لماذا يشجّع ملك الأردن مواطنيه على الالتحاق بـ'العمل الحزبي'؟

لماذا يشجّع ملك الأردن مواطنيه على الالتحاق بـ'العمل الحزبي'؟
الأحد ٢١ نوفمبر ٢٠٢١ - ٠١:٥٢ بتوقيت غرينتش

يبدو أن القصر الملكي الأردني يستشعر بحُكم العديد من الاستطلاعات ورصد النقاشات الحاجة الملحة لإعادة الاعتبار لوجود وصفات تنفيذية وإجرائية تحاول استعادة ثقه الرأي العام الأردني بمخرجات وتوصيات وثيقة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.

العالم - الأردن

ومن هذا المنطلق يمكن رصد وتفهّم وتحليل الإشارات التي صدرت عن القصر الملكي الأردني على شكل توجيهات جديدة هذه المرّة تحاول لتوفير مظلة وحماية لعملية تحديث المنظومة السياسية للدولة وهي عملية تثير اصلا مؤشرات الجدل والنقاش وسط ما يسميه سياسيون كبار بغياب اليقين والحاجة إلى أنماط من المصداقية على الخطاب الرسمي.

وانطلاقا من ذلك حملت الأنباء وتقارير الإعلام الرسمية الأردنية بعض تفاصيل التوجيهات التنفيذية التي صدرت أمس الأول وفي وقت متأخر للحكومة و لمجلس الوزراء و لنخبة من كبار السياسيين تحت عنوان العمل والحرص على ترجمة توصيات تحديث المنظومة على أرض الواقع.

في الأثناء صدر توجيه ملكي مباشر أيضا بأن تعمل الحكومة على تشجيع المواطنين على الانخراط في العمل الحزبي إضافة إلى وضع استراتيجية شاملة للالتزام مع المسار الذي حددته وثيقة تحديث المنظومة بخصوص تمكين المرأة والشباب في الأسابيع والأشهر المقبلة علما بان مثل هذه التوجيهات تحاول طمأنة الراي العام قبل أي شيء آخر على جديّة التعاطي والاشتباك مع وصفات تحديث المنظومة في الوقت الذي سيبدأ فيه الاثنين المقبل مجلس النواب مراجعة التشريعات.

وأغلب التقدير سياسيا هنا أن مركز القرار السياسي الاردني يحاول اضفاء غطاء جديد بارادة سياسية شاملة وعميقة لحماية مخرجات وتوصيات تحديث المنظومة حيث التركيز على الجانب المتعلق بترجمة التوصيات عبر الخطط التنفيذية الحكومية والتحفيز على الانخراط في العمل الحزبي بموازاة قرب استحقاق مناقشة تعديلات دستورية جوهرية واساسية وأيضا قرب مناقشة التعديلات المطروحة على تشريعات مهمة لها علاقة بقانون الانتخاب والأحزاب الجديدين.

وهي مسألة يفترض أن يبدأ النقاش تحت قبة البرلمان عليها في الأيام القليلة المقبلة.

وقد أظهر العضو البارز في مجلس النواب والمحامي والمرجع القانوني صالح العرموطي جملة مُتحفّظة مبكرة قبل ودون غيره عندما ابلغ الصحافة المحلية بانه يريد البقاء تحت القبة مداولا ومناقشا ومعترضا على بعض التعديلات الدستورية المقترحة بدلا من ترشيح نفسه لرئاسة اللجنة القانونية في المجلس بالدورة العادية المقبلة.

وصرّح العرموطي بأنه لا يريد ترشيح نفسه حتى لا يلتزم بالقيود المفروضة بالتصويت والتشاور التشريعي على رئيس أي لجنة، مؤكدا بأن بعض التعديلات القانونية والدستورية المعروضة ضمن سياق تحديث المنظومة السياسية للدولة خطيرة جدا وتستاهل المراجعة وتنتج واقعا جديدا مختلفا في الاردن قد يؤدي الى مخاطر.

دون ذلك لم يدل العرموطي بعد بتوضيحات.

لكن الأهم أن الحكومة لديها توجيهات ملكية مباشرة بتشجيع كل ما له علاقة بوثيقة تحديث المنظومة.

وهنا حصريا برزت أكثر من غيرها دعوة الملك عبد الله الثاني شخصيا الحكومة والسلطات لتشجيع الانخراط بالعمل الحزبي في المرحلة المقبلة حيث دور متوقع وبارز للاحزاب السياسية في عملية التشريع مستقبلا مع ان النائب العرموطي اكد بان التشريعات والتعديلات الدستورية المطروحة تحول دون الخلط بين الموقع النيابي والمنصب الوزاري في المرحلة اللاحقة بمعنى انها قد لا تؤدي الى تشكيل حكومات اغلبية برلمانية.

بالرغم من ذلك تفيد التوجيهات المرجعية الجديدة للحكومة بأن مركز القرار لديه علم مسبق بتخوفات النخب والصالونات السياسية وهي تخوفات تتجه بمسارين حتى الآن بالرغم من كل ما أعلن رسميا عن الاستعداد لمرحلة إدارة الأحزاب السياسية.

في المسار الأول مخاوف من مبادرات تؤدي الى تغذية وتسمين تجارب حزبية جديدة بصفة رسمية وقد عبر عن تلك المخاوف علنا مؤسس حزب الإنقاذ الإسلامي الأردني الشيخ سالم الفلاحات عندما اعاد تسليط الضوء على ما يسمى الآن بمشاريع أحزاب الأنابيب.

وفي المسار الثاني مبررات للتأكيد على تشجيع الانخراط في العمل الحزبي لأن ما يصدر عن حزب جبهة العمل الإسلامي وغيره يشير إلى أن بعض المؤسسات البيروقراطية والرسمية لا تزال تعمل في خندق يعارض العمل الحزبي بل ويعاقب عليه في بعض الأحيان.

* رأي اليوم