ليبيا.. خطة أميركية بديلة.. النفط أولا.. ومن بعده الطوفان!

ليبيا.. خطة أميركية بديلة.. النفط أولا.. ومن بعده الطوفان!
السبت ٠٢ يوليو ٢٠٢٢ - ٠٥:١٩ بتوقيت غرينتش

في ظل فشل لقاء جنيف في الاتفاق على النقطة الأهم المتصلة بإجراء الانتخابات الرئاسية في ليبيا، يتقدم الحديث عن خطة أميركية بديلة، بدأ ريتشارد نورلاند بالفعل تسويقها لدى الأطراف الإقليمية المعنية.

العالم - ليبيا

والظاهر، وفق المعطيات المتوافرة، أن أولوية واشنطن الرئيسة اليوم هي الحفاظ على استمرارية تدفق النفط، الأمر الذي يتطلب استقرارا سياسيا باتت تسعى إليه بأي وسيلة، ولو عبر إجراء انتخابات مع وجود حكومتين متنافستين.

في أعقاب انتهاء لقائهما الأول في جنيف، ينتظر أن يجمع لقاء جديد، بعد إجازة عيد الأضحى، رئيسي مجلس النواب و"الأعلى للدولة"، عقيلة صالح وخالد المشري، لبحث بقية النقاط العالقة في الدستور العتيد، الذي يفترض أن يصوت عليه الليبيون تمهيدا لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية. وكانت البعثة الأممية إلى ليبيا تحدثت، إثر اجتماع جنيف، عن توافق على عدد لا بأس به من القضايا، من شأنه أن يعبد الطريق للوصول إلى الاستحقاق الانتخابي، لكن تظل المسائل الأهم المرتبطة بهذا الاستحقاق، عارية من التوافق إلى الآن، وهو ما سيكون محل جهود دولية وإقليمية في الفترة المقبلة.

وإذ جرى الاتفاق، في الدستور المنبني على ذلك المكتوب بالفعل عام 2017، على شكل الدولة الليبية الجديدة وصلاحيات كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، بالإضافة إلى الحكومات المحلية للأقاليم واللامركزية المقرر تطبيقها، إلى جانب المعايير المرتبطة بترسيم الحدود بين المحافظات الليبية المختلفة، فقد تم التفاهم أيضا على آلية توزيع الإيرادات على مختلف مستويات الحكم، بالإضافة إلى زيادة نسبة تمثيل المكونات الثقافية، وتفاصيل أخرى مرتبطة بمقار المجالس النيابية وعدد أعضائها وطريقة اختيارهم، وهي نقطة كانت شهدت شدا وجذبا طويلين حولها بسبب المخاوف من اعتماد آلية انتخابية تسمح بتغليب أقاليم على أخرى.

على أن النقطة الرئيسة العالقة اليوم، هي تلك المرتبطة بشروط الترشح للانتخابات الرئاسية، والتي على رغم كونها تفصيلية مقارنة بما جرى التوافق عليه، إلا أنها تعد محورية بالنسبة إلى الأطراف المعنية، في ظل سعي رئيس البرلمان للترشح للرئاسة، ومحاولته إقصاء منافسيه، وعلى رأسهم سيف الإسلام القذافي. وعلى رغم أن دور البعثة الأممية يقتصر على الأمور الفنية، إلا أن المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفاني وليامز، جددت، خلال لقاءاتها في الأيام الماضية، على ضرورة عدم صياغة بنود لصالح أفراد بعينهم أو على حساب آخرين. وتبدي وليامز، في هذا الإطار، ضيقا مما تسميه "استمرار المماطلة والتمسك بأمور هامشية من أجل تحقيق مصالح شخصية"، محذرة من أن استمرار الوضع الراهن لن يكون في صالح أحد، وملوحة بأن "المرحب بهم اليوم للتفاوض والتوافق، قد يكونون غدا في مرمى العقوبات الدولية إذا ما ثبت أنهم ليسوا راغبين في تحقيق السلام". وكان البيان الرسمي الصادر عن وليامز عقب اجتماع جنيف، حث ممثلي المجلسين على "تجاوز الخلافات في أسرع وقت ممكن"، مؤكدا استمرار الدعم الأممي للتوصل إلى اتفاق ينهي المرحلة الانتقالية التي طال أمدها، فيما يرتقب أن تقدم وليامز تقريرا إلى الأمين العام للمنظمة الدولية حول ما تحقق على هذا المسار.

في هذا الوقت، يكثف السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، تحركاته على المستويات كافة، وأحدث فصولها لقاؤه رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، وجولته في داخلها، حيث جدد الأخير استعداد المفوضية تقنيا لإجراء الانتخابات، علما أن الوضع الأمني كان أحد الأسباب الرئيسة لعدم إتمامها سابقا. وتركز جهود نورلاند حاليا على ضرورة استمرار الهدوء السياسي، وإبعاد مؤسسة النفط عن التجاذبات، وتجنب إغلاق المنشآت بما يؤثر على إمدادات الطاقة العالمية، وهي المشكلة التي تفاقمت في الأسابيع الماضية. وتبدو واشنطن بالغة الاهتمام بالمطالب المذكورة، إلى حد حديثها عن إمكانية إجراء انتخابات في ظل وجود حكومتي فتحي باشاغا وعبد الحميد الدبيبة، وهو ما لم يلق قبولا، خاصة أن وجود حكومتين يعني أن لا مرجعية واحدة يمكن لمفوضية الانتخابات التعامل معها. ومع ذلك، يعكف نورلاند على صياغة إطار عمل مؤقت من شأنه التمهيد للانتخابات إذا لم ينجح المسار الأممي، وهو ما يحاول تسويقه لدى الأطراف الإقليمية. وإذ بدأ مهمة التسويق تلك من القاهرة، فمن المتوقع أن يعقد أيضا لقاءات معلنة وأخرى غير معلنة مع أطراف جزائرية ومغربية وتركية معنية بالملف الليبي، من أجل حشد دعم لخطته التي سيعمل على ترويجها أيضا لدى الأطراف الأوروبية، ولا سيما إيطاليا وفرنسا وألمانيا.