فعلتها حركة الجهاد الاسلامي مع الاحتلال.. ضربة بضربة

الثلاثاء ٠٦ سبتمبر ٢٠٢٢ - ٠٤:٣٨ بتوقيت غرينتش

اكد القيادي البارز في حركة الجهاد الاسلامي احمد المدلل بان الاحتلال الاسرائيلي اراد ان يرمم ماء وجهه الذي اغرقته المقاومة الفلسطينية في معركة سيف القدس، بتوجيه ضربة لحركة الجهاد الاسلامي باغتيال قائد المنطقة الشمالية لسرايا القدس الشيخ الشهيد تيسير الجعبري.

خاص بالعالم

وقال المدلل في حوار خاص مع قناة العالم خلال برنامج "ضيف وحوار" تحت عنوان "كواليس العدوان الاسرائيلي على غزة ولحظة الوداع الاخير": ان كيان الاحتلال الاسرائيلي حاول كثيراً اغتياله مرة بقصف بيته واخرى بقصف المنزل الذي توقع الاحتلال ان يتواجد فيه، ما ادى الى استشهاد ابنه زياد والقيادي في حركة الجهاد الاسلامي خالد منصور.

وفيما يلي اليكم نص المقابلة:

العالم: في اللحظة الاولى للعدوان الاسرائيلي، هل كنت على يقين منذ ان بلغت باغتيال تيسير الجعبري، بان حركة الجهاد سترد ونحن سنكون على ابواب عدوان مفتوح؟

المدلل: ان الجميع يعلم باننا كنا بعد معركة سيف القدس على تواصل مع الجانب المصري كوسيط لتهدئة الوضع وانه سيتم التعاطي مع قضية الاسير المضرب عن الطعام خليل العواودة، وايضاً الاسير القيادي البارز الشيخ بسام السعدي الذي تم التنكيل به من قبل الاحتلال الاسرائيلي.

من خلال الاعلام الاسرائيلي علمت حركة الجهاد الاسلامي بان السعدي بحالة جيدة وحصلت على وعود بالافراج عنه، وان الجرائم والعدوان المستمر في الضفة وجنين ستتوقف.

بعد اخذ حركة الجهاد الاسلامي الوعود القوية من قبل الاحتلال الاسرائيلي، لم تكن تتوقع ان يكسر الاحتلال وعوده التي اعطاها للجانب المصري ليقوم بعملية اغتيال جبانة ضد القائد الكبير قائد المنطقة الشمالية تيسير الجعبري.

في هذه اللحظة كان لا يمكن ان تقف حركة الجهاد الاسلامي مكتوفة الايدي، ولابد من الرد على هذه الجريمة الكبيرة التي ارتكبها الاحتلال الاسرائيلي بحق قائد كبير في سرايا القدس، خصوصاً وان الحركة تؤكد دوماً بان سرايا القدس على جهوزية تامة للرد على اي عدوان يرتكبه الاحتلال الاسرائيلي. وكان الخطاب الاخير للامين العام لحركة الجهاد الاسلامي الحاج زياد نخالة كان واضحاً في هذا المضمار.

العالم: بمعنى ان المقاومة اخذت قراراً بعدم العودة لسياسة الاغتيالات، هذا ما اردتم ان تثبتوه انتم كسرايا القدس في قطاع غزة، كما ثبتته كتائب عز الدين القسام، هل نحن امام نهاية عهد الاغتيال بدون ثمن؟

المدلل: على ان الاحتلال الاسرائيلي يجب ان يدرك ان عهد الاغتيالات قد ولى، خصوصاً ما بعد معركة سيف القدس التي فرضت معادلات جديدة وكرستها في الميدان، وهي ان أي عدوان خصوصا اغتيال قائد فلسطيني لا يمكن ان يمر مرور الكرام.

