الثورة الاسلامية اعادت القضية الفلسطينية من الهامش الی المتن

السبت ٠٥ فبراير ٢٠٢٢ - ٠٦:٣٤ بتوقيت غرينتش

أكد القيادي في حزب الدعوة عباس البياتي ان الثورة الاسلامية صعدت القضية الفلسطينية من الهامش المتن السياسي في الاهتمام الشعبي وفي الاهتمام السياسي وفي الاهتمام الدولي.

العالم - ضيف وحوار

وفي حديث لبرنامج "ضيف وحوار" علی شاشة قناة العالم الاخبارية، هنأ البياتي الذكری الـ43 لربيع الثورة الاسلامية معتبراً ان الاثار والتداعيات التي اعقبت انتصار الثورة، تكشف عن دورها وما أحدثتها في الواقع السياسي الاسلامي والعربي وفي منطقة الشرق الاوسط.

وأشار البياتي الی دور الثورة الاسلامية في اعادة القضية الفلسطينية من الهامش المتن السياسي قائلاً:"الثورة الاسلامية جعلت الجمعة الاخيرة من شهر رمضان يوماً عالمياً للقدس ولم يكن سابقاً مثل هذا هكذا يوم. ثانياً حولت السفارة الاسرائيلية في طهران الی سفارة فلسطين ثالثاً أصبح الحديث عن فلسطين والمقاومة حديث جدي وقد كانت المقاومة سابقاً ذات محتوی علماني قد يكون ماركسي قومي ولم يكن هناك وجود لشئ اسمه المقاومة الاسلامية فبرزت المقاومة الاسلامية كنِد قوي فرضت منطقها وخاصة في الايام الاخيرة رأينا كيف فرضت غزة منطقها علی العدو الاسرائيلي وكذلك علی المعادلة الدولية والاقليمية بحيث لجأت "اسرائيل" لأول مرة للأمم المتحدة وطالبت بوقف اطلاق النار".

وأوضح ان تعاطي المنطقة والعالم مع القضية الفسطينية قبل الثورة الاسلامية كان تعاطياً رسمياً من جهة وتعاطياً كلاسيكياً روتينياً من جهة اخری وبالتالي بدأت شيئاً فشيئاً تدخل في دهاليز واروقة السياسة والتسويات لكن الثورة الاسلامية جاءت لتعيد هذه القضية وتصوغها مجدداً وتضعها مرة اخری في سياقها الطبيعي، لانها تمثل قضية مركزية للمسلمين وللاحرار، منها ننطلق واليها ننتهي".

وأكد ان هوية المسلمين كانت تعيش انسحاقاً تحت التيارات التغريبية الوافدة الی المنطقة، بينما بدأ مع الثورة الاسلامية، الاعتزاز بالاسلام كعقيدة وهوية ودولة وقدرة قادرة علی ان تثير وتحرك وليست مجرد عبادة بين الانسان وربه.

واعتبر ان أفضل توصيف للتأثيرات الجيوسياسية للثورة الاسلامية كان من عدوها موشيه دايان الذي وصفها بأنها الزلزال الذي ضرب المنطقة وسوف لن ينتهي.

وحول علاقات ايران مع الدول الخارجية وبالذات دول المنطقة قبل وبعد الثورة الاسلامية قال البياتي:"كانت هذه العلاقة تشمل جانبين، الجانب الاول هو انسحاق ايران وعدم استقلالها امام القوی المهيمنة الكبری وبالتالي كانت الارادة مسلوبة والجانب الاخر كانت هذه الدول وكثير من دول المنطقة ولاسيما الخليجية كانت تنظر الی ايران والی الشاه كقوة اقليمية مهيمنة تحدد كل المعادلات".

وأضاف القيادي في حزب الدعوة:"بعد الثورة الاسلامية تغير هذان المعلمان المعلم الاول لان الجمهورية الاسلامية أصبحت مستقلة وغيرخاضعة لهيمنة مصالح الدول الكبری. ثانياً بدأت تمد ايران يد الصداقة والاخوة للاخرين وتعززهم انها جار تريد خيرهم وصلاحهم واستقلالهم وليس الهيمنة عليهم ولكن للأسف قوبلت هذه الدعوة بمزيد من ضخ الاموال الی نظام صدام البائد لكي يقوم بحربه المفروضة علی الجمهورية الاسلامية ثمان سنوات والتي أدت الی ما أدت من دمار وشهداء وجرحی في البلدين الجارين المسلمين الشقيقين".

