عصابات السودان... مجموعات مرعبة وأمن ذاتي خطر

عصابات السودان... مجموعات مرعبة وأمن ذاتي خطر
السبت ٣٠ أبريل ٢٠٢٢ - ٠٩:٤٤ بتوقيت غرينتش

تشتكي العاصمة السودانية الخرطوم، هذه الأيام، من انتشار عصابات الخطف والنهب والسرقة التي يطلق عليها تسمية "9 طويلة"، ما يصيب السكان بهلع وخوف.

العالم - السودان

وتشكل الفتيات والنساء غالبية الضحايا التي تستهدفهم هذه المجموعات، وما زاد المخاوف أخيرا استخدام أفراد العصابات أسلحة نارية في تهديد المواطنين كي يستسلموا لهم ويسلموهم ما لديهم، ما جعل هؤلاء الأفراد يتورطون في جرائم قتل، علما أنهم لا يعملون في أماكن محددة، فهم ينشطون في الأسواق العامة وداخل الأحياء ومحطات المواصلات أو الطرق العامة، أو قرب المصارف والبنوك والمحلات التجارية الكبيرة. وأظهرت كاميرات مراقبة منصوبة في شوارع وأماكن تضم مؤسسات، أن غالبية منفذي العمليات شبان وبينهم صغار يقل سنهم عن 18 عاما.

ومنذ الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبرره بتدهور الأوضاع الأمنية في البلاد وبينها الانفلات الأمني في العاصمة، لاحظ كثر من سكان العاصمة الخرطوم، أن هذا الفلتان تضاعف بعد الانقلاب، وأصبح جزءا من الحياة اليومية حتى بعدما مضي نحو 6 أشهر من الانقلاب.

وفي ظل اتهام المواطنين السلطات الأمنية بالتباطؤ في التعاطي مع ظاهرة "9 طويلة"، بدأ سكان أحياء في الخرطوم بالتصدي بأنفسهم للمتفلتين عبر تنفيذ دوريات نهارية وليلية، لكنهم لا يسلمون من يوقفونهم للشرطة، بل يقيدونهم بحبال ويضربونهم بعنف، وفقا للقطات فيديو تناقلها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، وأظهرت قيام المواطنين بأدوار شرطيين وتنفيذهم القانون بأنفسهم، من دون أن يبدي كثر من الرأي العام ارتياحهم للظاهرة، باعتبار أن عواقبها المستقبلية كبيرة وقد تؤثر سلبا على المجتمع، خصوصا أنها تدل على غياب الدولة ومؤسساتها. وقد تحدثت تقارير عن مقتل مجرمين أثناء توقيفهم على أيدي مواطنين.

في المقابل، نفت الشرطة تقصيرها وتهاونها في التعامل مع أي نوع من الجرائم المرتكبة في الخرطوم، وأكدت جديتها في الحد من ذلك الانفلات الأمني. وتحدثت في بيان أصدرته أخيرا عن توقيف عشرات المشبوهين في حملات نفذتها في الأيام السابقة، وتمشيط عناصرها عددا من أحياء الخرطوم ومواقف عامة وأسواق وشوارع رئيسية فيها، والتي أفضت إلى احتجاز عدد كبير من الدراجات النارية والعربات بلا لوحات، وأسلحة بيضاء ومسدسات، في إطار خطط للحد من الجرائم المرتكبة في الخرطوم. كما شددت على أن هذه العمليات ستتواصل في الفترة المقبلة.

وتتحدث الدكتورة عرفة سر الختم، وهي موظفة في وزارة التربية والتعليم، عن استهداف أفراد من مجموعة "9 طويلة" لها قرب مستشفى رويال كير في منطقة بري بالخرطوم. وتوضح أن شابين خرجا من مسرب لتصريف المياه وهاجماها حين كانت في طريقها لدخول المستشفى الذي تتواجد فيه والدتها، وحاولا انتزاع حقيبتها لكنها لم تستسلم لأن الحقيبة احتوت على أوراقها الثبوتية. وأشارت إلى أن الشابين أسقطاها على الأرض، فتدخل بعض المارة لإنهاء حال الرعب، وخرجت من الواقعة بإصابات أبقتها 20 يوما في المنزل، وجعلتها تعاني من فوبيا "9 طويلة" التي تطاردها في كل مكان.

وتعزو سر الختم الانفلات الأمني السائد في الخرطوم حاليا إلى تلاشي الثقة بين المواطنين والمنظومة الأمنية بعد الثورة، وتلمح إلى "وجود تساؤلات كثيرة حول هويات أفراد 9 طويلة، ومدى علاقتهم بالنظام القديم الذي كان هدد سابقا باستخدام كتائب الظل، أو حول علاقتهم بمجموعات مسلحة دخلت الخرطوم أخيرا ضمن عملية السلام". وأشارت إلى افتقاد اتهامات حالية كثيرة حول هوية هذه المجموعات للمصداقية، وجددت تأكيد أهمية بناء الثقة من جديد بين المواطنين والمنظومة الأمنية بما يحقق الأمن للجميع، كما اقترحت القيام بحملات توعية واسعة في هذا الشأن تتضمن جوانب أخرى غير بعيدة عن الظاهرة، مثل انتشار تعاطي المخدرات وسط الشباب.