ونقلا عن صحيفة السفير اللبنانية فان كلا من الأميرال "ادوار غييو|"، قائد الأركان، و"لوارن كوليه بيون"، مدير التسلح، خسرا معركتهما ضد تزويد الجيش الفرنسي بأسلحة إسرائيلية، وفرضت عليهما صفقة طائرات من دون طيار إسرائيلية الصنع من طراز «هيرون».
لم تجد نفعا مداخلات الضباط أمام لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ لدعم شراء طائرات من دون طيار من الولايات المتحدة. هيئة الأركان الفرنسية طلبت شراء طائرات «ريبير» الأميركية، لتحل محل منظومة «هارفنغ» القديمة وتقوم بعمليات دعم تحديد الأهداف لتقصفها المقاتلات.
من جهته اختار وزير الدفاع جيرار لونغيه «استقلالية الدفاع» عن الولايات المتحدة، وقرر عقد صفقة مع «داسو» الفرنسية لمد العسكر الفرنسيين بطائراتهم من دون طيار.
وتجاهل لونغيه نصائح العسكريين، الذين يعملون منذ سنوات مع طائرات «ريبير» الأميركية في أفغانستان، ويعتبرونها متفوقة على ما عداها. مزاياها الأخرى التكامل مع شبكة المراقبة الفضائية الفرنسية، والتنسيق داخل أنظمة الدفاع الأوروبية، التي اختارت النظام الأميركي نفسه، كبريطانيا وألمانيا. الخيار الإسرائيلي في أول نتائجه سيعزل الجيش الفرنسي عن أقرانه الأوروبيين في عملياته الجوية.
احد مدراء تحرير صحيفة عسكرية مقربة من أركان الجيش، قال لـ«السفير» إن الصفقة تشتمل على طائرات «هيرون»، وبعضها يعمل فوق جنوب لبنان. ويبلغ طول الواحدة منها 26 مترا، وتزن خمسة أطنان، وتنقل طنا من المعدات الالكترونية المتقدمة، وتحلق على ارتفاع 15 الف متر، في مهمات تصل إلى 36 ساعة.
وظاهرا، اسكت الاستقواء «باستقلالية الدفاع الفرنسي عن المعدات الأميركية»، وهي حجة لا تجد من يقاومها عادة في الجيوش الفرنسية بسبب الحساسية القومية الفرنسية المفرطة من أي تبعية عسكرية للولايات المتحدة. لكن الصفقة المعلنة التي رست على «داسو» لا تعني أن صانع الطائرات والأسلحة الفرنسية يملك نظاما جاهزا يزود به الجيش الفرنسي.
وهامش الاستقلالية العسكرية الفرنسية ضئيل جدا، بل يكاد ينعدم وجوده أمام التفاصيل، فمن حيث المبدأ ستقوم «داسو» بشراء طائرات إسرائيلية، وستعمل على تجهيزها بمعدات مراقبة جوية متقدمة من صنع فرنسي، مع الملاحظة ان المصنع الفرنسي كان قد قام في الماضي بتطويرها بالتعاون مع الشركة الإسرائيلية للصناعات الفضائية.
بين تبعيتين، أميركية أو إسرائيلية، مع التخلي عن أفضلية تفوق «ريبير» الأميركية على «هيرون» الإسرائيلية، اختار وزير الدفاع الفرنسي التبعية للإسرائيلي بحجة الاستقلال عن الأميركي.
وفي سوق دولية مقدرة بـ100 مليار دولار، تعد إسرائيل المصنع العالمي الثاني للطائرات من دون طيار، وراء الولايات المتحدة، التي تملك أسطولا من 800 نموذج، يعمل في العراق وأفغانستان بشكل خاص. ومن النتائج الخطيرة لقرار لونغيه أن يشجع اختيار فرنسا لإسرائيل دولا أوروبية كثيرة على ان تحذو حذو القوة العسكرية الأوروبية الأولى، في ظل تأخر وكالة الصناعات العسكرية الأوروبية في تطوير نموذجها «هارفنغ» الذي لن يدخل الخدمة الفعلية قبل العام 2020.
ويقول مصدر عسكري، إن اختيار «داسو»، وهي معروفة بتعاونها التاريخي الطويل مع إسرائيل، ومساعدتها إياها على بناء منظومة صواريخ «أريحا» منذ الستينيات ، من دون مقابل، يعود بشكل رئيسي إلى الرئيس نيكولا ساركوزي. ففي طريقه نحو ولاية رئاسية ثانية سيحتاج الرئيس ساركوزي إلى صديقه سيرج داسو، مالك مجموعة «داسو» لتمويل حملة انتخابية رئاسية ثانية باهظة الكلفة، بعدما قام بتمويل جزء كبير من حملته الأولى.