روسيا تبدأ معركة كسر العظم ... إغلاق نورد ستريم-1

روسيا تبدأ معركة كسر العظم ... إغلاق نورد ستريم-1
السبت ٠٣ سبتمبر ٢٠٢٢ - ٠٥:٣٠ بتوقيت غرينتش

أتى الرد الروسي سريعا على إعلان وزراء مالية مجموعة الدول السبع (أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا واليابان)، في بيان مشترك، أنهم يخططون لتطبيق حد أقصى لسعر النفط الخام والمنتجات البترولية الروسية، حيث أعلنت موسكو إغلاق خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 1"، وإيقافه تماما بسبب وجود عطل في التوربين الوحيد الذي يعمل فيه.

العالم- قضية اليوم

من الواضح ان المواجهة الروسية – الغربية نتيجة العملية العسكرية الروسية في اوكرانيا وصلت مرحلة "كسر العظم"، فمن المتوقع ان تشهد أوروبا هذا العام أصعب شتاء مر عليها منذ الحرب العالمية الثانية، بعد ان أعلنت شركة "غازبروم" (Gazprom) الروسية وقف الضخ بشكل كامل عبر خط "نورد ستريم 1" (السيل الشمالي-1)، حيث سبق ذلك قيامها بخفض تدريجي لضخ الغاز إلى نسبة40% في يونيو/حزيران و20% في يوليو/تموز الماضيين.

شركة غازبروم الروسية أعلنت، أمس الجمعة، أن خط ضخ الغاز إلى أوروبا "نورد ستريم1" قد توقف عن العمل إلى أجل غير مسمى، موضحة أنها لن تستطيع استئناف ضخ النفط بأمان إلى أوروبا إلا بعد إصلاح تسرب نفطي تم العثور عليه في توربين حيوي، في حين اعترفت شركة "سيمنس" – المثبتة توربيناتها على خط السيل الشمالي -1 -انها تلقت تقريرا روسيا بهذا الشأن سابقا.

الاعلان الروسي كالعادة ووجه بهجوم لاذع من قبل الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية حيث اعتبر المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، بيتر ستانو، ان إغلاق "نورد ستريم1″ بذرائع غير صحيحة هو تأكيد جديد على أن روسيا مورد غير موثوق للطاقة، على حد تعبيره، في حين هاجم البيت الابيض موسكو معتبرا انها تستخدم الطاقة أداة للضغط على أوروبا، مع العلم ان أمريكا هي المستفيد الوحيد من رفع حدة المواجهة الروسية-الاوروبية حيث ان واشنطن تطمح ل توريد 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي هذا العام.

هل هناك بدائل ؟

تسابق الدول الاوروبية الزمن لايجاد مصادر بديلة للغاز الروسي، لكنها تحاول بداية العبور من "كارثة الغاز" في الشتاء القادم (كما وصفتها مجلة ايكونومست)، حيث تحدثت وزيرة الطاقة الفرنسية، أنياس بانييه، عن ان بلادها ستشغل جميع المفاعلات النووية خلال هذا الشتاء (56 مفاعلا 36 منها متآكلة بحاجة الى صيانة)، في حين قالت ألمانيا أنها قد تستورد الغاز من بريطانيا والدانمارك والنرويج وهولندا عبر خطوط أنابيب، كما أنها تخطط لبناء محطتين جديدتين للغاز الطبيعي المسال، في حين تحدثت المفوضية الأوروبية قبل أيام عن بلوغ حجم تخزين الغاز في الاتحاد الأوروبي نسبةً تتجاوز 80%، وهو أمر مستبعد حيث كشف موقع موقع "إيه جي إس آي" (AGSI) ، المتخصص في تتبع مخزون الغاز في العالم، ان دول أوروبا الشرقية تعاني نقصا حادا في مخزون الغاز.

وأما على المدى البعيد فعدا عن استيراد اوروبا الغاز من أمريكا، فالنرويج، ثاني أكبر مورد للغاز في أوروبا بعد روسيا، تعمل مثلا على زيادة الإنتاج وأبرمت شركة سنتريكا البريطانية اتفاقا مع شركة إكوينور النرويجية لزيادة الإمدادات في فصول الشتاء الثلاثة المقبلة.
وزير الطاقة الهولندي قال إنه من الممكن اللجوء لحقل خرونينغن الهولندي لمساعدة الدول المجاورة في حالة القطع الكامل للإمدادات الروسية، لكن زيادة الإنتاج قد تتسبب في حدوث زلازل.

ألمانيا تخطط لبناء محطتين للغاز الطبيعي المسال خلال عامين من الآن، بعض الدول الاوروبية ستحاول تقاسم الإمدادات عبر شبكة غاز متصلة بينها، فبولندا تحاول الحصول على الغاز عبر وصلتين مع ألمانيا. كما تم تشغيل وصلة غاز جديدة بين بولندا وسلوفاكيا الأسبوع الماضي، وتريد إسبانيا إحياء مشروع لبناء خط ثالث للغاز عبر جبال البرانس.

بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ستحاول تعزيز القدرة على توليد الكهرباء من الطاقة النووية أو الطاقة المتجددة أو الطاقة الكهرومائية أو الفحم، مع العلم ان المحطات النووية في هذه الدول متقادمة وأغلبها تم وقف تشغيلها للصيانة أو خرجت من الخدمة.

وفي جميع الاحوال فإن المشاريع الأوروبية للاستغناء الكامل عن الغاز الروسي ستستغرق على أقل تقدير 3 أعوام، اي ليس قبل عام 2027 (هذا في أحسن الأحوال)، كما ان الخطط لا تتطابق مع الواقع حيث ان التداعيات الاقتصادية على المواطن الاوروبي ستكون "كارثية" حيث بلغ سعر الغاز في السوق العالمية خلال أغسطس/آب الماضي حوالي 3100 دولار لكل ألف متر مكعب، وهو ما يعادل ارتفاعا في الأسعار بنسبة 610% مقارنة بنفس الفترة خلال العام الماضي، كما ان الاسعار مرجحة لارتفاع أكبر.

كما ان أسعار الكهرباء في عموم أوروبا ارتفعت بنسبة 300% خلال سنة 2022، وهو ما يعادل 10 أضعاف أسعارها قبل 5 سنوات فقط.، ووفق المؤسسة البريطانية "العمل للطاقة الوطنية" (National Energy Action) فإن عدد الأسر التي ستدخل في خانة الفقر الطاقي (وهي الخانة التي توجد فيها الأسر التي تنفق 10% من مداخيلها على فاتورة الطاقة)، سيرتفع من 4.5 ملايين أسرة بريطانيا إلى 8.5 ملايين أسرة.

ونزيدكم من الشعر بيتا "ستعاني بعض المدن الأوروبية (على أقل تقدير) من انقطاع للكهرباء لمدة تتراوح بين الساعة و3 ساعات بشكل يومي"، بحسب المؤسسة البريطانية ذاتها، وسينخفض الناتج الداخلي الخام في دول أوروبا الشرقية بنسبة 6% (بحسب صندوق النقد الدولي).