على وقع التضخم الأسوأ منذ ثلاثة عقود.. المغاربة ينزلون الشوارع للتظاهر

على وقع التضخم الأسوأ منذ ثلاثة عقود.. المغاربة ينزلون الشوارع للتظاهر
السبت ٢٦ فبراير ٢٠٢٢ - ٠٤:٠٦ بتوقيت غرينتش

يعيش المغرب على وقع التضخم، الذي بدأ يؤثر الارتفاع على أسعار الوقود والمنتجات الغذائية بشكل خاص، وفترة من الجفاف الشديد -وهو الأسوأ منذ ثلاثة عقود، ينعكس بالفعل على الإنتاج الزراعي، في بلد يعمل فيه أكثر من 40 بالمئة من السكان النشطين، ناهيك عن نقص النشاط الفعلي للسياحة منذ ما يقرب من عامين، وتلك واحدة من بين التداعيات الاقتصادية الأخرى للجائحة، التي تضرب المجتمع المغربي بلا رحمة.

العالم - المغرب

ودفع الانزعاج من تدهور الظروف المعيشية العديد من المغاربة للتعبير عن استيائهم في الشوارع، كما حدث في نهاية الأسبوع الماضي في الدار البيضاء وطنجة والرباط ومدن أخرى.

وكانت احتجاجات الأحد الماضي، في الذكرى الحادية عشرة لحركة “20 فبراير”، الحركة الالنسخة المغربية للربيع العربي.

وعلى الرغم من أن المسيرات، مثل تلك التي نظمت في الرباط، تميزت بحضور أسر تمثل الطبقة الهشة والفقيرة، رفعوا شعارات تندد بواقعهم المعاش.

السرقة في الأسواق

على الرغم من أنه بعيد عن التركيز الإعلامي الذي تتمتع به المدن الكبرى، إلا أن الأزمة تؤثر أيضًا على الحياة اليومية في الهامش المغربي، حيث يعيش غالبية السكان المغاربة.

وانتشرت يوم الأحد الماضي صور لمواطنين يسرقون فواكه وخضروات في سوق “أحد أولاد جلول” في مدينة القنيطرة الساحلية الواقعة على بعد 35 كيلومترا من الرباط، الأمر الذي أثار حفيظة العديد من المواطنين المغاربة.

ودقت المشاهد ناقوس الخطر، في البلاد، إذ أن الذاكرة الإقليمية الجماعية، لازالت تتذكر محمد البوعزيزي، البائع المتجول الشاب للفواكه والخضروات من بلدة سيدي بوزيد التونسية، والذي أشعل بحادثة إضرام النار في جسده فتيل “ثورة الياسمين” في كانون الأول/ ديسمبر 2010.

ومن جانبها، فإن حكومة الملياردير عزيز أخنوش، ربطت غلاء تكلفة المعيشة، بما يعيشه المغرب من “مناخ سياسي جديد… بفعل دينامية التنموية ومخرجات المسار الانتخابي الطويل”.

وأشار رئيس الحكومة المغربية إلى “الارتفاع المستمر في أسعار الحبوب والمحروقات في الأسواق الدولية”، داعيًا الفرقاء الاجتماعيين، إلى التحلي “بروح المسؤولية والتوافق”، من أجل “بلورة ميثاق اجتماعي مستدام بما يضمن تنافسية المقاولة، ويدعم القدرة الشرائية”.

“حكومة “الله غالب”

وإدراكًا منه للمخاطر التي قد يثيرها الاستياء في احتجاجات أكبر، وقبل أسابيع قليلة من بداية شهر رمضان المبارك، وهو ما يعني بالضرورة نفقات مالية كبيرة للأسر المغربية؛ أعلن الملك محمد السادس بنفسه الأسبوع الماضي عن خطة مفاجئة للتعامل مع عواقب الجفاف في البلاد، مساعدة مالية تبلغ قيمتها نحو مليار دولار.

كما أعلنت وزارة الاقتصاد عن دعم بـ350 مليون دولار لدعم أسعار الدقيق.

وقبل يومين، خرجت الأغلبية الحكومية، في ندوة صحفية، مدفوعةً بالأزمة الحالية التي تعيشها البلاد.

وخلال تلك الندوة، اعترف عزيز أخنوش؛ رئيس الحكومة؛ بصعوبة الظرفية العالمية وتأثيرها على الأسعار وطنيا ودوليا، مضيفًا “الغالب الله… نتمنى سقوط الأمطار!.

وأثار تصريح رئيس الحكومة، استفزاز المواطنين، الذين عبروا عن سخطهم من ما سموها “حكومة الله غالب”.

وكتب أحد المدونين على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك “بعد خروج الشعب في أغلب المدن المغربية للاحتجاج ضد غلاء الأسعار والإحتكار، كان الرد رئيس الحكومة أخنوش الله غالب”.

وتساءل قائلًا “أين حكومة الكفاءات، أين الحلول للخروج من هذه الأزمة، أين الوعود وبرامج الحزب الحاكم… الحكومة التي لا تجد الحلول عليها تقديم الاستقالة والاعتذار للشعب المغربي”.

ومن جهته، يعتبر يونس مسكين، المدير التنفيذي لـ”المعهد المغربي لتحليل السياسات”، أن هناك “مشكلة تواصل كبيرة وخطيرة، عند الحكومة الحالية لكن للأسف الشديد حلها لن يأتي بوصفات التواصل، لسبب بسيط هو أن العطب سياسي”.

وأضاف مسكين، أن “ما جرى من تجريف للحياة السياسية والفضاء العام، لم يترك لا أحزاب ولا نقابات ولا صحافة ولا فضاءات للنقاش والتفكير الحر، نسبيا، ما جعلنا أمام حكومة الفراغ ومؤسسات الفراغ… وفاقد الشيء لا يعطيه”.

وأشار الباحث إلى أن “مضمون الخطاب التواصلي للحكومة حول أزمة الأسعار يؤدي مفعولا عكسيا، وربما كان الصمت (على خطورته) أرحم من هذا الخطاب”.

وأضاف مسكين، “لماذا علينا انتظار أسابيع من الغليان واجتماع بروتوكولي معقد منمق لزعماء تحالف الأغلبية لنسمع هذا الأمر، لماذا لا نسمع خطابا رسميا في برامج الصباح الإذاعية والتلفزيونية، لماذا لا نجد خطابا رسميا سريعا وفوريا في المنصات الرقمية، كيف نستمر في التواصل بطريقة الثمانينات في عصر التواصل الحي المباشر؟”.

وخلص الباحث إلى أن “طريقة تواصل الحكومة تشعر الناس أنها ليست معهم، أنها من خلاهم، أنها ماضية في برامجها الخاصة مهما علت أصواتهم وصرخاتهم”.

” رأي اليوم”- سعيد المرابط