لبنان.. رئيس المجلس فتح السباق الرئاسي والحكومة عادت إلى البرّاد

لبنان.. رئيس المجلس فتح السباق الرئاسي والحكومة عادت إلى البرّاد
الأربعاء ٢٨ سبتمبر ٢٠٢٢ - ٠٧:٣٨ بتوقيت غرينتش

ركزت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الأربعاء من بيروت على دعوة رئيس المجلس نبيه بري النواب إلى جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية غدًا الخميس، فيما عادت الاتصالات بشأن تشكيل الحكومة إلى مربع الجمود، بعدما فوجئ الجميع بمماطلة نجيب ميقاتي عن تشكيلها.

العالم_لبنان

وكتبت صحيفة الاخبار اللبنانية اليوم الاربعاء أنه، وسط أجواء داخلية تعيد التعقيد إلى الملفات الداخلية، حيث كان البارز أمس دعوة نبيه بري النواب إلى جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية الخميس، فيما عادت الاتصالات بشأن تشكيل الحكومة إلى مربع الجمود.

في الملف الرئاسي، بدا رئيس المجلس وكأنه فاجأ كثيرين بدعوته إلى جلسة لانتخاب رئيس. وهو قال لزواره إن قراره طبيعي ربطاً بالمهل الدستورية من جهة، ومنعاً لاتهامه والفريق الذي يمثله بعرقلة الاستحقاق.

لكن ردود الفعل الصاخبة جاءت من جانب فريق القوات اللبنانية وقوى التغيير التي اعتبرت أن بري يحاول خلط الأوراق واتهمته بالتراجع عن تعهّده بعدم الدعوة قبل بروز ملامح توافق على الرئيس الجديد، وسط غموض حول من يمكن أن يتغيب أو يعطل النصاب. لكن الأكيد أن تحديد موعد الجلسة شكل عاملاً محفزاً لكثيرين على تسريع المناقشات للاتفاق على رئيس جديد، لا سيما الفريق الذي يخضع لوصاية الولايات المتحدة الأميركية والسعودية، إذ يركز الطرفان على إقناع القوى المعارضة لتحالف حزب الله – أمل – التيار الوطني الحر بتسمية مرشح مشترك.

وقالت المصادر إن السعودية تمارس ضغوطاً كبيرة على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط لإخراجه من دائرة التحالف أو التسويات مع حزب الله عبر الرئيس بري، وسط مؤشرات سلبية من كون الانقسام قد يؤدي إلى خلافات تمنع تأمين النصاب لفترة طويلة ما قد يتسبب بالشغور الرئاسي.

وفي ملف الحكومة، عادت العراقيل من جديد وسط تبادل للاتهامات بالمسؤولية عن عدم تشكيل حكومة كان الجميع موعوداً بها خلال الأيام المقبلة. وعادت أوساط الرئيس المكلف نجيب ميقاتي إلى اتهام التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل بوضع شروط سياسية تمنع تشكيل الحكومة، بينما تؤكد أوساط التيار أنه مع تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن ولكن ليس بأي ثمن، وأن هناك حاجة للاتفاق على دور الحكومة في الفترة الفاصلة وضرورة اتخاذ قرارات كثيرة خصوصاً في حالة الشغور الرئاسي.

و كتبت صحيفة البناء بعد أقل من 24 ساعة على إقرار مجلس النواب موازنة العام 2022، وفي خطوة فاجأت الموالاة والمعارضة، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري النواب لانتخاب رئيس جمهورية قبل ظهر الخميس المقبل.

يعقد مجلس النواب غداً أول جلساته المخصّصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفقاً للدعوة التي وجّهها رئيس مجلس النواب نبيه بري، مستفيداً من المواقف الدولية والإقليمية الداعية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي ضمن المهلة الدستورية، وما لاقاها في الداخل من مواقف داعمة لانتخاب الرئيس الجديد وعدم الوقوع في الفراغ الدستوريّ، خصوصاً مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي، ودار الفتوى، بصورة مكنت من الاعتقاد بأن أيّ سعي لتعطيل النصاب سيكون مصيره الفشل لافتقاده الغطاءين الداخلي والخارجي، ومع انعقاد الجلسة التي يمكن أن تشهد أكثر من دورة، يحتاج المرشح للفوز في الدورة الأولى منها لأغلبية الثلثين التي يتكوّن منها نصاب حضور كل الدورات الانتخابيّة، فيما يكفي للفوز في الدورات التي تلي تصويت الأغلبية المطلقة المكوّنة من 65 نائباً لصالح مرشح يعتبر فائزاً ويعلن رئيساً جديداً للجمهورية، وهو ما تستبعد مصادر متابعة حدوثه في جلسة الغد، مع توقع ظهور الأسماء التي تدعمها الكتل النيابية وحجم التصويت لكل منها، ما يفتح الباب الجدّي للتشاور طلباً لتوافق يضمن حصول أحد المرشحين على الأغلبية اللازمة للفوز، قبل الدعوة لجلسة ثانية أو ثالثة، وربما ضمن المهلة الدستوريّة، أو بعد انقضائها بقليل.