وتابع ان هذه الدول بدل ما تحتضن هذه الثورة وتتفاعل معها وتجعل منها عنوان عزتها وكرامتها امام اصحاب المصالح الكبری؛ أصبحت تحسدها وتحاصرها وتمول كل ما ضدها داخلياً وخارجياً وبالتالي هذا انعكس علی امنها".

وبيّن البياتي ان الثورة الاسلامية احدثت صحوة ووعي بالهوية والوجود والعقيدة والاسلام وهذه الدول تعتمد علی معادلات اقليمية ودولية، جاءت قسم منها في غفلة من التاريخ وأصبحت انظمة ودول وحكومات في المنطقة بشكل عام الا ماندر وبالتالي تخشی هذه الدول أي حركة وعي وانبعاث اسلامی ووطنی أو وعي بواقع الحال لأن هذا سيؤدي الی مزيد من الاسئلة لدی الناس، لماذا نحن نعيش هكذا أين اموالنا، اين خيراتنا أين ديننا؟ لماذا يحصر الاسلام في بلداننا في المسجد؟ فبالتالي بعض الدول اصبحت تخشی هذه الشرارة ولهذا من أجل محاصرة الثورة الاسلامية، قالوا ان ايران تريد ان تصدر الثورة الاسلامية في حين ان ايران لم تفعل علی تصدير الثورة. ايران، اشعلت شمعة، والاخرين تفاعلوا معها كشعوب شمال افريقيا وغرب اسيا والخليج (الفارسي) وجنوب شرق اسيا وفي العالم.

وأضاف ان هذا التفاعل بدلاً من أن يتحول الی عامل ايجابي، تحول الی عامل سلبي بسبب خشية من بعض الدول ان تعي شعوبها واقعها المزري سياسياً اقتصادياً اجتماعياً وتنتهج نهج الجمهورية الاسلامية في اقامة دولة تعبر عن واقعها وعن هويتها، فبالتالي هذا الموقف المضاد جاء لاسباب منها الخشية من ان تبرز صحوة اسلامية ومنها ان الدول الكبری التي تضررت مصالحها بذهاب الشاه أصبحت تحرك هؤلاء ليكونوا سداً منيعاً امام شعاع الثورة الی المنطقة ومنها ان البعض كان يتصور ان الثورة الاسلامي حالة عابرة من الممكن بمحاصرتها ان تنتهي ولكن اليوم بعد 43 عاماً من الحصار والعقوبات، ايران، هي أكبر قوة اقليمية لاتعتمد علی سلاح مستورد، وأكبر قوة علمية لاتعتمد علی استيراد كل ما تحتاج اليه وانما بعض ما تحتاج اليه، ايران اليوم جعلت من الحصار و من العقوبات فرصة لكي تطور امكانتها العسكرية والدفاعية واليوم ايران من الدول القلائل في العالم لاتستورد لاالسلاح الخفيف ولا المتوسط وأصبحت قريبة ان تكتفي بالسلاح الثقيل.

وعن تأثير الثورة الاسلامية علی العراق قال القيادي في حزب الدعوة ان العراق جار لديه 1300 كيلومتر من الحدود ولديه علاقات اجتماعية وأواصر وارتباطات دينية وثقافية مع ايران فبالتالي كان العراق اول بلد تأثر بموج الثورة الاسلامية وكان موجاً من الخير والصلاح. فأولاً كان الامام الخميني في العراق لمدة 14 سنة وثانياً العتبات المقدسة وثالثاً الحوزة العلمية وتفاعلاتها كلها كانت أمور مؤثرة، فالشعب العراقي كان ليس فقط بشيعته بل حتی بكرده كان جداً متفاعل مع الثورة ومندفع معها، وبالتالي شرائح كثيرة في العراق كانت مع موجة الثورة الاسلامية، وعندما شاهد نظام البعث المأجور والمقبور هذا التفاعل وهذا الاندفاع اصبح يقفز الی الامام من خلال المواجهة القمعية بالحديد والنار لكل صوت اسلامي ولكل صوت معارض وحتی شنه للحرب المفروضة علی الجمهورية الاسلامية جاء لكي تُسكت أصوات المدافع، أصوات الذين عارضوه في الشارع فاذاً التفاعل العراقي كان تفاعلاً ايجابياً واسعاً وهذا التفاعل هو الذي أولد هذه الصحوة الاسلامية الذي نجد الان لديه عناوين كبيرة وكثيرة كعناوين الحشد والاحزاب والحركات الاسلامية، كلها تغذت بشكل واخر من الثورة الاسلامية ومن حركة الشهيد السيد محمد باقر الصدر اعلی الله مقامه.

