زيارة باسيل تكسر الجليد مع بري.. والسعودية تلغي العشاء السويسري

زيارة باسيل تكسر الجليد مع بري.. والسعودية تلغي العشاء السويسري
الثلاثاء ١٨ أكتوبر ٢٠٢٢ - ٠٦:٤٣ بتوقيت غرينتش

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الثلاثاء التراجع السويسري عن دعوة العشاء التي كانت وجهتها السفيرة السويسرية لممثلي القوى السياسية الذي أجهضته السعودية دفاعًا عن اتفاق الطائف، في حين لا يزال تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس موضع اهتمامات الصحف، خصوصًا بعد زيارة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، ما اعتبر فرصة أخيرة تسبق الفراغيْن.

العالم _ لبنان

صحيفة الاخبار اليوم الثلثاء كتبت لم تهدأ بعد العاصفة الكلامية التي افتتحها السفير السعودي في بيروت وليد البخاري ضد العشاء الذي دعت إليه السفارة السويسرية في بيروت، تمهيداً لمؤتمر حواري يُعقَد حول لبنان في جنيف الشهر المقبل، فيما بدت البلاد مشدودة الأعصاب على وقع تشاؤم مشوب بانتظار ثقيل لإعادة تفعيل الاتصالات المتعلقة بتشكيل الحكومة، والتي باتت ولادتها بالنسبة إلى معظم القوى السياسية «مسألة أيام» قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون نهاية الشهر الجاري.

صحيفة البناء كتبت كان الحدث الأبرز سياسياً هو زيارة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على رأس وفد من التكتل لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو ما وصفته مصادر نيابية بأول كسر جليد حقيقيّ يفتح الباب لإحداث اختراق ممكن قبل نهاية المهلة الدستورية المتاحة أمام مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل نهاية ولاية الرئيس العماد ميشال عون بعد أسبوعين.

وتقول المصادر إن تفاهم بري وباسيل إذا تحقق، يفتح الطريق لبحث جدي بين بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وبين بري ونواب كتلة الاعتدال العشرة، بحيث يتوافر المجال لتوفير نصاب الـ 86 نائباً المطلوب لانعقاد جلسة انتخاب يفوز فيها مرشح متفق عليه بـ 65 صوتاً على الأقل، وهو ما كان لافتاً تذكير النائب باسيل به كمقدّمة لشرح الحاجة الملحة لتفاهمات لا تتناسب مع الخطاب التعبويّ الصداميّ الذي شكل سمة المرحلة السابقة في علاقة التيار الوطني الحر مع حركة أمل، بما يعزز فرضية الواقعية السياسية التي يتقنها باسيل، ويجد صعوبة في إسقاطها على الحسابات الرئاسية، حيث تفاهمه مع الرئيس بري مفتاح التقدم خطوة جدية، لرئيس صنع في لبنان، قبل أن تدخل الأيادي الخارجية على مطبخ صناعة الرئيس الجديد.

سياسياً، تابعت القيادات السياسية والوسط الإعلامي مسار التراجع السويسري عن دعوة العشاء التي كانت وجهتها السفيرة السويسرية لممثلي القوى السياسية، حيث بدا أن التراجع، الذي شمل أيضاً مدعوين للمشاركة اعتذروا عن غيابهم، لم يكن نتيجة احترام سويسريّ للسيادة اللبنانية، ولا لتمسك المعتذرين بها، بل لضغوط سعودية عبر عنها السفير وليد البخاري، الذي غرّد بعبارات ظهرت كرد على دعوة السفيرة السويسرية، التي قيل إنها تتضمن فتح حوار بحثاً عن بديل لاتفاق الطائف، بقوله، “وثيقةُ الوفاقِ الوطنيِّ عقدٌ مُلزمٌ لإرساءِ ركائزِ الكيانِ اللبنانيِّ التعدديِّ، والبديلُ عنهُ لن يكونَ ميثاقًا آخر بل تفكيكٌ لعقدِ العيشِ المُشتركِ، وزوالِ الوطنِ الموحَّد، واستبدالهُ بكيانات لا تُشبهُ لُبنانَ الرسالةَ”، وكان لافتاً تلويح السفير السعودي بزوال الوطن الموحّد إذا تمّ المساس باتفاق الطائف.

وطغى الاستنفار الدبلوماسي السعودي ضد العشاء السياسي في السفارة السويسرية، على المشهد السياسي وملأ مع جولة تكتل لبنان القوي على رؤساء الكتل النيابية، الفراغ حتى موعد الجلسة الثالثة لانتخاب رئيس الجمهورية الخميس المقبل.

