لبنان أمام أزمة غذاء و الاحتياطات الفعلية 8 مليارات دولار فقط؟

لبنان أمام أزمة غذاء و الاحتياطات الفعلية 8 مليارات دولار فقط؟
الخميس ٠٣ مارس ٢٠٢٢ - ٠٧:١٨ بتوقيت غرينتش

أكدت صحيفة الاخبار اللبنانية اليوم الخميس عن مصادر مطلعة لم تذكرها، أن مجمل الاحتياطات بالعملات الأجنبية المتبقية لدى مصرف لبنان لا يتجاوز 8 مليارات دولار بعد احتساب المتأخرات غير المسدّدة، أي أقلّ بنحو 4 مليارات دولار عن الرقم المعلن (12 مليار دولار) في ميزانية مصرف لبنان.

العالم - لبنان

المشكلة لا تكمن فقط في تدني قيمة الاحتياطات، بل في تسارع الطلب عليها من مستوردي الغذاء والدواء والمحروقات والقمح. فأسعار هذه السلع ترتفع عالمياً وبات يصعب شراؤها بسبب الطلب المتزايد عليها تحسباً لأزمة روسية - أوكرانية طويلة.

لم يحسم المجلس المركزي لمصرف لبنان رأيه في شأن تمويل شحنات القمح وفتح الاعتمادات سريعاً لها. فالمجلس مختزل بشخص حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وهذا الأخير ردّ على أسئلة أعضاء المجلس بأن الحكومة لم تبلغه بما تريد بعد، وعندما تفعل ذلك أنا بعرف احكيهن.

يتصرّف سلامة وكأن لبنان لا يعيش أسوأ أزمة نقدية - مصرفية - اقتصادية في تاريخه، وأن لا تداعيات لأزمة البحر الأسود التي بدأت تمتصّ كل المواد الأساسية في الأسواق الدولية وترفع أسعارها، فيما ليس لديه مخزون واسع منها بسبب شحّ التمويل بالدولارات منذ الانهيار.

تأمين مخزون محدود من السلع الأساسية يتطلّب الكثير من الدولارات التي يقع على عاتق مصرف لبنان تأمينها سواء من احتياطاته مباشرة أو من خلال إدارة التدفقات النقدية بالدولار.

حالياً، ما يقوم به مصرف لبنان هو إدارة التدفقات ومخزون الاحتياطات بالعملات الأجنبية من أجل ضخّ السيولة بالدولار في السوق عبر آليات متعدّدة مثل التعميم 161 والتعميم 158، وذلك بهدف تأمين حصول الانتخابات النيابية بشكل مريح لقوى السلطة.

لكن ما لم يكن في حسبانه هو أن تندلع أزمة روسية - أوكرانية وتخلق طلباً إضافياً على الدولارات. مصدر الطلب هم التجار الراغبون في استيراد السلع والمواد الأساسية التي بدأ يرتفع سعرها في الأسواق الدولية. وقد انعكس هذا الطلب الإضافي على الدولار، في ارتفاع حجم العمليات على منصّة «صيرفة» من مستوردي السلع الغذائية بشكل أساسي ومن مستوردي المحروقات أيضاً.

فحجم العمليات على منصّة «صيرفة» الذي تراوح بين 50 مليون دولار و60 مليون دولار في الأسبوع الذي سبق اندلاع الأزمة، ارتفع إلى 70 مليون دولار في أول أيام الأزمة قبل أن يقفز إلى 93 مليون دولار أول من أمس و87 مليون دولار أمس. ويتوقع أن يزداد الطلب خلال الفترة المقبلة.

وبحسب معلومات فإن ما جرى تداوله في اجتماع المجلس المركزي أمس، هو أن الاحتياطات بالعملات الأجنبية أصبحت 12.2 مليار دولار. لكن هذه الحسبة، لا تأخذ في الاعتبار أن هناك فواتير متأخّرة من عام 2020 لم يسدّدها مصرف لبنان تقدّر قيمتها بنحو 4 مليارات دولار. ما يعني أن الاحتياطات الفعلية لدى المصرف أصبحت تقترب من مبلغ 8 مليارات دولار، وهو مبلغ ضئيل جداً مقارنة مع تسارع الطلب على الدولارات. فالتقديرات تشير إلى أن مصرف لبنان بدّد حتى الآن أكثر من 400 مليون دولار لتثبيت سعر الصرف على 20500 ليرة، وهو يستعمل الدولارات المحوّلة من المغتربين عبر المؤسسات المالية المختلفة وأبرزها OMT.

لذا، لا يجب أن ننسى أن وفد صندوق النقد الدولي برئاسة أرنستو راميريز ريغو أعرب عن شعوره بالقلق من أن مسؤولي لبنان لن يعترفوا بالأزمة ويتعاملوا معها إلا بعد تبديد ما بين 3 مليارات أو 4 مليارات دولار إضافية خلال الأشهر المقبلة.

على أي حال، مسؤولية سلامة لا تقف عند حدود تأمين الدولارات للسوق المحلية، بل عليه مسؤولية تأمين الدولارات لشراء السلع الأساسية التي يفترض أن يكون لدى لبنان مخزون استراتيجي منها مثل القمح. فبسبب تأخّر «المركزي» في فتح اعتمادات البواخر وتسديدها في الأشهر الماضية، لم يتمكن لبنان من تكوين مخزون من القمح، فيما تعد أوكرانيا وروسيا أكبر منتجي القمح ومصدريه حول العالم، ما أدى إلى انعكاس الأزمة، فوراً، طلباً عالمياً كبيراً على هذه السلعة الاستراتيجية وارتفاعاً سريعاً في أسعارها.

كلمات دليلية :