ما سر تمدد جبهة النصرة في ريف حلب الشمالي بضوء أخضر تركي؟

ما سر تمدد جبهة النصرة في ريف حلب الشمالي بضوء أخضر تركي؟
الخميس ١٣ أكتوبر ٢٠٢٢ - ٠٥:١١ بتوقيت غرينتش

دخلت الحسابات الميدانية في شمال غرب سوريا، مرحلة جديدة، مساحة تتسع لتشمل الاشتباك الاقليمي والدولي في الشمال السوري، ليكتب في بعده الاستراتيجي الكثير، وهو ليس ببعيد عن الهدير التركي المتدحرج بأدوات عدة، ومنها الاقتتال بين المجموعات المسلحة، حيث دخلت جبهة النصرة الى مدينة عفرين في ريف حلب الشمالي، وتتابع مسيرها نحو كفر جنة ومن ثم اعزاز. 

العالم - شكول

أيام ثلاثة استغرق وصول ارتال المجموعات المسلحة التابعة للنصرة وحلفائها االى عفرين، عبر سلسلة معارك بين الاخوة الأعداء، بهدف السيطرة على مناطق نفوذ جديدة، في ظل جهود انقرة الرامية لتقديم هذه المنطقة، كنموذج لمنطقة امنة شكلت اهم اهدافها خلال السنوات الماضية في الشمال السوري. هناك في شمال غرب سوريا، سرقت جبهة النصرة الإرهابية أوراق القوة، واعادت خلط أوراق التوزيع، والتركي يراقب بنصف عين، لتتمكن من السيطرة على قرية قرزيحل بريف عفرين، وصولاً إلى أطراف عفرين، ومن ثم اقتحامها والسيطرة عليها، ليحقق الجولاني الإرهابي، حلمه ويضع قدمه في اول طريق السيطرة على ريف حلب الشمالي، لتكون تركيا ومن بعدها النصرة هي الرابح الأوحد من كل الفوضى والاقتتال بين الإرهابيين، كون النصرة هي وسيلة الاتراك للتخلص من عبء المجموعات المسلحة في ريف حلب وادلب وحماة.

هنا يجب ان نتوقف قليلا، لنتفق ان كل تلك المجموعات المسلحة، في البؤر المتبقية لها في شمال سوريا، جميعها نشأت من جذر المشروع الإرهابي ذاته ومن داخله وامتدت فروعها لتصل الى جغرافيا واسعة في سوريا، وهي على الأرض لا تختلف فيما بينها بالتشكيل البنيوي الداخلي، ان اقتتال تلك المجموعات لا يخفي خطرها او رصيدها الإرهابي، وهي لا تتعدى اورام ناتجة عن مقاربات سياسية خاطئة، حول أدوارها ومستقبلها، وحتى خارطة وجودها، ليظهر بالنتيجة بعد الاقتتال مشهد سياسي ينتج تحالفات نهائية، فتلك المجموعات المتناحرة في ريف حلب، لا يقتصر دورها على الارتزاق السياسي او الخيانة، ولا على نهب الثروات السورية وتهديد امن البلاد، بل تتنافس على رضا الدول المشغلة لها، وتسعى لتكون ضمن التحالفات القادمة، وهذا ما يعيد طرح السؤال المؤجل دائما، الى متى ستبقى هذه الورم والوهم يدعم من قبل تركيا وسواها من الدول، وهل سيطول هذا السيناريو المرسوم لتعويم جبهة النصرة والمجموعات المسلحة، على أساس انها فصائل معتدلة، عبر تشكيل تحالفات جديدة، وتصديرها لمماطلة اكثر بتطبيق تفاهمات استانا، فهذا السيناريو يتكرر، وقبل ذلك، ساهم الاتراك في توحيد المجموعات المسلحة في ادلب تحت قيادة النصرة، لاظهارها بمظهر المعتدل، تماشيا مع ابعاد الإرهابيين الأجانب من ادلب، واليوم يتكرر السيناريو، فقبل الاشتباك قبل أيام بين المجموعات المسلحة، قامت جبهة النصرة بنشر الإرهابيين الأجانب في خطوط التماس مع ما يسمى الجيش الوطني في محيط عفرين وريف حلب، واختار الجولاني مع الأتراك مناطق محددة في ريف حلب بعيدة عن الحدود التركية، لزجهم في المعارك، لتأتي المرحلة الثانية وهي دمج "المجموعات المسلحة" في شمال وشمال غرب سورية تحت ظلال الأتراك، لتنصهر في بوتقة واحدة، تتصدرهم جبهة النصرة.

ان ما يجري في ريف حلب الشمالي، لا يتعدى محاولة رسم خريطة سيطرة جديدة، وإعادة توزيع مهام المجموعات المسلحة، وتوظيفهم ضمن منظومة الإرهاب، وحسابات المشاريع الإقليمية لهم، ولا يعني ذلك تبدل الأولويات لدى تلك المجموعات او مشغليها، بل تغيير في أسلوب المعالجة من المشغل، وما كان متروكا لأساليب أخرى، بات عديم الجدوى، وان نتائج التمدد لجبهة النصرة في ريف حلب الشمالي، ستقطف ثماره جبهة النصرة والتركي الداعم لها، وإعادة دفع تلك المجموعات الخاسرة للحرب، الى العباءة التركية بشروط جديدة، والايحاء لها ان لا خلاص لها الا الرضوخ الكامل للتركي، وتوحيدها في مشروع جديد، ستكشف الأيام أهدافه.

* بقلم حسام زيدان

كلمات دليلية :