معركة سيف القدس احدثت تحولاً جذرياً في الصراع مع الاحتلال الاسرائيلي، واستطاعت بكل اقتدار ان تصنع تراجعاً كبيراً في قوة الردع الاسرائيلية، ولذا لايزال الاحتلال يترنح تحت الضربة الكبيرة من معركة سيف القدس وتشغله كثيراً لضعف قوة ردعه وامام عدم ثقة الجمهور بقادتهم الصهاينة، ان كانوا سياسيين او عسكريين، ولذا اراد احتلال الاسرائيلي ان يستعيد ماء وجهه الذي اغرقته المقاومة الفلسطينية وان يرمم قوة ردعه التي تراجعت كثيراً في معركة سيف القدس، بتوجيه ضربة لحركة الجهاد الاسلامي التي اكدت بانها لا يمكن ان تصمت على جرائمه، فارتكب الضربة القوية باغتيال قائد المنطقة الشمالية الشيخ تيسير الجعبري.

بعد عملية اغتيال الجعبري تيقنت حركة الجهاد الاسلامي بانها قد دخلت المعركة مع الاحتلال الاسرائيلي، لان الدم غال عليها، خصوصا وهو قائد لسرايا القدس التي اثبتت قدرتها بانها قادرة على خوض اي معركة ضد الاحتلال، ولهذا جاءت ضربة حركة الجهاد الاسلامي القوية في عمق الاحتلال الاستراتيجي رداً على جريمته الكبيرة، لكن الاحتلال الاسرائيلي استمر في عربدته وقام باغتيال قائد المنطقة الجنوبية خالد منصور.

العالم: كيف استقبلت نبأ استشهاد ابنك زياد؟ الكل يريد ان يعرف كيف يمكن لقيادي ان يستقبل خبر استشهاد ابنه؟

المدلل: دائماً لدينا حتى في داخل العائلة احساس شعور بانه قد نكون شهداء في اية لحظة، لان قبل ذلك كان هناك قصف للمنزل وتم تدميره، لكن قدر الله ان العائلة تخرج من البيت في كل حرب.

من قبلها كان هناك قبل مدة اعتقال نجلي الاكبر، طارق ذو 14 عاماً في السجون الاسرائيلية وهو لازال شابا صغيراً، ولهذا كان يعتبر موضوع الشهادة موضوعاً عادياً خصوصاً لابني زياد، لاسيما وانه منذ نعومة اظفاره انتمى الى حركة الجهاد الاسلامي باندفاع كبير جداً باتجاه العمل العسكري، وقام بجولات مع سرايا القدس في معارك سابقة.

الشهيد ابني زياد كان متفوقاً بدراسته ودخل المهنةالتي كان يحبها ألا وهو الكمبيوتر، وابدع فيه واستفادت منه كثيراً حركة الجهاد الاسلامي سياسياً في برمجة الكمبيوتر، وايضاً استفادت سرايا القدس منه بعد ان التحق في الخارج في دورات تدريبية، وقد احتضنه القائد الشهيد خالد منصور ولم يكن يتركه لحظة، لانه كان يده اليمنى وعقله المفكر، في تواصله مع الاخرين ومع الخارج.

العالم: استشهد مع قائده خالد منصور؟

المدلل: استشهد ابني في نفس المكان الذي استشهد فيه خالد منصور لانهما كانا في نفس الشقة.

كان عندي شعور بان هذه الحرب لن تمر علينا مرورالكرام، لذا كان هناك طلب عاجل من بعض الاخوة حتى في حركة حماس بأنني يجب ان أغادر، لانه يبدو كانت ارهاصات ومحاولات اغتيال ض قيادي كبير في حركة الجهاد الاسلامي، وكانت كل المؤشرات ذاهبة اليّ انا، وحتى عندما قصفوا البيت الذي كان فيه خالد منصور، قالوا انه كان اغتيال القيادي احمد المدلل ووضعوا صورتي...

العالم: حتى في قناة العالم الكثير تواصلوا كثيراً معي يريدون التأكيد أو النفي، هل هو القيادي احمد المدلل؟ حيث كانوا يهتمون لسلامتك بشكل كبير جداً، ولكن بعدها علمنا انه كان ابنك وفلذة كبدك..

