بعد منح أمريكا الحصانة لإبن سلمان

بين جمال خاشقجي ومهسا أميني.. النفاق الأمريكي عارياً

بين جمال خاشقجي ومهسا أميني.. النفاق الأمريكي عارياً
السبت ١٩ نوفمبر ٢٠٢٢ - ٠٩:٣٢ بتوقيت غرينتش

رغم انه لا حاجة لتتبع السياسة الامريكية ازاء مختلف القضايا في العالم، لمعرفة حجم النفاق الرهيب الذي يعتبر عنوانا لهذه السياسية، فتاريخ امريكا الدموي بحد ذاته خير شاهد ودليل على ذلك، ولكن مع ذلك سنقف على هذا النفاق وهو عار جدا، في تعامله مع قضيتين، الاولى مع مقتل الصحفي السعودي الشنيع والفظيع جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، والثانية وفاة المواطنة الايرانية المرحومة مهسا أميني في ايران.

العالم كشكول

الطريقة المرعبة التي قتل فيها خاشقجي، عندما ارسل ولي العهد السعودي مجموعة من ضباط الامن الى تركيا لاستدراجه الى قنصلية السعودية في اسطنبول، وقتله، وتقطيع جثته بالمنشار على صوت الموسيقى، ثم احراق اجزاء من الجثة في فرن، واذابة الاجزاء الاخرى بالتيزاب، هذه الجريمة دفعت الحزبين الجمهوري والديمقراطي الى عادة النظر في علاقات امريكا مع السعودية، حتى ان الرئيس الامريكي جو بايدن اعلن انه سيجعل السعودية منبوذة كما هي فعلا، ولكن كل ذلك الغضب الامريكي الاستعراضي، خمد واندثر، رغم وجود تقارير مختلفة لاجهزة المخابرات الامريكية التي اكدت تورط ابن سلمان بالجريمة وبشكل مباشر.

آخر فصل من فصول مسرحية الغضب الامريكي على ابن سلمان، أسدل عليه الستار امس الجمعة، عندما اعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إنه "لا يمكن مقاضاة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الولايات المتحدة بشأن مقتل الصحفي جمال خاشقجي، لأنه يتمتع بالحصانة بصفته رئيسا لحكومة، لا علاقة لها بحيثيات القضية".

في المقابل تنقل شرطة الاداب الايرانية المواطنة مهسا اميني الى احد مراكز الشرطة لارشادها بطريقة الالتزام بالزي الاسلامي في الاماكن العامة، الا انها تسقط مغشيا عليها، دون ان تتعرض لإي تعنيف جسدي، كما شاهد العالم تسجيلات الكاميرات التي بثتها التلفزة الايرانية، وتم نقلها الى المستشفى لتلقي العلاج، الا انها دخلت في غيبوبة وتوفيت على اثرها، وتبين فيما بعد ان المرحومة اميني كانت قد اجرت عملية قبل سنوات لاستئصال ورم في المخ، كما كانت تتناول ادوية بانتظام، وهو ما كشفته التقارير الطبية، وخاصة تقرير الطبيب الذي اجرى لها العملية.

كما أتصل كبار المسؤولين الايرانيين بعائلة المرحومة اميني، وعلى راسهم الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي، واعربوا عن تعازيهم بوفاة اميني، كما زار مسؤولون ايرانيون كبار منزل والد المرحومة واكدوا عن اسفهم لما جرى، كما شدد المسؤولون الايرانيون على انه سيتم معالجة الخلل في تطبيق معايير الالتزام بالزي الاسلامي.

في الوقت الذي تبين للعالم اجمع ان المرحومة اميني لم تتعرض للضرب مطلقا، كما روجت له وسائل الاعلام الامريكية والسعودية، الا اننا رأينا ردة فعل وزیر الخارجیة‌ الامریكي انتوني بلینكن في تغريدة على حسابه في تويتر حيث قال:" لقد فرضنا عقوبات على شرطة الآداب الإيرانية ، الكيان المسؤول عن اعتقال وقتل مهسا أميني.. يجب أن تكون مهسا أميني على قيد الحياة اليوم. وبدلاً من ذلك ، حزن عليها الولايات المتحدة والشعب الإيراني". وانهى الوزير الامريكي تغريدته بوسم #مهسا_اميني.

من جانبها ، قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين في بيان ، إن هذه العقوبات تستهدف "شرطة الأخلاق الإيرانية وكبار المسؤولين الأمنيين الإيرانيين المسؤولين عن هذا القمع"، و"تثبت الالتزام الواضح لإدارة بايدن-هاريس لجهة الدفاع عن حقوق الانسان وحقوق النساء في إيران والعالم".

هذا فيما اعتبر البيت الأبيض، حادثة وفاة اميني "انتهاكا صارخا ومروعا لحقوق الإنسان". وخرج الرئيس جو بايدن إلى العلن ليؤكد تاييده لاعمال الشغب التي تجري في يران.

عندما وصفنا النفاق الامريكي بالعاري، فاننا لا نبالغ بهذا الوصف، فانه حتى لو نظرنا بحسن نية الى قرار وزارة العدل الأمريكية بان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يتمتع بالحصانة من الاتهامات بقتل الصحفي جمال خاشقجي، ولكن لماذا لم تفرض امريكا عقوبات على كبار المسؤولين السعوديين، او تفرض حظرا على السعودية، وتحث الغرب على ممارسة الضغط على السعودية وفرض حظر عليها، وتأليب الراي العام السعودي على السلطات السعودية، وارسال السلاح والارهابيين الى الداخل السعودي لزعزعة الامن والاستقرار؟!!.

رغم اننا كغيرنا نعرف جواب هذه الاسئلة، الا اننا سنكتفي برد فعل خطيبة خاشقجي السيدة خديجة جنكيز، على القرر الامريكي، حيث قالت "ان خاشقجي مات مرة اخرى اليوم"، واضافت :"اعتقدنا أنه ربما يكون هناك ضوء للعدالة من الولايات المتحدة الأميركية، ولكن مرة أخرى، جاء المال أولاً".