لبنان..ترسيم الحدود المائية على نار حامية

لبنان..ترسيم الحدود المائية على نار حامية
الثلاثاء ٢٨ سبتمبر ٢٠٢١ - ٠٧:٥٠ بتوقيت غرينتش

ما يُؤسف له حقا أن ينقسم اللبنانيون حول ثروة لبنان النفطية والغازية، وهي الثروة التي يمكن أن تكون حبل نجاة للوطن قبل إعلانه بلداً مفلساً غير مؤهّل للاستمرار والحياة!

العالم-لبنان

قبل استعراض مراحل التفاوض غير المباشر الذي رعته الأمم المتحدة بين لبنان والعدو بحضور المراقب الأميركي، انبرت إحدى الصحف اللبنانية المحلية لتقول بالحرف الواحد: توضح مصادر مواكبة أنّ هذا المرسوم كان قد التزم إحداثيات الخط 23 في خرائط الحدود البحرية اللبنانية الجنوبية بينما أعمال الحفر التي أعلنت شركة "هاليبرتون" عزمها المباشرة بها بالاستناد إلى العقد الموقع بينها وبين السلطات "الإسرائيليّة" إنما تقع إلى الجنوب من هذا الخط، ما يعني أنّ لبنان لا يملك حقّ الاعتراض عليها طالما أنه لم يعدّل مرسوم حدوده البحرية إلى مستوى إحداثيات الخط 29 وإيداعه في سجلات الأمم المتحدة، لا سيما أنّ تعديل المرسوم الساري لا يزال محتجزاً في أدراج قصر بعبدا وينتظر توقيع رئيس الجمهورية عليه لإرساله إلى الأمم المتحدة.

مثل هذه الجرأة على الانحياز إلى غير الجانب اللبناني تستدعي توضيحاً ووضع النقاط على الحروف، والضرورة تستدعي مثل هذا التوضيح.

وللتذكير، بدأ لبنان في ترسيم حدوده البحرية اعتباراً من العام 2002، وكلفت الحكومة اللبنانية مركز سائمسون لعلوم المحيطات بالتعاون مع المكتب الهيدروغرافي البريطاني بإعداد دراسة لترسيم الحدود الإقليمية والمنطقة الاقتصادية الخالصة، لإجراء مسح جيولوجي للتنقيب عن النفط والغاز.

وواجه هذا الجهد صعوبات في الترسيم لسبب عدم وجود خرائط بحرية دقيقة وواضحة جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة.

وفي عام 2006 عادت الحكومة اللبنانية وكلفت المكتب الهيدوغرافي البريطاني بإجراء دراسة جديدة لترسيم الحدود البحرية للدولة اللبنانية، ولم تكن هذه الدراسة المكلفة أفضل من الدراسة التي سبقتها.

وفي 17 كانون الثاني 2007 وقع لبنان مع قبرص اتفاقيّة حول تعيين حدود المنطقة الحدودية الخالصة بهدف توطيد علاقات الجوار والتعاون في عهد الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة في خطوة متسرّعة تركت أكثر من علامة استفهام! وهو ما أدّى إلى خسارة لبنان 360 كلم مربعا.

واستندت هذه الاتفاقية إلى القوانين المرعية الإجراء في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وتمّ تحديد المنطقة الخالصة بين لبنان وقبرص على أساس خط الوسط.

لكن الدولة اللبنانية لم تبرم الاتفاقية مع قبرص التي وقعت اتفاقية أخرى مع "إسرائيل"2011 متجاهلة ما تمّ الاتفاق عليه مع لبنان ما أدّى إلى خسارة لبنان مساحة مائية تزيد على 360 كلم.

ورفض لبنان في حينه هذا الاقتراح، واقترح الجانب الأميركي في حينه أن يكون خط "هوف" خطاً موقتاً وليس حدوداً نهائية، لكن الجانب اللبناني رفض الاقتراح خشية تحوّل الموقت إلى دائم وهو ما يرغب به الجانب "الإسرائيلي".

وأعاد ساترفيلد الأميركي طرح خط "هوف" غير أنّ لبنان رفض المقترح مجدّداً.

واستمر ساترفيلد بمفاوضاته مع الجانبين اللبناني و"الإسرائيلي"إلى أن تمّ تعيين ديفيد شينكر خلفاً له في أيلول 2019.

وفي الأول من تشرين الأول 2020 أعلن الرئيس نبيه بري "اتفاق إطار" لإطلاق المفاوضات بين لبنان و"إسرائيل" لترسيم الحدود.

وتوقفت الاتصالات في 11 تشرين الثاني 2020 منذ ذلك الوقت بسبب شروط مسبقة لدولة الاحتلال. وهذا الملف يأتي في طليعة الملفات الملحة التي ينبغي لحكومة الرئيس ميقاتي تحريكها وتجاوز حالة الارتباك المتأتي من الاتفاقية الموقعة بين لبنان وقبرص التي أبرمتها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وبالتالي التصدي لطموحات الجانب "الإسرائيلي" الذي يريد الاستثمار السياسي وصولاً إلى ما يشبه التطبيع، كما حصل بين مفاوضين صهاينة وبعض القبائل العراقية المنبطحة في أربيل العراقية.

المصدر: صحيفة البناء