مصير جلسة لبنان التشريعية يُحدد اليوم.. والمصارف لمزيد من التصعيد

مصير جلسة لبنان التشريعية يُحدد اليوم.. والمصارف لمزيد من التصعيد
الإثنين ١٣ فبراير ٢٠٢٣ - ٠٨:٢٧ بتوقيت غرينتش

اهتمت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم الاثنين في بيروت بالجلسة التشريعية لمجلس النواب والتي سيتحدد مصيرها اليوم بعد اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب، هذه الجلسة التي تواجه رفضًا من قبل 46 نائبًا وقّعوا بيانًا مشتركًا أعلنوا فيه عدم مشاركتهم في أي جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية.

العالم - لبنان

وفي وقت تستمر فيه أزمات البلاد على أنواعها، يتواصل إضراب الأساتذة المتعاقدين في التعليم الرسمي، فيما تسود حالة من الترقب لما يمكن أن تؤول إليه تحركات المصارف التي أعلنت إضرابا منذ أيام ملوّحة بمزيد من التصعيد، وكل ذلك يصبّ في مزيد من ارتفاع في سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، حيث بات على أبواب الـ70.000 ليرة لكل دولار واحد.
و كتبت صحيفة البناء تتجه الأنظار الى اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب اليوم للبحث في جدول أعمال جلسة تشريعية ستعقد يوم الخميس المقبل وسط معارضة 46 نائباً وقعوا عريضة منعاً لالتئام البرلمان لكونه بات هيئة انتخابية محذرين من أي محاولة لفرض جلسة تشريعية، وملوّحين بالطعن بما سيصدر عنه.

في المقابل، مصادر في كتلة التحرير والتنمية تشير إلى أن انعقاد الجلسة يتطلب 65 نائباً والنصاب متوفر، وبالتالي لن يؤثر اعتراض الـ46 نائباً، لافتة الى ان جدول الأعمال الذي تبحث في بنوده هيئة المكتب سيناقش بنوداً أساسية وضرورية أبرزها الكابيتال كونترول والتمديد للمديرين العامين في المؤسسات المدنية والأمنية والأسلاك العسكرية. وبالتالي لا يجوز لبعض الفرقاء في الداخل تعطيل البلد كله وإدخال المؤسسات الدستورية في شلل مطلق. فالبلد يحتاج الى انتخاب رئيس لانتظام عمل المؤسسات لكن الى ذلك الحين لا يمكن لبعض المكونات السياسية تعطيل إقرار بعض مشاريع واقتراحات القوانين التي تساهم الى حد كبير في تسيير بعض المرافق العامة.
إلى ذلك عاد الغموض ليخيم على موقف التيار الوطني الحر من الجلسة التشريعية، وبحسب مصادر في التيار الوطني الحر لـ»البناء» فإن الموقف من حضور الجلسة من عدمه رهن جدول الأعمال الذي سيتظهر اليوم بعد اجتماع هيئة مكتب المجلس، قائلة هناك ممثل للتيار الوطني الحر في الهيئة وبالتالي سوف يبلغ الجميع أننا لن نقبل بجدول اعمال فضفاض، وان ملاحظاتنا تكمن على التمديد في الأسلاك الأمنية والعسكرية المرفوض، وقد ابلغ موقفنا الى المعنيين، في هذا الشأن مع استثناء التمديد للمديرين العامين في الإدارات كافة في المؤسسات المدنية.
على خط القطاع المصرفي تتجه المصارف الى الإقفال الشامل والعام الأربعاء المقبل إذا لم تثمر نتائج الجهود المبذولة حلولاً جذرية. وبحسب المعلومات، يتجه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى إجراء مشاورات مع المراجع المعنية من أجل إيجاد حل لأزمة المصارف الذين اعلنوا الإضراب منذ الاسبوع الماضي على قاعدة تنصف المودعين والمصارف في الوقت عينه.
وأعلن أمين عام جمعية المصارف اللبنانية فادي خلف: ان المصارف والمواطن في مركب واحد، ولو أن البعض يحاول وضع الطرفين في مواجهة. والقيّمون على المصارف حريصون على الصالح العام، وهو أولوية مطلقة بالنسبة لهم. وكل قرار سيتخذونه لحل المعضلة، سيأخذ في الحسبان حتماً، الصالح العام، وسيتعاطى مع مصلحة المواطنين على أنها أولوية مطلقة لا يتقدّم عليها أي أمر آخر.
و اعتبر صحيفة الاخبار فيما تلتئم هيئة مكتب مجلس النواب اليوم للتوافق على جدول أعمال جلسة تشريعية يتضمن 81 بنداً، أبرزها الـكابيتال كونترول والتمديد للمدراء العامين ورؤساء الأجهزة الأمنية، أكد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أننا بالطبع لن نشارك في الجلسة، مشيراً إلى أن ما ينطبق على انعقاد حكومة تصريف الأعمال لجهة عدم الانعقاد في ظل الفراغ الرئاسي، ينسحب أيضاً على مجلس النواب الذي يعتبر هيئة ناخبة «إلا في حالات الطوارئ والضرورة القصوى». في وقت تربط قوى أخرى مشاركتها بما سيتضمّنه جدول الأعمال.
مقاطعة التيار المؤكدة معطوفة على رفض كتلة القوات اللبنانية يعني غياب أكبر كتلتين مسيحيتين عن الجلسة التي كان مقرراً أن تُعقد خلال أسبوعين، ما يثير أسئلة عما إذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري سيُفرمل اندفاعته، والأهم ما إذا كان التشريع قد طار إلى أمد غير قريب، خصوصاً أن باسيل أكد في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي أن «ما يدفع إلى المشاركة هو الأمور الطارئة، والطارئ الوحيد حالياً هو انتخاب الرئيس.