المدلل: بالفعل هو كان الحديث عن اغتيال، يبدو ان الاحتلال الاسرائيلي اراد ان يخرج بأي صورة نصر، لذا روّج بانه احمد المدلل القيادي الكبير في حركة الجهاد الاسلامي ووضعوا صورتي على الشاشة واكدوا هذا الموضوع، ثم الامر بعد ذلك تغير بان الاغتيال كان للقائد الكبير خالد منصور، ونحن كنا نعلم تماماً ان الشهيد زياد ابني لا يغادر المنطقة التي يتواجد بها منصور، وهذا كان حتى معروف في مدينة رفح.

انا لم اعلم حينها باستشهاد زياد، ولكننا كنا نتوقع ان نكون ضمن الشهداء في هذه المعركة، لانني كنت دائماً اتحدث في لقاءات كثيرة ان المعركة القادمة ستكون معركة كسر العظم.

العالم: هل شاركت في رؤية النظرة الاخيرة على زياد؟ وهل شاركت في تشييعه؟ لانه لاعتبارات امنية يجب الا تكون موجوداً حتى لا يتم اغتيالك.

المدلل: هو بالفعل ابلغوني بعد ساعات، بان الاستهداف كان خالد منصور واستشهاد زياد، ولم اتأثر بالشكل الكبير الذي يتأثر به الاخرون الا انه حزن على الفراق، لاننا كنا ندرك تماماً بأننا مشاريع شهادة كما ان ابنائنا ايضاً، ويمكن في تلك اللحظة ان يقوم الاحتلال بقصف البيت كله على رؤوس ساكنيه.

وانا كما علمت ان العائلة والاطفال الصغار وحتى زوجات الاولاد خرجوا في آخر لحظة تم فيها قصف بيت عائلة المخيم المجاور لبيتنا..

العالم: بمعنى كان كل العائلة تستشهد..

المدلل: كان يمكن كل العائلة قد تكون ضمن الاستهداف من قبل الاحتلال الاسرائيلي باطفالها ونسائها في تلك اللحظات، لكن كما علمت انه عندما تم قصف خالد منصور وهو غير موجود عندنا ولا زياد ايضاً، وادركت تماماًان زياد يتواجد معه، فقلت لهم هل استشهد زياد، فقالوا نعم، ولكني اكدت بعضها ضرورة ان ترى العائلة زياد، وبالفعل جاؤوا بزياد الى العائلة في المكان الذي تم اخراج اليه.

بعد ذلك في لحظات قلت يجب ان أرى الشهداء الثلاثة وعلى وجه الخصوص ارى ابني، لكن الموجودين في المكان قالوا انه لا يوجد امكانية لذلك، فالوضع صعب، ولكني قلت لهم يجب ان اخرج حتى لو استشهدت.

وبالفعل تم تلبية رغبتي وذهبت لدقائق معدودة الى المسجد الذي تم الصلاة عليهم فيه وودعتهم في لحظات، وتم سحبي بسرعة الى المكان كنت فيه.

انا اقول لك بكل صراحة انني بكيت عندما انتهى الامر، وابناء زياد لم يكونوا موجودين منذ فترة لانهم كانوا في بيت جدهم، لما عادوا بكيت بكاءاً شديداً..

العالم: كأنك حضنت زياد...

المدلل: كأني حضنت ابني زياد، واذا بأبنته ذات العشر سنوات، تقل لي يا سيدي لا تبكي، فان ابي شهيد، كانت صدمة بالنسبة لي، وفعلاً اوقفت البكاء، وفقط كانت فيه لحظات الوحدة اتذكر زياد وابكي. اما امام الناس بعد ذلك لم تخرج مني دمعة.

العالم: البكاء قوة وليس ضعفاً عندما نفارق ابنائنا؟

المدلل: في لحظات الوحدة تخرج الدمعة..

العالم: يعرف الكيان المحتل وغيره اننا نطلب الحياة ولا نطلب الموت، ولكننا نذهب الى الشهادة لنحيى بكرامة. وبالنهاية انت أب..

المدلل: هي بالفعل في لحظات الوحدة امتلأ حزناً ولوعة، بدون شك، لانه الابن الذي وصل الى عمر 35 عاماً وانت تربيه امام عينك، وكان في الايام الاخيرة، انا اتذكر ما الذي كان يحدث بين وبين زياد، انه كان ملتصقاً بي بشكل كبير جداً اثناء خروجنا ودخولنا وفي جلساتنا العائلية، ويحدثني احاديث.

