وفي حالة استخدام الولايات المتحدة الاميركية حق النقض (فيتو) في مجلس الامن تستطيع فلسطين في راي المحللين التحرك الجاد والتوجه الى الامم المتحدة، لنيل مكانة دولة مراقبة في الامم المتحدة، بل ومواصلة التفاعل مع الدول التي ابدت استعدادها للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ومن بينها اعضاء دائمون في مجلس الامن، بالاضافة الى احياء الجبهات السياسية والدبلوماسية التي اهملت في السنوات السابقة، وخاصة القرار الاستشاري لمحكمة لاهاي بشان الجدار العنصري الاسرائيلي، والنشاط باتجاه الهيئات والمؤسسات القانونية والحقوقية الدولية، من اجل محاكمة كيان الاحتلال على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني.
وتاتي اهمية العضوية المراقبة لفلسطين كدولة في الامم المتحدة لانهاء المزاعم الاسرائيلية بان الارض الفلسطينية هي ارض متنازع عليها، وتاكيد جديد لكل قرارات الامم المتحدة السابقة على انها ارض فلسطينية محتلة منذ عام 67 بما فيها القدس، وهي الان ارض الدولة الفلسطينية الواقعة تحت الاحتلال الاسرائيلي والواجب تحريرها، وتمكين شعبها من حقه في تقرير مصيره.
كما تاتي اهمية العضوية المراقبة لفلسطين كدولة في الامم المتحدة لاسقاط الفكرة التي اوجدها كيان الاحتلال في فلسطين على اساس نظرية اسرائيل بديل لفلسطين، واليهود بديل للشعب الفلسطيني، واسقاط هذه الفكرة يتاتي في راي المحللين بتاكيد وتجسيد دولة فلسطين عن طريق اعتراف دول العالم بها وبحدودها اولا، وتعامل المجتمع الدولي معها كشخص من اشخاص القانون الدولي ثانيا.
وينبه المحللون على ضرورة الاخذ في الاعتبار باخطار الاساليب الملتوية وافشالها، كاضاعة الوقت عن طريق التعديلات وتعديلات على التعديلات على مشروع القرار قيد البحث، حتى نفاد الوقت المحدد، او تقديم اقتراح بتاجيل البحث في هذه المسالة الى الدورة القادمة.
وتتمثل متطلبات التقدم لطلب العضوية لفلسطين الى الامم المتحدة استكمال العناصر الاساسية لتكوين الدولة بتشكيل حكومة الدولة، وهنا يجب الاشارة الى دولة فلسطين هي التي اعلنها المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988، ومرجعيتها الواردة بحيثيات وثيقة الاستقلال، وهي نفس الدولة التي اوصت بها الجمعية العامة للامم المتحدة في قرارها رقم 181 لعام 1947.
ويامل المراقبون في التغيير المطلوب في العلاقات الدولية، بما يسمح للدولة ان تاخذ مكانها الطبيعي كعضو كامل العضوية في المنظمة الدولية، وفي حالة استخدام امريكا حق النقض (فيتو) فهذا يتطلب في راي المحللين ان يكون الجانب الفلسطيني متسلحا من حيث ضمان ثلثي اعضاء الجمعية العامة للتصويت الى جانب القرار الفلسطيني في الوقت المناسب.
فهناك توصية الجمعية العامة رقم 377 بتاريخ 3 نوفمبر 1950 تمكن الجمعية العامة ان تقوم مقام مجلس الامن اذا اخفق الاخير في القيام بمسئولياته الاساسية الخاصة بحفظ السلم والامن الدوليين بفعل استعمال حق النقض (الفيتو)، فلا يمكن ان يتعرض الطلب للفيتو طبقا للمادة 27 فقره 2 من ميثاق الامم المتحدة التي تقول: "تصدر قرارات مجلس الامن في المسائل الاجرائية بموافقة 9 من اعضائه هنا اذا لا يلعب حق الفيتو اي شيء، وهذا ينطبق على القضية الفلسطينية من خلال الاستحقاق في سبتمبر القادم، انطلاقا مما جاء به مضمون توصية كاتب الدولة الاميركية انذاك".
