التقارب الإيراني السعودي.. وأسباب غضب الثنائي "الأمريكي الإسرائيلي"

التقارب الإيراني السعودي.. وأسباب غضب الثنائي
السبت ١٨ مارس ٢٠٢٣ - ٠٧:٥٢ بتوقيت غرينتش

لم يمر سوى أسبوع واحد على اعلان إيران والسعودية، في بيان مشترك من الصين، الاتفاق على استئناف الحوار والعلاقات الدبلوماسية بينهما، حتى حل امين المجلس الاعلى للامن القومي الإيراني علي شمخاني ضيفا على الامارات، في تأكيد إيراني إضافي على سياسة طهران بالتوجه نحو الشرق والانفتاح على دول الجوار.

العالم قضية اليوم

شمخاني الذي زار دولة الامارات علي رأس وفد اقتصادي امني رفيع المستوى، التقى الرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان ، ونائب الرئيس الإماراتي محمد بن راشد آل مكتوم، و نظيره الاماراتي مستشار الأمن القومي طحنون بن زايد آل نهيان، وبحث معهم العلاقات الثنائية والقضايا والإقليمية والدولية.

عندما نقول ان زيارة شمخاني الى الامارات جاءت كتأكيد اضافي على سياسة انفتاح ايران على الجيران، فإيران كانت ومازالت يدها ممدودة الى جميع جيرانها، وخاصة الاشقاء في الخليج الفارسي، لاعتقادها الراسخ، بان امنها هو من امن جيرانها، وانه لا يمكن لاي بلد من بلدان المنطقة ان ينعم بالامن بينما هناك بلد من بلدانها يتعرض امنه للخطر، فالمنطقة تجمعها جغرافيا واحدة، وهذه الجغرافيا تفرض نفسها على الجميع، للتفكير بشكل جماعي، بهدف تعزيز العلاقات في شتى المجالات وفي مقدمتها الامنية والاقتصادية.

ترى ايران ان العامل الاجنبي، وهو العامل الامريكي و"الاسرائيلي" بالتحديد، هو من اهم العوامل التي تقف وراء الازمات التي تعاني منها المنطقة، والتي تتعمد إفشال اي مساعي او جهود اقليمية، للتقارب بين دولها، من اجل تشديد هذه الازمات واستغلالها لمصلحة العامل الاجنبي، وهي مصلحة تتناقض كليا مع مصلحة دول المنطقة. لذلك يمكن اعتبار الاتفاق الايراني السعودي وزيارة شمخاني للامارات، هي محاولة جادة وصادقة، لتذليل العقبات التي تقف وراء اي تقارب ايراني عربي.

ان اختلاق الازمات، او التشديد من حدتها، هي سياسة امريكية معلنة ومعروفة، كشف عنها وزير الخارجية الامريكي الاسبق هنري كيسنجر، في كتابه "الدبلوماسية، من الحرب الباردة وحتى يومنا هذا"، حيث يؤكد كيسنجر، انه ليس مهمة امريكا ان تحل مشاكل العالم ولكن مهتمها الامساك بخيوط تلك المشاكل وإدارتها لخدمة مصالحها. وهذا ما كانت ومازالت تحذر منه ايران، من ان امريكا هي من تفتعل الازمات في المنطقة، وتغذيها، من اجل ان تجد لها طريقا للتدخل في شؤونها، ومنع اي تقارب بين دولها.

امريكا ترى في اي تقارب بين دول المنطقة، تهديدا لوجودها غير المشروع فيها، ففي حال تقارب دول المنطقة، عندها ستنتفي الحاجة لكل هذا التواجد العسكري الامريكي المزعزع للاستقرار، والذي ينهش كالسرطان ميزانياتها، ويستنزف ثرواتها، ويبعثر فرص تنميتها وتطورها. وهذا ما اتضح من ردود فعل امريكا والكيان الاسرائيلي ازاء الاتفاق الايراني السعودي، فقد القى ظلالا من الشك على الاتفاق، بل شنا حربا نفسية على الاتفاق بهدف اجهاضه، ومن جوانب الحرب النفسية تلك، هي ان البلدين قدما تنازلات من اجل الوصل الى الاتفاق، بينما الحقيقة، لا السعودية ولا ايران، لم تقدما اي تنازلات للاخر، وكل الذي حدث هو ان البلدين قررا الخروج من من دائرة الخصام الى دائرة الوئام، من اجل مصلحتهما ومصلحة المنطقة. صحيح ان الاتفاق لم يتطرق الى اي من ملفات المنطقة، الا انه ونظرا الى دور ايران والسعودية المحوري والهام في المنطقة، فمن المؤكد ان الاتفاق سيؤثر ايجابا، على جميع ملفات المنطقة، وهو ما اغضب امريكا والكيان الاسرائيلي.

أحمد محمد – العالم