تقارير غروسي حول إيران.. وحكاية الرجل الذي كان يتظاهر بالنوم

تقارير غروسي حول إيران.. وحكاية الرجل الذي كان يتظاهر بالنوم
السبت ٠٤ فبراير ٢٠٢٣ - ٠٤:٥٩ بتوقيت غرينتش

"أتاح الاتفاق النووي الموقع بين ايران ومجموعة 5+1 عام 2015، تقييد أنشطة طهران النووية في مقابل رفع عقوبات مفروضة عليها. الا أن مفاعيله باتت في حكم اللاغية مذ قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سحب بلاده أحاديا منه في 2018، معيدا فرض عقوبات قاسية على طهران، التي ردت بتقليص التزاماتها تدريجيا من دون الانسحاب من الاتفاق"، هذه الفقرة، لا يخلو منها تقرير او خبر صادر عن وكالات الانباء العالمية، والتي تأتي كخلفية للتقارير والاخبار الخاصة بالمفاوضات النووية.

العالم كشكول

هذه الفقرة بعينها، إقتطعناها من خبر بثته وكالة الانباء الفرنسية اليوم، يتحدث عن تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية صدر قبل ايام. اللافت ان بعض الوكالات العالمية تضيف الى هذه الفقرة جملة "تحت ضغط اسرائيلي"، والتي تأتي عادة بعد جملة " منذ ان قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سحب بلاده أحاديا منه في 2018"، وهو ما يؤكد ان العالم اجمع يعلم ان الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي، لم يكن بسبب ايران، بل بسبب "ضغط اسرائيلي"، وهذا الضغط لم يكن امرا سريا، بل هو امر مكشوف ومعروف، حتى ان رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تقدم حينها بالشكر لترامب لانه "عمل بنصيحته وسحب امريكا من الاتفاق".

الشيء المضحك بعد كل هذا، نرى مواقف وتصريحات مسؤولي امريكا وفرنسا وبريطانيا والمانيا بالاضافة الى مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، وهي تحمل ايران مسؤولية ما وصل اليه الاتفاق النووي، فهم يتحدثون عن "ضرورة ان تعود ايران للالتزام بالاتفاق"، وكأن ايران هي التي انسحبت من الاتفاق، وهي التي فرضت عقوبات قاسية على واشنطن، بينما امريكا وفرنسا والمانيا وبريطانيا، مازالت متمسكة بالاتفاق حتى اليوم!!.

واللافت اكثر هو موقف غروسي، الذي اصدر قبل انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، 15 تقريرا، اكد خلالها وبشكل قاطع التزام ايران الكامل بالاتفاق النووي، بل ان غروسي قال في اكثر من تصريح ان ايران التزمت بالاتفاق اكثر مما يطلب منها الاتفاق، الا انه يأتي اليوم ويضع ايران في دائرة الاتهام، ويطلب منها ما لا من امريكا والاوروبيين، بينما الاتفاق هو عادة بين اطراف، فاذا كان لابد من ان يلتزم طرف ما بالاتفاق فيجب على الاطراف الاخرى ان تلتزم به، ومن غير الممكن ان ينسحب طرف من الاتفاق وينتهكه ويعيد فرض العقوبات، بينما يُنتظر من الطرف الاخر ان يبقى ملتزما به.

الغريب ان غروسي لا يتعامل مع الاتفاق النووي وكأنه خاص بايران، بل ان العالم بدأ يلمس من غروسي محاولات في غاية الخبث تمثلت في فتح ملفات تم اغلاقها بالكامل بعد التوقيع على الاتفاق عام 2015، ومنها مزاعم وجود اماكن في ايران تم العثور فيها على اثار يورانيوم تعود الى سنوات مضت!.

اليوم ايضا اصدر غروسي تقريرا، لاقى ترحيبا كالعادة من الرباعي الامريكي الفرنسي البريطاني الالماني، زعم فيه أن إيران أدخلت تعديلا جوهريا على الربط بين سلسلتين تعاقبيتين من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل الى 60 بالمئة في منشأة فوردو، من دون الإبلاغ عن ذلك بشكل مسبق.

ردت ايران على مزاعم غروسي على لسان رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية محمد إسلامي الذي قال:"بعثنا برسالة الى الوكالة بأن المفتش ارتكب خطأ ورفع تقريرا غير دقيق. لكن مجددا، قام المدير العام للوكالة بنشر ذلك عبر الإعلام..هذا التصرف غير احترافي وغير مقبول، ونأمل في ألا يواصل المدير العام للوكالة هذه الممارسة، لأن هذا الأمر غير مقبول حيال سمعة الوكالة".

يبدو ان من الصعب ان يكف غروسي عن سلوكياته هذه، والتي تأتي وفقا لارادة الرباعي الامريكي الفرنسي البريطاني الالماني، فالرجل يتصرف كالذي يتظاهر بالنوم، ومن الصعب على ايران ان توقظه.