انا اتذكر انه في يوم من الايام، حيث كنا نتحدث عن معركتنا مع الاحتلال وكنا دائماً نتحدث احاديث سياسية وفكرية، فيقول لي يا أبتي لا تستغرب يوماً ان جئتك مقطعاً، وحينما كنت في بيت العزاء قلت لمن حولي هل تعلمون لماذا زياد يضحك في كل صوره اتطلع اليها، لانه صدق الله في صدقه، اخبرني سأتيك مقطعاً وفعلاً جاءني مقطعاً، هذه ارهاصات الشهادة التي بدأت اتذكرها واتذكر حديثي مع زياد.

بلا شك انها خسارة ولوعة كبيرة بالنسبة لنا، وحسرة.

العالم: وهي كذلك بالنسبة لكل أهالي الشهداء، ولكن ما قالته تالا لك هو ما تربى عليه زياد، وما سيتربى عليه إبن زياد.. وهو أحمد.. ولا أستبعد بعد سنوات أن رايته في مكان كبير.. مكان عسكري أو نضالي.. لأن هؤلاء الأطفال بالنهاية هم يرون كل شيء.. يرون عدوان الاحتلال ومجازره وقهر الاحتلال.. لنا ولأهل القدس والضفة.. وبالتالي من الطبيعي أن تقول تالا لك "أبي شهيد لا تبكي" وأن تتربى على هذا الفكر.. إنطلاقا من هذة النقطة كيف تبدو لك قوة المقاومة بعد هذه المعركة.. التي ظن الاحتلال أنه قضى عليها.. تفاجئنا بدعوتنا لعرض عسكري.. وأنا شاركت فيه.. وجاء العرض العسكري إلى بيتك ليشد من أزرك، وهناك قدرة عسكرية وأعرف أن ما أبدوه للإعلام هو غيض من فيض.. فكيف ترى ذلك؟

المدلل: عود على ذي بدء، إن ما يخفف من معاناتنا.. حتى داخل الأسرة أن إبن زياد "أحمد" يمتلك كثيرا من الصفات -إذا لم تكن معظمها- التي كان يمتلكها زياد وهو صغير وهو كبير، من فطنته وذكاءه وحركته المتواصلة واندفاعته، كل هذه كانت صفات في زياد.. الآن نراها في أحمد، هذا ما يخفف معاناتنا، على كل أنا كنت أدرك بأن حركة الجهاد الإسلامي مرت بظروف أصعب من هذه المعركة التي مرت عليها، قادة كبار قدمناهم، ونحن نتحدث عن الشهادة ومشاريع الشهادة والجهاد والقتال مع الاحتلال الصهيوني.. قدمنا الدكتور فتحي الشقاقي، وقادة عسكريين وسياسيين بشكل كبير، حركة الجهاد الإسلامي بالنسبة إليها قدمت رأس سرايا القدس في فترة من الفترات، محمد الشيخ خليل وصلاح أبوحسنين ودانيال منصور خالد الدحدوح وجمال الدحدوح وهاني عابد وغيرهم من القادة الكبار.

يبدو أنني حتى هذا الشعور الذي أمتلكه من كثرة ما شاركت في أعراس الشهادة وشاركت فيه أهالي الشهداء عندما كنا نذهب لنواسيهم ونخفف عن معاناتهم أراهم بالعكس تماما.. هم الذين يعززون من قوتنا وإرادتنا، وهم الذين يتحدثون لنا عن الشهادة وعن أبناءهم الشهداء وعن فلسطين وغيرها، هذه أيضا كانت دافعا لأن أكون بهذه الإرادة التي رآها الجميع، أنا كنت أدرك أن حركة الجهاد الإسلامي لا يمكن إنهاءها واجتثاثها، مهما امتلك هذا الاحتلال من قوة، لذلك أثبتت حركة الجهاد الإسلامي أن الاحتلال الصهيوني إذا كان قد استفرد بحركة الجهاد الإسلامي في معركة وحدة الساحات فإنه أعطى حركة الجهاد الإسلامي أولا قدرة وخبرات كبيرة جدا.

