أردوغان..  ومسرحية السفراء العشرة

أردوغان..  ومسرحية السفراء العشرة
الإثنين ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ - ٠٢:٣٩ بتوقيت غرينتش

اعتاد العالم على الخطابات الشعبوية والتصريحات النارية وسیاسة حافة الهاوية للرئيس التركي رجب طيب اردوغان ازاء العديد من القضايا الاقليمية والدولية، والتي سرعان ما يتراجع عنها، بعد ان تنتفي الضرورة التي تقف وراءها، وهي ضرورات داخلية في الاغلب الاعم، كما هو حال تهديده مؤخرا بطرد 10 سفراء غربيين بينهم السفير الامريكي، لدعوتهم للإفراج عن رجل الأعمال التركي عثمان كافالا الذي يقبع في السجن منذ 5 سنوات حتى بعد تبرئته.

العلمكشكول

في يوم 18 تشرين الاول / اكتوبر دعا سفراء كل من كندا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وهولندا والنرويج والسويد وفنلندا ونيوزيلندا وامريكا، في بيان مشترك، الى حل عادل وسريع لقضية كافالا والى إطلاق سراحه فورا. وعلى إثره استدعت وزارة الخارجية التركية السفراء العشرة ووصفت البيان بأنه غير مسؤول. الا ان اردوغان ذهب بعيدا جدا عندما قال في كلمة ألقاها أمام حشد في إقليم إسكي شهر بشمال غرب تركيا "أصدرت الأمر الواجب إلى وزير خارجيتنا وأبلغته بما يجب عمله، لا بد من إعلان هؤلاء السفراء العشرة أشخاصا غير مرغوب فيهم. افعل ذلك فورا"، وأضاف وسط تهليل وهتافات الحضور "سوف يعرفون تركيا ويفهمونها، اليوم الذي لا يعرفون فيه تركيا ولا يفهمونها سيرحلون".

اللافت ان جميع سفارات البلدان التي أمر اردوغان بطرد سفرائها، اعلنت انها لم تتلق إي إخطار عبر القنوات الرسمية من وزارة الخارجية التركية، الامر الذي يؤكد حتى وزارة الخارجية التركية لا تأخذ تصريحات اردوغان على محمل الجد، وهو الذي اعلن انه طلب من وزارة الخارجية تنفيذ اوامر الطرد فورا.

يبدو ان المعارضة التركية اعرف باسلوب اردوغان من غيرهم، حيث اعتبرت قرار اردوغان طرد سفراء عشر دول غربية حليفة لأنقرة، محاولة لصرف الأنظار عن متاعب تركيا الاقتصادية، وقال كمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض ان أردوغان يجر البلاد بسرعة إلى الهاوية، وان السبب وراء هذه التحركات ليس حماية المصالح الوطنية بل إيجاد أسباب مصطنعة لتخريب الاقتصاد.

أما يافوز أجير علي أوغلو نائب زعيم حزب الخير المعارض فقال :"رأينا هذا الفيلم من قبل"، وقال مخاطبا اردوغان:"عِد في الحال إلى أجندتنا الحقيقية ومشكلة هذا البلد الأساسية وهي الأزمة الاقتصادية"

الازمة المصطنعة التي يحاول اردوغان إثارتها، تأتي متزامنة، مع مخاوف المستثمرين من انخفاض قياسي في قيمة الليرة التركية بعد أن دفعت ضغوط من أردوغان استهدفت تحفيز الاقتصاد« البنك المركزي إلى خفض أسعار الفائدة بواقع 200 نقطة في الأسبوع الماضي.

العارفون بطبيعة اردوغان يعلمون ان الرجل لم يمض قدما على الدوام في تنفيذ تهديداته، ففي عام 2018 قال إن تركيا ستقاطع السلع الإلكترونية الأمريكية وكان ذلك خلال نزاع مع واشنطن، لكن مبيعات السلع الإلكترونية الأمريكية لتركيا لم تتأثر. وفي العام الماضي دعا الأتراك إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية بسبب سياسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المعادية للإسلام، الا انه لم يفعل ذلك ابدا.

العارفون بدهاليز السياسة التركية، يعتقدون ان الحكومة التركية ستجد مخرجا للحرج الذي وضع فيه اردوغان تركيا، حيث ستسعى للتهدئة، بعيدا عن خطابات اردوغان الشعبوية، وسياساته الكارثية، التي ارهقت الاقتصاد التركي، وهوت بالعملة الوطنية الى مستويات قياسية، رغم علاقات تركيا الوثيقة مع امريكا والغرب و"اسرائيل"!!.