فتح الباب أمام الاستحقاق الرئاسي لم يسحب ملف تشكيل الحكومة الجديدة من التداول، فالخشية من عدم انتخاب رئيس ضمن المهلة الدستورية قائمة، والانقسام حول حدود صلاحية حكومة تصريف الأعمال في ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية سبب كافٍ للسير بتشكيل حكومة جديدة تحظى بالتوافق وبثقة المجلس النيابي. وفي هذا السياق أكدت مصادر متابعة للمسار الحكومي أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم يقوم بمسعى للوساطة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة لتدوير الزوايا حول الحد الأدنى من مواضيع الخلاف واستبعاد كل أسباب وشروط جديدة تُعيد البحث إلى مساحة التباعد واحتمالات الفشل. وقالت المصادر إن مهمة اللواء إبراهيم تحظى بدعم ثنائي حركة أمل وحزب الله والحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، وتحظى خارجياً بدعم ومواكبة فرنسيين، وعدم ممانعة أميركية سعودية، يقول البعض إنها بلغت مرحلة التشجيع.

وإذ دفعت دعوة بري الكتل النيابية للاجتماع لتحديد مواقفها وحسم تحالفاتها، لم تُعرف الخلفية التي اتكأ عليها رئيس المجلس بدعوته، وما إذا كان التمس إمكانية للتوافق بين الكتل النيابية أم فقط من منطلق القيام بواجباته الدستورية ورمي الكرة على ملعب القوى التي تطالبه بالدعوة الى الجلسة، أم لجس نبض الكتل وحثها للإسراع بحسم أمرها؟

صحيفة النهار كتبت أيضا على طريقة تسديد كرة البيلياردو التي تصيب كرات عدة قبل سقوطها في هدفها فاجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري الكتل النيابية والقوى السياسية والمراجع المعنية جميعا بدعوة سريعة خاطفة من زاوية الواقع المتثاقل للاستحقاق الرئاسي الى الجلسة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية المقبل غدا الخميس .

المفاجأة لا تتصل بواقع الحال بالتوقيت الدستوري لانها جاءت عمليا بعد 28 يوما من بدء المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس بما يعني انها متاخرة وليست متعجلة . بل ان الامر يتصل بدلالات قد تكتسب طابعا طارئا لجملة عوامل تبينها بعض المعطيات والمعلومات كما بعض التقديرات . ذلك ان عامل "المباغتة" في توجيه بري للدعوة برز عبر توجيهها غداة إقرار مجلس النواب قانون الموازنة في مشهد مربك نيابيا وسياسيا وماليا واقتصاديا فيما العد العكسي للاستحقاق يتقدم بسرعة كبيرة بلا أي افق واضح حيال الاتجاهات التي تتربص به . ومع انه سبق لبري ان اعلن بوضوح انه يقدم إقرار الموازنة والمشاريع الإصلاحية على أولى جلسات انتخاب رئيس الجمهورية فانه البارحة سارع من حيث لم يتوقع احد الى توجيه الدعوة فيما كان ترددات جلسة الموازنة لا تزال تشغل المشهد النيابي والسياسي .

الدلالة الثانية تتصل باختزال بري لما سبق له ان اعلنه الأسبوع الماضي تحديدا انه يربط توجيه الدعوة الى جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بشيء معقول من التوافق فاذا به البارحة يتجاوز هذا الشرط ويوجه الدعوة وهو الاعلم بان أي قدر من التوافق لم يتوافر بعد بما عكس معطيات طارئة لديه جعلته يقدم على توجيه الدعوة .

وقد توافرت معلومات لالنهار ان بري أراد اقفال الباب سريعا على بدايات تحميله تبعات المساهمة في تعطيل انتخاب الرئيس كلما تمادى في التريث في توجيه الدعوة وهو بذلك ربما يرد على انتقاد وجهه تحديدا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته الأخيرة حيال عدم الاحتكام الى الانعقاد الدائم للجلسات كما يمليها الدستور دون انتظار عوامل أخرى كما حذر من اسقاط التمثيل الماروني في السلطة عبر الفراغ الرئاسي .

وبذلك تشير المعلومات الى ان بري أراد من الجلسة أيضا ان تكون جلسة اختبار النيات للجميع بما في ذلك الذين قد يكشفون استعمال فقدان النصاب في الجلسة الأولى وبما يطلق أيضا المسار الرئاسي عمليا بدءا من غد الخميس . وثمة من ذهب ابعد في التقديرات فربط جانبا من دعوة بري المفاجئة بالعرقلة الطارئة لتعويم الحكومة فجاءت الدعوة لتدخل البلد في مناخ مختلف من شأنه محاصرة نهج تعطيل المحاولات المتواصلة لتعويم او تعديل الحكومة وتضع الاستحقاق الرئاسي في الأولوية التي تحول دون "ترف" طرح الشروط الخاصة والفئوية في ما تبقى من ولاية العهد .

والحال ان الدعوة سرعان ما فتحت قنوات التواصل والتشاور بين اطراف المعارضة على مصراعيها لتحديد الموقف وتنسيق الخطوة تلافيا لتكرار سيناريوهات انتخابية حصلت في المجلس ودفعت ثمنها غاليا. كما ستشهد الساعات المقبلة تكثيفا للمشاورات بما يرسم سيناريو الجلسة غدا .

وأثارت الدعوة في جانب اخر جدلا دستوريا حول احقية تشريع المجلس بعد تحوّله الى هيئة ناخبة او عدمها خصوصا لجهة منح الثقة للحكومة في حال صدرت مراسيم تشكيلها. ولكن الآراء الدستورية تقر بإمكان المضي في الجلسات الانتخابية كما في جلسات التشريع بفصل ما بين المسارين ما داما غير متزامنين كما ان ليس ثمة ما يحول دستوريا دون انعقاد المجلس لمنح الحكومة الجديدة الثقة ولو كان هيئة انتخابية لان ما ينطبق على الاطار التشريعي ينسحب على موضوع الثقة التي تشكل استحقاقا دستوريا يسوغ انعقاد المجلس في أي لحظة .