هذا ما أكدته فيما بعد معركة سيف القدس، وأكدته معركة وحدة الساحات، ولم تتحدث أحاديث على الهواء ليس لها معنى.. بل بالعكس تماما، أثبتت قوتها وهي تواجه لوحدها في معركة وحدة الساحات الاحتلال الصهيوني بصلفه وبهذه الترسانة العسكرية التي يمتلكها، والتي استطاعت حركة الجهاد الإسلامي من خلال صواريخها أن تمنع حالة التجول على نصف سكان الاحتلال الصهيوني، وأن تصنع قلقا وهاجسا أمنيا ووجودياً للاحتلال الصهويني.

أنا كنت أدرك أن الاحتلال الصهيوني لن يستطيع إنهاء حالة حركة الجهاد الإسلامي.. بل بالعكس تماما.. هذا ما أكدته سرايا القدس في المسيرة العسكرية التي كنت أنت تغطيه في مدينة رفح، والذي جاء ليعزز من قدراتنا، والتأكيد على أن سرايا القدس لا تزال بتلك القوة وتلك الإمكانيات التي تستطيع من خلالها أن تواصل معاركها مع الاحتلال الصهيوني.

العالم: حتى أنه لفتني في العرض العسكري أن الأطفال في الشارع يخرجون ليروا هؤلاء المقاومين، بعد أن خرجوا فوق الأرض وباتوا واضحين للناس.. يحاولون أن يسلمون عليهم.. بصراحة في الخارج العالم الذي يعيش حياته يحاول أن يسلم على فنانين أو مطربين أو ما شابه.. أنا وجدت هذه المحبة للمقاومين في قطاع غزه وكأنهم نجوم يريد هذا الطفل أن يسلم عليهم، حتى أنهم أرادوا أن يتصوروا مع الصواريخ، هذا كان أمر ملفت بصراحة.

المدلل: بالفعل تعود شعبنا على التضحيات، هذا شيء، أصبح حتى أطفاله لديهم حب ليتقربوا إلى المجاهدين، وهذا ما رأيناه في المسيرة العسكرية، أنا أقول إنه حتى ما بعد معركة وحدة الساحات كان هناك صدى كبير لحركة الجهات الإسلامي في الشارع الفلسطيني، وأصبحت لها جماهيرية لم تكن تقاس من قبل، هناك جماهيرية بحيث أن الصغير والكبير أصبح يتحدث عن حركة الجهاد الإسلامي.

أقول لك وبكل الصراحة أنا لا أستطيع أن أخرج من البيت كما كنت قبل استشهاد زياد واستشهاد القادة.. أصبح هناك التفاف كبير، أصبحت أخجل من ملاقاة الناس من كثرة الإطراء والحضور والمعانقة والالتفاف.. أصبحت أنا اخجل من ذلك.. ما يؤكد أنه حتى بعد معركة وحدة الساحات زادت جماهيرية حركة الجهاد الإسلامي، أصبح إسمها على كل لسان في الشعب الفلسطيني.. فما بالك في المناطق التي استشهد فيها هؤلاء القادة، الذين باتوا يشعرون بفخر أن خالد منصور وزياد المدلل ورأفت الزاملي كانوا حاضرين في هذا المخيم.

العالم: ما السبب برأيك؟ بالنسبة لي مثلا عندما سمعت من الناس.. أنها ترى أنه غدر بالجهاد الإسلامي.. وهذا سبب يدفع الناس لالعتقاد بأن الجهاد لم تبدأ عدوانا ولم تأخذهم إلى عدوان بل فرض العدوان علينا ولهذا وجب عليها الرد.. وأسباب أخرى.. رأيت بأن هناك حماسة من الناس للوقوف بجانب الجهاد الإسلامي، لأنها كانت وحيدة في المعركة أو صمدت وحدها في المعركة، هذا أيضا دفع الناس للتضامن مع الجهاد، وعناوين الشهداء الذين اختارهم الاحتلال للأسف.. فهو اختار صفوة من الجهاد الإسلامي، يحضون بمحبة عند الناس.. تيسير الجعبري وزياد المدلل وخالد منصور.. الناس كانوا يقولون هذا ضيف لدى سرايا القدس.

