"بطل حفيد شهيد".."خيري علقم" منفذ عملية القدس الذي كسر "هيبة" الإحتلال

الأحد ٢٩ يناير ٢٠٢٣ - ٠٦:٤٠ بتوقيت غرينتش

خمسة عشر طلقة مسدس، عدد الإصابات خمسة عشر جميعها في الجزء العلوي من الجسم، نسبة الدقة مئة بالمئة، من مسافة صفر، نسبة الخطأ صفر، الهدف مستوطنون إسرائيليون كانوا خارجين من كنيس في حي "نيفي يعقوب" الاستيطاني.

العالم - مقالات وتحليلات

الحصيلة كانت مقتل 8 مستوطنين، وجرْح نحو عشرة، اثنان منهم في حال الخطر، ما يجعل حصيلة القتلى مرشّحة للارتفاع.

واستُشهد منفّذ العملية خيري علقم (21 عاماً) من سكّان شرق القدس، بعد وقت قصير، عند اشتباكه مع شرطة العدو.

انه خيري الذي نشر على صفحته على الفيس بوك قبل استشهاده ان " قناص مناسب في مكان مناسب.. أفضل من ألف جندي في ساحة المعركة".. ولم يكتف بنشره على صفحته الشخصية، ولكن مارسه عمليا على الأرض.

الشاب المقدسي الهادئ المكافح، درس حتى الثانوية في مدارس قرية الطور، ثم عمل بعد تخرجه في مجال الكهرباء بالقدس المحتلة، لكنه حمل حكايته الخاصة، والتي تثير الدهشة بتفاصيلها الصغيرة.

بدأت الحكاية في فجر 13 ايار 1998، بعدما طُعن جهده خيري على يد المستوطن اليهودي حاييم بيرلمان، بعدة طعنات قاتلة في ساعة مبكرة من ساعات الفجر، وهو في طريقه إلى مكان عمله بموقع بناء في حي "راموت"، بعد أداء الصلاة في المسجد الأقصى.

خيري علقم الجد كان يبلغ من العمر حينها 51 عاما وهو اب لتسعة أطفال، ليولد بعدها خيري الحفيد ويسمى على اسم جده في 19-11-2001، و ترتيبه الثاني بين أشقائه السبعة.

شرطة العدو في ذلك الوقت قالت إن علقم قُتل على يد كهاني يميني، كان حينها يمارس جرائمه ضد الفلسطينيين في الأحياء المتطرفة في "ميئا شعاريم" و"بيت يسرائيل" في وسط مدينة القدس، لتمضي الأيام ويعتقل حاييم بيرلمان عام 2010، على خلفية طعن فلسطينيين.

ومنهم خيري علقم الجد، وأطلق سراحه من السجن بعد شهر واحد فقط، ليقضي بقية محكوميته رهن الإقامة الجبرية في منزله، ونجح محامي بيرلمان الوزير الحالي بن غفير في اغلاق الملف الجنائي.

في تلك الأيام، كانت القناة الثانية الإسرائيلية، قد بثت تقريرا تؤكد فيه أن بيرلمان كان عميلاً للشين بيت، وأنه تقاضى منهم أموالاً وتمتع بحماية مقابل الإبلاغ عن بعض العناصر في التيار اليهودي المتطرف لاسيما حركة كاهانا المتطرفة، التي كان بيرلمان جزءاً منها.

كما أوردت القناة مقطعاً صوتياً مسرباً يقال إنه لضابط في الشين بيت، يطلب فيه من بيرلمان قتل زعيم الحركة الإسلامية في الداخل المحتل، الشيخ رائد صلاح.

اما القناة العاشرة الإسرائيلية، قالت في ذلك الوقت أن بيرلمان "ارتكب فعلته في 1998 " وظهر في فيلم يقول فيه انه كان يتعاون مع جهاز "شين بيت"، لتقديم معلومات حول الحركات اليهودية المتطرفة مقابل المال.

بعد طي الملف سكن حاييم بيرلمان في مستوطنة تقوع، جنوب بيت لحم، والتي تبعد 34 كيلومترا عن "نيفي يعقوب" وبقي على تواصل مع الوزير الإرهابي "إيتمار بن غفير"، والذي كان اول الواصلين لموقع عملية خيري الحفيد.

اما الترابط الثاني، تتحدث الانباء عن علاقة صداقة كانت تربط الشهيد خيري بالشهيد عدي التميمي، هنا لا نريد ان نقول ان ما جرى في "نيفي يعقوب" هو ليس اشتقاق بطولي بالتنفيذ عن عملية البطل عدي التميمي، لكن الترابط الواضح بين الطريقة والتنفيذ والسلاح والشجاعة، بين الفدائي عدي التميمي ابن ذات المخيم المقدسي شعفاط، عندما خرج بمسدسه أيضا ليهاجم الحاجز العسكري الذي يمتلك من التحصين الأمني الكثير.

وذلك في يوم السبت 8 تشرين الاول 2022، حيث وصل عدي ونفذ العملية، وغادر حتى جاء يوم الأربعاء 19 تشرين الاول 2022 ليقتحم عدي مستوطنة "معاليه أدوميم" رمز الاستيطان الإرهابي الأهم وترك بصمته واستشهد.

هذا الترابط في الطريقة والهجوم من مسافة صفر، تؤكد ان الفلسطيني مازال قادرا على الابداع الثوري، ويمكن تقييم عملية خيري علقم، انها ضمن العمليات، التي نفذت بهدوء مطلق، بعد اختيار الهدف بدقة ونجاح بالرصد وتحديد طريق وصول واخلاء، والمهارة باستخدام السلاح، ما جعل كل ذلك في خدمة الشجاعة، ليشكل المسدس في مثل هذه العمليات، سلاح فعال يعطي نتائج هامة.

حسام زيدان