معركة سعيد بوجْه القضاء: كسْر «التابو» مكسباً وحيداً؟

معركة سعيد بوجْه القضاء: كسْر «التابو» مكسباً وحيداً؟
الإثنين ١٠ يناير ٢٠٢٢ - ٠٧:٥٩ بتوقيت غرينتش

يترقّب التونسيون، بتشكّك، مآلات القضايا المتعلّقة بالجرائم الانتخابية أو الدعاوى ذات الصبغة المالية أو الجزائية أو حتى الإرهابية، المدفونة في أروقة المحاكم على امتداد السنوات العشر الماضية. وإذا كانت ثمّة إيجابية في هذا المشهد، فهي أن القضاء عاد إلى دائرة ما يُسمح للعامّة بالتداول به.

العالم-تونس

تعهّد القضاء التونسي، أخيراً، بأن يَنظر في ملفّات الجرائم الانتخابية، وتولّى إحالة 19 شخصية سياسية على التحقيق في مخالفات وجُنح وجرائم انتخابية تعلّقت بالإشهار السياسي، وتجاوُز سقف الإنفاق المالي، وعدم شرعية الموارد المالية لبعض الأحزاب، بعدما كانت هذه الشخصيات تأمل أن تُقبَر ملفّاتها، كما تلك المتعلّقة بانتخابات 2011 و2014، حيث أضحى الإفلات من العقاب معتاداً لدى السياسيين في تونس.

وبتشريح بسيط للبنية القضائية المختصّة ببتّ هذه القضايا، يتبيّن دهاء المشرّع في حبك مسار لامتناهٍ من الردهات التي يمرّ بها الملفّ إلى حين سقوط الدعوى العمومية.

أوّل مَن يرصد المخالفات الانتخابية هي هيئة الانتخابات، التي يَنتخب أعضاءَها نوابُ البرلمان، وهو ما يجعل من المنطقي ما يصيبها من تفكّك وصراعات بعد أشهر من تشكيلها، تنتهي بفضح أعضائها بعضهم البعض وتقاذُف التهم حول الولاءات الحزبية، من دون أن تجرى أيّ تحقيقات حول ذلك.

فعلى سبيل المثال، امتنع القضاء عن التحقيق في مكالمة مسرّبة بين عضو الهيئة ومترشّح يملي عليه مواعيد زيارة أعوان الرقابة الانتخابية، والأمر نفسه انسحب على اتّهام عضو من الهيئة رئيسه ببيع قاعدة البيانات الانتخابية أو بالولاء لحزب سياسي مقابل تعيينه سفيراً إثر انتهاء عهدته كرئيس للهيئة.
حتى الهيئات التي قامت بواجبها في رصد المخالفات الانتخابية وصرّحت بذلك، وعلى رغم قطعيّة النص القانوني بوجوب إسقاط القائمة المخالِفة، وجد لها القضاء تأويلاً وأعادها إلى البرلمان.

أمّا بعد انتهاء «العُرس الانتخابي»، فتتعهّد محكمة المحاسبات بأن تَنظر في السجلات المالية للانتخابات والنفقات، وهي تمكّنت بالفعل، بإمكانيات بسيطة ويدوية، من حصْر قائمة من الإخلالات والجرائم وإصدار قرارات بخطايا وغرامات وإحالة الخروقات الجزائية إلى القضاء العدلي، ليبرز مجدّداً دهاء المشرّع أثناء صياغته القوانين التي تضْمن حصانته قبل تولّي مهمّة التشريع وبعدها؛

فمحكمة المحاسبات لا سلطة لها في إسقاط قائمات انتخابية ولا مترشّحين، أو في إصدار قرارات سالبة للحرية، وحتى قراراتها القضائية يمكن لقضاة المحاكم العدلية الاستعانة بها فقط ولا حجّة قاطعة لها. تسلّم القضاة العدليون الملفّات من القضاء المالي منذ سنة.

وعلى رغم الضغط الإعلامي الذي مارسه قضاة محكمة المحاسبات، مناشدين نظراءهم التحرّك من أجل حياة سياسية نظيفة وبرلمان من دون شبهات، لم تُفتَح التحقيقات رسمياً إلا في 28 تموز الماضي، كما لم تُجهَّز الإحالات على التحقيق إلّا منذ أيام قليلة.

المصدر: الاخبار

تصنيف :