المدلل: هذا بالفعل، هؤلاء القادة خصوصا القائد الكبير خالد منصور كان يمثل ضيف بالنسبة للإخوة في حماس، والإخوة في حماس يعلمون ذلك، أيضا الجماهير أصبحت مدركة بأن حركة الجهاد الإسلامي ليست لديها حسابات سياسية ولا حزبية أيضا، خصوصا في ظل الانقسام الذي نعيشه، ولا حسابات حتى دنيوية.. حب الناس لحركة الجهاد الإسلامية لأنها حركة صافية، تعمل فقط وفقط وأولا -كما هو معلوم عندنا في حركة الجهاد الإسلامي- ابتغاءاً لمرضاة الله، جهادنا وكفاحنا وتضحياتنا.. ثم من أجل فلسطين.. فقط.. فلسطين هي التي في حساباتنا، أن نحرر فلسطين، أن نوقف هذه الجرائم.

الشعب الفلسطيني أصبح يدرك ذلك، وهذه هي الصورة الحقيقية لحركة الجهاد الإسلامي، الذي يقدم هؤلاء القادة، حركة الجهاد الاسامي التي في كثير من المعارك السابقة كانت مشاركة مع كثير من الفصائل المقاومة، لكن في هذه الحرب أثبتت حركة الجهاد الإسلامية مصداقيتها، بأنها لوحدها خاضت حرباً مدمرة مع الاحتلال الصهيوني، قتل فيها القادة من الحركة، وها هي سرايا القدس تؤكد قوتها من جديد، من أجل ذلك أنا أعتقد أن هذه الأمور جعلت انشداداً من الشعب الفلسطيني إلى حركة الجهاد الإسلامي ومصداقيتها، وحضورها والأطروحات التي طرحتها حركة الجهاد الإسلامي.

العالم: سؤالي الأخير لك.. والذي يجب أن ننوه به.. خصوصا أنه كان حدثاً أثار اهتمام الصحافة، وإن لم يكن مصورا.. وهو الاجتماع الهام لقيادات حركات حماس والجهاد الاسلامي على المستوى الأمني والعسكري والسياسي، الذي حدث وأصدر بعد ذلك بيانه.. هل لهذا الاجتماع ما بعده.. بمعنى من أهم النقاط التي خرج فيه أن أي عدوان قادم سيواجه بوحدة السلاح.. هل هذا يعني بأن هناك إعادة حسابات جرت من قبل حركة حماس؟

المدلل: دائما نؤكد بأن المقاومة يجب أن تكون موحدة على أرض فلسطين، ونحن كشعب فلسطيني لا يوحدنا إلا ميادين المعركة، لذا نحن و حماس ندرك ذلك، سفينة واحدة هي التي تقلنا في حركة الجهاد الإسلامي وفي حماس، هذا الاجتماع جاء تاكيداً على ذلك.. نعم قد يكون هناك بعض العتب.. حتى داخلهم هناك كثير من الشباب الذين كانوا يتسائلون.. لكن لولا سلطة المقاومة في قطاع غزة لما استطاعت حركة الجهاد الإسلامي أن تكوّن هذا الجيش الكبير المسمى بسرايا القدس، وهذا السلاح وهذه التدريبات وغيرها.

لذا نحن نرى في قطاع غزة رأس حربة المقاومة الفلسطينية، وغزة التي تعتبر اليوم هي حامية المشروع الوطني التحرري الفلسطيني.. لا حياد ولا ابتعاد ولا شعور بأن يجب أن يكون هناك أي تفرقة بيننا وبين الإخوة في حماس.. نحن وحماس نكمل بعضنا الآخر، هذه قاعدة لا يمكن أن نتخلى عنها أبدا.. لذا هذه الاجتماعات جاءت للتأكيد على وحدة فصائل المقاومة، وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي، نحن لازلنا في معركة تحرر، ونواجه مصيراً واحداً وعدواً واحداً، ونحن في حركة الجهاد الإسلامي دائماً كنا دعاة وحدة، ويتطلب ذلك منا دائماً أن نلتقي وننسق مع بعضنا البعض.