علاقات الصين وألمانيا فوق صفيح ساخن

علاقات الصين وألمانيا فوق صفيح ساخن
الأحد ٢٢ يناير ٢٠٢٣ - ٠٧:٤٨ بتوقيت غرينتش

باتت علاقة ألمانيا مع الصين أكثر توترا من أي وقت مضى، حيث حذر الحزب الذي يتزعمه المستشار أولاف شولتس صراحة من انهيارها.

العالم - مقالات وتحليلات

ووفقا لزعيم الحزب الديمقراطي الاشتراكي، لارس كلينغبيل، قد تضطر ألمانيا إلى قطع علاقاتها مع الصين كما الحال مع روسيا.

وأضاف كلينغبيل لصحيفة "دي تسايت" المحلية: "علينا أن ندرك أنه غدا أو بعد غد أو بعد 10 سنوات، أو عندما تعبر الصين حدودها لتهاجم تايوان، فإن علاقتنا مع الصين ستتغير بشكل أساسي، كما هو الحال مع روسيا الآن".

كما دعا كلينغبيل، ألمانيا إلى أن تصبح "أكثر استقلالية" عن الصين، وفتح أسواق بديلة وإيجاد شركاء آخرين لتجارة المواد الخام، كنتيجة "للدرس العظيم المستفاد" من العلاقة مع روسيا.

وكانت العلاقات بين ألمانيا والصين توترت على خلفية زيارة وفد برلماني ألماني إلى تايوان، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وانتقدت بكين زيارة النواب الألمان إلى تايوان وحثتهم على "عدم إرسال إشارات خاطئة" إلى "القوى الانفصالية".

وجاء في بيان صادر عن السفارة الصينية في برلين آنذاك: "لا يُسمح للجانب الألماني بإجراء أي اتصالات رسمية مع تايوان، وهذا ينطبق أيضًا على البرلمانيين الألمان. هذا المبدأ جزء من سياسة الصين الواحدة".

وذكر البيان، أن الصين "ستواصل معارضة الجهود الرامية إلى تقويض سيادتها، ووحدة أراضيها".

وتعتبر بكين تايوان "جزءا لا يتجزأ من الأراضي الصينية"، وتحث دول العالم بشدة على تجنب العلاقات المباشرة مع تايبيه.

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلن المستشار الألماني تغييرا في استراتيجية بلاده تجاه الصين، قبل ساعات فقط من زيارته الأولى إلى بكين منذ توليه منصبه في 2021.

وكتب شولتس في مقال لصحيفة "Frankfurter Allgemeine Zeitung" المحلية، أن مخرجات مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني الأخير (أكتوبر 2022)، أقنعته بأن تغيير سياسة برلين تجاه بكين بات "أمرا ضروريا".

** منافسة منهجية

تعتبر حكومة شولتس (يسار وسط)، الصين "منافسا منهجيا"، وسلطت الضوء على حاجة ألمانيا إلى التنويع السياسي والاقتصادي بشكل خاص من خلال التركيز على العلاقات مع دول المحيطين الهندي والهادئ، بينها الهند، واليابان، وكوريا الجنوبية، وإندونيسيا، وفيتنام.

كما سعت الحكومة الألمانية إلى الضغط على بكين، لتحقيق تكافؤ في الفرص أمام الشركات الألمانية والأوروبية التي تعمل في الصين.

وتعمل وزارة الشؤون الاقتصادية والطاقة الألمانية على تقليل اعتمادها على الصين فيما يتعلق بالمواد الخام والبطاريات وأشباه الموصلات.

وعلاوة على ذلك، تقوم الحكومة أيضا بإعادة تقييم ضمانات الاستثمار والتصدير التي توفرها للشركات الألمانية التي تعمل في الصين.

ووفقًا لدراسة حديثة، فإن التجارة الخارجية الألمانية مع الصين باتت تعاني من "اختلال متصاعد".

من ناحية أخرى، أصبحت الصين أقل أهمية كوجهة للصادرات الألمانية، وفقًا لتحليل أجرته وكالة التجارة والاستثمار الألمانية "GTAI"، التي تدعم الشركات الألمانية في الخارج والشركات الأجنبية التي تستقر بألمانيا.

** شريك ألمانيا الأول تجاريا

كشف تحليل لوكالة التجارة والاستثمار الألمانية مؤخرا، أن الصين أهم شريك تجاري لألمانيا في عام 2022 للمرة السابعة على التوالي، رغم تراجع بكين من المركز الثاني إلى المركز الرابع في قائمة أهم مستوردي السلع الألمانية.

وجاء تقرير الوكالة استنادا على بيانات من مكتب الإحصاء الاتحادي (تابع لوزارة الداخلية) حتى نوفمبر 2022.

وفسر التقرير ما اعتبره "اختلالا" في التجارة بين برلين وبكين، حيث أشار إلى أن الزيادة في الصادرات إلى الصين "كانت أقل من المتوسط عند 3.7 بالمئة"، بينما ارتفعت قيمة البضائع المستوردة من الصين بنحو 37 بالمئة.

ورجح تقرير الوكالة الألمانية، أن يكون العجز التجاري "قد بلغ ذروته" في 2022، في ظل تنامي حالة "عدم اليقين" لدى الشركات الألمانية العاملة في الصين، على خلفية أزمة تايوان والجهل بمستقبلها.

** مخاطر التبعية

على الرغم من جهود التنويع، إلا أن اعتماد ألمانيا غير المتكافئ على الصين يذكرنا باعتمادها السابق على الطاقة الروسية، وفقًا لمجلس العلاقات الخارجية (مركز أبحاث مقره نيويورك).

وحذر المركز البحثي، من أنه في حالة حدوث أزمة جيوسياسية حول تايوان، فإن تورط الشركات الألمانية في السوق الصينية يثير مخاطر سياسية واقتصادية على أوروبا والعلاقات عبر الأطلسي.

وأوضح أن اعتماد ألمانيا على الصين "يمكن أن يعيق قدرتها على الرد جنبا إلى جنب مع الحلفاء الغربيين" حيال محاولات بكين استعادة تايوان بالقوة، ومن بينها آلية فرض العقوبات.

واعتبر المركز، أن رحلة شولتس إلى بكين أوائل نوفمبر الماضي، زادت من تعقيد الآفاق السياسة الأوروبية المشتركة بشأن الصين.

كما أن توقيت الزيارة الذي جاء بعد فترة وجيزة من فوز شي جين بينغ، بولاية ثالثة على رأس الحزب الشيوعي الصيني، أثار لدى الأوروبيين العديد من المخاوف.

ولفت المركز، أنه طالما أن ألمانيا لا ترغب في تعديل سياستها تجاه الصين بشكل جوهري، وزيادة الاستثمار في سياسة أوروبية تجاه الصين، فإن الدول الأوروبية الأخرى لن تحذو حذو برلين وسيكون من الأسهل بالنسبة لبكين أن تلعب ضد أي منها.

الأناضول