حتى الآن لا جواب حاسماً بشأن مصير الجلسة التي ستكون العنوان الطاغي على التطورات الداخلية مطلع الأسبوع، خصوصاً أن الجلسة مطلوبة لإقرار قوانين يشترطها صندوق النقد الدولي أهمها الكابيتال كونترول، فضلاً عن التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يحال إلى التقاعد الشهر المقبل. وكان 46 نائباً (القوات والكتائب ومستقلين وتغييريين) أعلنوا مقاطعة الجلسة وعدم الاعتراف بما ينتج منها والطعن في قراراتها. فيما علمت الأخبار أن لقاء سيُعقد غداً في منزل النائب نبيل بدر يحضره النواب بلال الحشيمي، محمد سليمان، عماد الحوت، نبيل بدر، عبد العزيز الصمد، أحمد الخير، وليد البعريني لإعلان موقفهم من المشاركة. كما يعقد حزب «الطاشناق» اجتماعاً لدرس جدول الأعمال، فيما أكد النائب جميل السيد أنه لن يقاطع الجلسة في حال تمت الدعوة إليها، لكنه «معترض على تشريع الضرورة لا سيما قانون الكابيتال كونترول» ومشاركته تأتي بهدف «التأثير في النقاشات التي ستحصل خاصة في هذا القانون.
مصادر نيابية أكدت أن لا مشكلة في النصاب بالنسبة للجلسة إذ إنها تحتاج إلى حضور 65 نائباً، وأي قانون يحتاج إلى غالبية هؤلاء لإقراره». لكن العقدة التي استجدت تكمن في النِصاب الميثاقي الذي كانَ يُراهن على باسيل لتأمينه، إلا أن رفضه المشاركة كما يبدو سيصعب الأمور على رئيس المجلس الذي لن يكون بمقدوره الدعوة إلى جلسة تشريعية حتى في حضور نواب مسيحيين. وأشارت المصادر أنه كانِ بإمكان بري أن يفعل ذلك لولا أننا في ظرف استثنائي. لكن الاشتباك السياسي – الدستوري على انعقاد مجلس الوزراء وتصوير اجتماع الحكومة ضد المكوّن المسيحي في البلد قد يدفع رئيس المجلس إلى التراجع.
علماً أن القوات والتيار سبقَ أن شاركا عام 2015 بجلسات التشريع في ظل الشغور. وبينما قالت مصادر بارزة في التيار أنه لا يكفي وضع قوانين على جدول الأعمال من دون وجود نية لإقرارها ولا يمكن السير بقوانين تمدد لأشخاص محددين حصراً، لافتة إلى وجود جو كبير بين نواب التيار معترض على المشاركة»، أشارت مصادر سياسية إلى أن الاتصالات مستمرة لإدخال تعديلات على جدول الأعمال تتوافق والشروط التي تضعها الكتل وتحديداً التيار، في سبيل إقناعهم بالمشاركة.
و حسب صحيفة الجمهورية اسبوع آخر من الهزّات السياسية الارتدادية يدخله لبنان في ظل أفق مسدود لكل الاستحقاقات المطروحة، وعلى رأسها الاستحقاق الرئاسي، في ضوء الزلازل السياسية والطبيعية المحيطة بلبنان، والتي تعقبها هزّات ارتدادية خفيفة حيناً وقوية احياناً في انتظار ان تستقر على التوازن المطلوب سياسياً وجيولوجياً. ففيما ينتظر حراك مُرتقب سفراء دول الاجتماع الخماسي الباريسي الاخير في اتجاه المسؤولين لعرض الخلاصات والاستنتاجات التي انتهى إليها هذا الاجتماع بالنسبة الى ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي وتوابعه على مستوى الخطوات والإصلاحات المطلوبة من لبنان، ينتظر في المقابل ان يحسم اجتماع هيئة مكتب المجلس النيابي اليوم مصير الجلسة التشريعية المُزمع عقدها تحت عنوان «تشريع الضرورة» وذلك في ضوء اعلان 46 نائبا امس الاول، في بيان، انهم «لن يشاركوا بأي جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس ولن يعترفوا بأيّ من قوانينها وسيمارسون تجاهها أي حق يمنحه الدستور للطعن بها.
أكدت اوساط نيابية ان رئيس مجلس النواب نبيه بري مصمّم على عقد جلسة تشريعية لإقرار بعض القوانين المُلحّة التي دهمها الوقت، ومن بينها: مشروع قانون «الكابيتال كونترول»، التمديد للقادة الأمنيين، التمديد لكهرباء زحلة، التمديد لقانون الإيجارات غير السكنية (مقار حكومية)، متوقعة ان تتم إحالة مجموعة من اقتراحات القوانين المعجلة المكررة الى اللجان المشتركة.
وحذّرت هذه الاوساط من انّ عدم انعقاد الجلسة سيُفاقم تعطيل البلد ومؤسساته، معتبرة انّ «من حق النواب المعترضين ان يقاطعوا الجلسة التشريعية، الّا ان ذلك لا يمنع انه توجد اكثرية ستُشارك فيها وستؤمّن لها النصاب والميثاقية.
وبالنسبة الى بند التمديد للقادة الأمنيين، أشارت الاوساط الى انّ هناك اقتراحات قوانين عدة في هذا الصدد قدّمتها كتل نيابية، ولكن اللافت ان طرح «اللقاء الديموقراطي» يسمح في طيّاته بالتمديد أيضاً لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لسنتين.
في غضون ذلك توقفت مصادر معارضة أمام ثلاثة تطورات تصبّ في خانة استراتيجيتها السياسية، وقالت انّ «هذه التطورات ستشكل دينامية تصاعدية نحو مزيد من الاختراقات التي تخدم أهدافها الوطنية الإصلاحية والسيادية:

ـ التطور الأول، يتمثّل في الاجتماع الخماسي الدولي الذي عقد في باريس وشكّل أول مرجعية دولية رسمية لمتابعة الوضع السياسي في لبنان، حيث ان الاهتمام بالوضع اللبناني لم يعد بالمفرّق، بل أصبح بالجملة، ما يعني توحيداً للجهود الدولية المتفقة أساساً على تشخيص مشترك للأزمة اللبنانية التي لا يمكن الخروج منها سوى من خلال انتظام مؤسساتي يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية ليس محسوباً على اي فريق من جهة، ويتعهد الالتزام بـ»اتفاق الطائف» وعلاقات لبنان الخليجية والعربية والغربية من جهة ثانية، ويكون قادراً وعازماً على ان يضع بالتعاون مع رئيس الحكومة والحكومة برنامجًا إصلاحيًا يُخرج لبنان من أزمته من جهة ثالثة. فأهمية اجتماع باريس انه أوجَد مرجعية دولية بالشراكة بين عواصم القرار الغربية والعربية مهمتها متابعة الشأن اللبناني وإخراجه من حالة الشغور كخطوة أولى، ومقررات هذا الاجتماع سيتابعها سفراء هذه الدول.
- التطور الثاني، يتعلّق باتفاق معظم مكونات المعارضة للمرة الثانية على التوالي على مقاطعة الجلسة التشريعية في ضوء توقيع 46 نائباً من الكتل النيابية المعارضة والنواب المستقلين بياناً مشتركاً يعلنون فيه رفضهم المشاركة في أي جلسة تشريعية، وينكرون شرعية جلسات كهذه وسط حقبة الفراغ الرئاسي التي يتحوّل فيها مجلس النواب هيئة انتخابية لا اشتراعية. وأما المرة الأولى التي شهدت اتفاقاً بين مكونات المعارضة فكانت دعماً للمحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، وهذا التطور الوحدوي يؤشّر إلى وعي المعارضة ان مواجهة المنظومة لا يمكن ان تتم من مربعات مختلفة، وان المستفيد من انقسامها هو المنظومة.
- التطور الثالث، يرتبط بإصرار كل مكونات المعارضة التي لم تنجح في توحيد صفوفها رئاسياً بعد، على منع وصول رئيس للجمهورية من ٨ آذار، لأن اي رئيس من هذا القبيل يعني استمراراً للأزمة وعدم القدرة على الإصلاح، واستعدادها لمقاطعة جلسات الانتخاب انطلاقاً من مبدأ انّ الآليات الدستورية لا تطبّق فقط عندما يقرر فريق الممانعة تطبيقها ربطاً بظروف معركته الرئاسية، ومَن عطّل الدستور عليه ان يتحمّل مسؤولية هذا التعطيل، والمعارضة لن تكون المنصة التي يستخدمها الفريق الممانع لانتخاب مرشحه الذي يتعارض مع أهدافها الإصلاحية والسيادية.
ورأت المصادر المعارضة انّ هذا المشهد الوحدوي للمعارضة ينحو أكثر فأكثر في اتجاه مزيد من الوحدة التي يمكن ان تنسحب على الاتفاق على مرشح واحد، كما انه يتقاطع مع ظروف خارجية تضع أولوية المصلحة اللبنانية، وبالتالي ظروف الخارج والداخل تصبّ في مصلحتها وليس في مصلحة الفريق الممانع.
العالم_لبنان