام الصور الايحائية والشعارات الحماسية، للتأثير على الشعوب واغتصاب افكارها والتأثير في قراراتها، بالاضافة الى وصول التأثير الى المجتمع الدولي، مستخدمين اسلوب بات قديما وهو الاشاعة، والتي تتمحور حول التواجد الايراني في درعا، واستخدام التكرار ووضخ معلومات مغلوطة على نطاق واسع، ونشرها بأشكال لغوية مختلفة، حيث اصبحت هذه الفكرة كسميفونية تتلى على مسامع الجميع، ضمن تكتيك في علم الحرب النفسية والناعمة. اضافة الى ذلك لوحظ في محنة درعا البلد، حركة كثيفة لجيوش الكترونية، كان دورها ضخ الاخبار التي لا تستطيع وسائل اعلام تقليدية بثه، ومن ضمن هذه الجيوش كانت جيوش تدار من دول عربية لبث افكار واتهامات ممنهجة ضد الجيش السوري والتواجد الاستشاري الايرني، استخدمت التحريض وانكار الحقائق والوقائع، من خلال قالب جاهز متسم بطريقة تشويه واضحة، محاولة تحقيق احد الاهداف وهو تأجيج الرأي العام الداخلي والعربي والدولي ضد محور المقاومة، وتعزيز الضغوط النفسية على قيادته، وتغيير القناعات وتبديل الارادات ما يحقق هدف الكيان الاسرائيلي والولايات المتحدة الامريكية في الجنوب تحديداً.

لكن ما تحاول المجموعات المسلحة والدول الراعية لها، تمريره عبر وسائل الاعلام، من اهداف واضحة، يصطدم بجدار الحقيقة، فالجميع بات يعلم ان الوجود الايراني في سوريا، هو وجود مستشارين عسكريين، وان صاحب القرار والحسم والتنفيذ هو بيد الدولة السورية والجيش السوري، وكل تلك الاشاعات والحرب النفسية والناعمة، لم تعد تجدي نفعاً بل باتت مكشوفة للقاصي والداني، ولن توقف ما تصبو اليه الدولة السورية، وهو اعادة سيطرتها وسلطتها على كامل اراضي الجمهورية، ومنها مناطق درعا في الجنوب.