وقال البياتي: التيار الاسلامي الان عاد فاعلاً في كل دول العالم الاسلامي، سابقاً كان الفاعل التيارات الماركسية والقومية والوطنية، الان التيار الاسلامي فاعلاً من طنجة الی جاكارتا وكذلك فاعل من بحر العرب الی البحر الابيض المتوسط من بحر خزر الی المحيط الاطلسي فبالتالي دائماً احزاب وتيارات اسلامية نزلت الی الارض وأصبحت تقاوم الاحتلال وتقاوم الدكتاتورية وتحاول ان تجد لنفسها ولبرامجها مكاناً تحت الشمس وفي الحكم وصياغة القرار الوطني لبلادانها.

وأضاف القيادي في حزب الدعوة: اليوم، في العراق، التيار الاسلامي تيار مترسخ ومتجذر، لم يلد هذا التيار بعد 2003 بل كان موجوداً قبل 2003 وعندما استلم بعد 2003 جزء من الحكم ومارس الحكم من خلال التفاهم مع بعض الشركاء الوطنيين، مارسه علی ضوء برنامج وطني ولكن هذا التيار لازال هو الضمان لاستقلال هذا البلد ولمنع الاختراق الاسرائيلي لهذا البلد ولازال هو الضمان لسيادة هذا البلد وبالتالي بقاء التيار الاسلامي هو بقاء ضمير هذه الامة وهذا الشعب، فالتيار الاسلامي مع ما يواجه من تحديات وهي تحديات ليست بقليلة، تحديات داخلية وتحديات خارجية ولكنه ليس بالتيار الذي سيشطب من خلال تضييقات هنا وهناك، التيار الاسلامي هو الان القاطرة التي تقود العملية السياسية في العراق ككل سواء كان من خلال علماء اعلام مجاهدين او من خلال رموز وقيادات او من خلال احزاب او من خلال الحشد الشعبي.

وعن موجة التطبيع مع الاحتلال الصهيوني التي تطال بعض الدول في المنطقة قال البياتي: العراق عصي علی التطبيع لأن الضمير الشعبي نتيجة الوعي الاسلامي والوعي الوطني، لديه حساسية من شئ اسمه التطبيع لان العراق اشترك بثلاث حروب مع هذا الكيان الغاصب 48 و67 و73 فبالتالي بمكان ان تكون هناك حالة تطبيع سياسي، نعم هناك ربما انفار وأشخاص معينيين يحاولون ان يطلقوا بالونات اعلامية من مؤتمر هنا و هناك ولكن الاتجاه الرسمي للدولة والاتجاه السياسي العام لكل المكونات ليس مع التطبيع وهو ضد التطبيع ولايحتاج التطبيع وانما هذه الدول التي لجأت الی التطبيع ارادت ان تحمي وجودها ونفسها امام حركة اقليمية دولية آتية عبر اما تسويات معينة بعد نجاح مؤتمر فيينا أو عبر صراع ستنهي هذه العناوين التي برزت في غفلة من التاريخ. العراق لن يكون في ركب التطبيع لا الان ولا غداً.

وعن الامام الخميني وقيادته للثورة الاسلامية ومن بعدها قيادة الجمهورية الاسلامية خلال عقد من الزمن، أكد البياتي ان الامام الخميني كان صادقاً مع نفسه ومع شعبه والذي يصدق مع نفسه وشعبه هو بالتالي صادق مع ربه والله هو الذي ينصر ولهذا هذا النصر الذي تحقق له تحقق له لهذه المزية، مزية الصدق، لم يكن سياسياً بروغماتياً يهتم بأن ينتصر وبالتالي ان يزيح الشاه وانما كان يهمه ان يؤدي تكليفه وهذا شئ مهم ان الانسان يشعر عليه تكليف وواجب ان يؤديه سواءاً انتصر أو لم ينتصر والله سبحانه وتعالی قد وفقه علی هذه النية.