ولم يكد السفير السعودي وليد بخاري يبدأ جولته الرئاسية، حتى أعلنت السفارة السويسرية إرجاء الدعوة الى إشعار آخر.

وجال بخاري بين بعبدا وعين التينة، وأكد بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «حرص المملكة على وحدة لبنان وشعبه وعمقه العربي، انطلاقاً من المبادئ الوطنية الميثاقية التي وردت في اتفاق الطائف الذي شكل قاعدة أساسية حمت لبنان وأمّنت الاستقرار فيه، وشدّد على «أهمية انجاز الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها.

وكانت السفارة السويسرية في لبنان وسورية أصدرت بياناً، أكدت فيه أنّه خلال الشهرين الماضيين، وبالتعاون مع منظمة مركز الحوار الإنساني التي تتخذ سويسرا مقراً لها، تواصلت سويسرا مع جميع الجهات الفاعلة السياسية اللبنانية والإقليمية والدولية للتحضير لمناقشات تشاورية وليس مؤتمر حوار». وأضافت «من التقاليد السويسرية بذل مساعٍ حميدة عندما يطلب منها ذلك، تأتي هذه المناقشات المزمع عقدها نتيجة مشاورات سابقة مع جميع الأطياف السياسية اللبنانية والإقليمية والدولية، في ظل احترام تام لاتفاق الطائف والدستور اللبناني.

وأشارت السفارة في بيانها إلى أن العشاء غير الرسمي الذي كان من المفترض أن يُقام هذا الثلاثاء في منزل السفيرة السويسرية، يهدفُ إلى تعزيز تبادل الأفكار بين مختلف الجهات الفاعلة السياسية اللبنانية»، وأردفت «الأسماء المتداولة في وسائل الإعلام لا تشمل أسماء المدعوين فعلياً، مع هذا، فقد جرى تأجيل العشاء إلى موعدٍ لاحق.

وإذ علمت البناء أن السفارة السعودية طلبت من بعض القوى المدعوة للقاء عدم تلبية الدعوة، أشارت مصادر سياسية الى أن السعودية تستشعر خطراً على اتفاق الطائف الذي شكل الغطاء للنفوذ السعودي في لبنان خلال العقود الثلاثة الماضية، لذلك ترى السعودية في أي دعوة خارجية للحوار بين الأطراف اللبنانية بأنها مصدر خطر وتستهدف حضورها ومكاسبها في لبنان، وبالتالي تلمست خطراً من أن يتحول العشاء في السفارة السويسرية الى لقاء في الخارج ومنصة للحوار اللبناني – اللبناني ينتج تسوية للأزمة اللبنانية تكون بديلاً عن اتفاق الطائف في ظل الخلاف الأميركي – السعودي الأخير، ويتعزز الخوف السعودي وفق المصادر بعدما خسرت حلفاء تاريخيين لها في لبنان كالرئيس سعد الحريري وآخرين وبعد تشظي القوى السنية الى كتل صغيرة مشتتة، ولذلك حاول السفير السعودي مؤخراً جمع أشلاء القوى السنية النيابية في كتلة واحدة للتأثير على قرار الطائفة السنية في الاستحقاقات المقبلة لا سيما رئاسة الجمهورية.

وكتبت النهار توقعت أوساط سياسية ونيابية بارزة ان تشهد الساحة السياسية في الآتي من الأيام حركة كثيفة بكل الطابع الاستثنائي الذي تستلزمه محاولات ما يسمى الفرصة الأخيرة المتاحة للحؤول دون وقوع لبنان في محظور الشغور الرئاسي اذ يخشى ان تجاربه السابقة في الفراغ لن تقاس تداعياتها ونتائجها السلبية بالمقارنة مع التجربة الجديدة اذا حصل الشغور، لان لبنان لم يكن ولا مرة سابقا في واقع انهياري كالذي يعيشه راهنا، والذي سيتفاقم على نحو شديد متى صار الفراغ عنوان المرحلة الجديدة التي ستقبل عليها البلاد.

وكشفت الأوساط نفسها ان المهلة الأخيرة الفاصلة عن 31 تشرين الأول ستشهد كذلك ما يمكن ان يشكل المحاولة الأخيرة أيضا لبت الملف الحكومي علّ الانفراج على هذا المحور يخفف التوتر السياسي الذي يخشى ان يرافق نهاية الولاية الرئاسية ويتسبب بمزيد من التعقيدات والترددات السلبية. ويبدو ان الحركة التي يقوم بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم تنطلق من هذا الواقع مع عدم تكبير الرهانات على هذا التحرك قبل اتضاح ما اذا كانت ملامح مرونة طرأت على خط بعبدا – السرايا.