فالتحليلات القانونية الاميركية هي التي سمحت للجمعية العامة باتخاذ توصيات هي مبدئيا من اختصاص مجلس الامن مثل الازمة الافغانية، حيث تعذر الامر على مجلس الامن في اتخاذ قرار، نظرا لاستعمال حق الفيتو السوفيتي، فطلب من خلال توصية رقم 462 بتاريخ 9 يناير 1980 تدخل في اطار قراراته المتعلقة بالمسائل الاجرائية طبقا للمادة 27 فقرة 2 من الميثاق، وتشير هذه التوصية بطلب اجتماع استثنائي مستعجل للجمعية العامة، اذن استخدام نفس الطريقة الدبلوماسية التي استخدمها خبراء القانون الدولى الامريكيون يمكن للفلسطينيين الاستعانة بمثل هؤلاء الخبراء في القانون الدولي لتجاوز مشكلة حق الفيتو، كما تجاوزته امريكا ضد الفيتو السوفيتي في القضية الافغانية عام 1980، ويستطيع الفلسطينيون بهذا التفوق على الفيتو الاميركي اذا ما تحركت الدبلوماسية الفلسطينية دوليا في اكتساب دعم وتاييد الدول الاعضاء في الامم المتحدة.
وتفتح العضوية بصفة مراقب للدولة الفلسطينية في الامم المتحدة ابواب انضمام الدولة الى جميع الاتفاقيات والعهود الدولية والوكالات المتخصصة، ما يعزز من كيانها السياسي والقانوني والدبلوماسي على الصعيد الدولي.
كما ان اعتراف اكبر عدد ممكن من دول العالم على المستوى الثنائي بالدولة الفلسطينية من شانه تعزيز القناعة لدى المجتمع الدولي بان دولة فلسطين تملك عنصرا مهما من عناصر تكوينها الاضافية، وهو ما يتصل بالقدرة على التعامل مع دول العالم الاخرى، لتاكيد وجود الدولة الفعلي.
يشار الى ان العضوية الكاملة في الامم المتحدة تمنح للدولة عددا من الحقوق، مثل المشاركة في التصويت على مشاريع القرارات، ولكن عدم عضوية الدولة في الامم المتحدة لا يلغي وجود الدولة كدولة، ولا ينقص من شانها كدولة، مثل جمهورية الصين الشعبية قبل تمتعها بالعضوية في الامم المتحدة عام 1971 كانت دولة كبرى.
وستواصل مصر بعد ثورة 25 يناير الماضي جهودها خلال المرحلة المقبلة لدعم الموقف الفلسطيني، خاصة بعد ان باءت مساعي اللجنة الرباعية للسلام بالفشل، واصبح التوجه الى الامم المتحدة من المنظور المصري بديلا عن المسار التفاوضي لتعديل الخلل الذي كان قائما على مدى فترة طويلة بين ما يمثله المفاوض الاسرائيلي وما يمثله المفاوض الفلسطيني.
وفي اطار تفعيل مبدا حق الفلسطينين في اقامة دولتهم الحرة والمستقلة، وقع وزير الخارجية المصري السابق محمد العرابي على رسائل مكتوبة موجهة الى اكثر من 70 دولة لم تعترف بعد بدولة فلسطين، كي تقوم بذلك قبل بدء اعمال الدورة المقبلة للامم المتحدة، بالاضافة الى رسائل اخرى للدول التي تعترف بدولة فلسطين، من اجل تثبيت موقفها والحصول على تفهمها.
ولكن اعادة احياء عملية التسوية في الشرق الاوسط تبدو بعيدة المنال، في ضوء اصرار الكيان الاسرائيلي واستمراره في بناء المزيد من العمليات الاستيطانية، ورفض المرجعيات المحددة لعملية التسوية.
? عن موقع الشروق