وأضاف البياتي: من معالم المدرسة الخمينية والخامنئية المستمرة للخمينية أولاً معلم الهوية وترسيخ هوية الامة واشعار الامة دائماً ان الاسلام قادر، ان الاسلام يتمكن ان الاسلام يستطيع ان يواجه، هذا الشئ مهم و كان مفقودا وكان البعض يقول ان الاسلام لايستطيع ان یواكب العصر او العلم او التقدم او التطور واليوم عندما نشاهد ان الجمهورية الاسلامية قوة نووية سلمية وحيدة ربما في المنطقة مع ما عليها من الضغوطات. فاذا اولاً جعل الشعب والجميع يعتز بهذه الهوية كمنطلق لحركتهم كذلك في عملهم النقطة الثانية الاستقلالية، انت اعمل ما عليك بشكل مستقل تحافظ علی مصالح شعبك وناسك بالتالي الشعوب والدول الاخری ستحترمك وعندما تكون تبع للاخرين ستستهين بك والان ايران وحدها تجلس لتفاوض ست دول كبری في العالم. أي قدرة هذه، لماذا لم تفاوض دول خمسة زائد واحد، الدول الاخری؟ هناك دولاً اكثر مساحة من ايران وأكثر نفوساً من ايران.

لكن منذ قبل 2015 وحتی اليوم هذه الدول منشغلة بمفاوضات مع ايران، من أين جاءت هذه القدرة؟ جاءت من الاسلام وجاءت بهذا الاحساس انك عندما تركز علی مصالح شعبك سوف تحترمك الناس وعندما تكون تبعاً سوف لن تحترمك، هذه النقطة الثانية في المدرسة الخمينية، المدرسة الخمينية مدرسة قائمة علی أساس الاكتفاء والقوة وان الاسلام ليس مجرد شعار وهوية وعبادات، بل ان تكون قوياً، المؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ولهذا الان القوة الصاروخية الايرانية، القوة البحرية الايرانية، القوة النووية السلمية الايرانية؛ هذه القوی من أين جاءت؟ هذه فجرتها الهوية الاسلامية، فجرتها مدرسة اسمها مدرسة الامام الخميني واستمرار السيد الخامنئي، المدرسة التي تؤمن بـ"اعدوا لهم ما استطعتم من قوة" لتكون قوياً حتی يهابك الاخرون ويحترمونك، بالتالي هي مدرسة زاخرة بالدروس والعبر وهي مدرسة مفتوحة لايمكن اختزالها بلقاء مختصر.

وأكد ان العدو والصديق يرفع القبعة لهذه المدرسة ويعتقد بأنها مدرسة استطاعت ان تخرج ايران من فلك التبعية والدوران في فلك المصالح الغربية الی ان تصبح هي فلك تدور في فلكها الامم والشعوب المستضعفة التي تبحث عن حريتها وتبحث عن مصالحها وتبحث عن تحكیم ارادتها، هذه المدرسة قدوة ونموذجاً ليس فقط للمسلمين فهناك في اميركا اللاتينية دول كفنزويلا تتعامل مع ايران لانها تری ان هناك مدرسة استطاعت ان تبني نموذجاً في العصر الحديث قائماً علی العقيدة والاسقلالية والقوة وبالتالي حتی الاخرين الذين يحاصرون هذا النموذج ويحقدون عليه ويحسدونه ويحاولون ان يضايقون عليه، يكنون لها في داخلهم كل الاحترام والتقدير ويقولون ان ايران الان عقدة المعادلات الاقليمية.

وأضاف البياتي: منذ انتصار الثورة الاسلامية الی الان لاتوجد نشرة خبرية في اي دولة في الكرة الارضية الا وفيها خبراً عن ايران، مرة عن انتصار الثورة مرة عن الحرب العراقية الايرانية ومرة عن المحادثات النووية وكل يوم هناك خبراً عن ايران، منذ 43 سنة لحد الان، ماذا يعني هذا؟ هذا يعني ان هناك فعل وقوة وتأثير ونفوذ وايران باتت دولة اقليمية كبری لايمكن ان تعقد أي معادلة من دون ان تكون لها فيها بصمة ودور وتأثير.

التفاصيل في الفيديو المرفق ...