مطار حلب.. وجه الصهيونية القبيح واستراتيجية استهداف المطارات المدنية

مطار حلب.. وجه الصهيونية القبيح واستراتيجية استهداف المطارات المدنية
الجمعة ٢٤ مارس ٢٠٢٣ - ٠٩:٤٩ بتوقيت غرينتش

مع محاولات السوريين استجماع قواهم، ولملمة جراحهم واثار الزلزال، لم يطق كيان الاحتلال الإسرائيلي دور المتفرج، او محرك الدمى او الداعم للإرهاب، بل تسلل تحت جنح الظلام فجر 22-3-2023، واعتدى على مطار حلب الذي مازال يستقبل المساعدات الإنسانية من مختلف دول العالم. عدوان كان بمثابة صفعة على وجه المجتمع والقانون الدولي، وجريمة موصوفة بحق الإنسانية، التي لم تلق إلا الإدانات.

العالم - كشكول

ومع ضجيج محركات الطائرات التي تنقل المساعدات الدولية والعربية إلى سوريا، قرر الكيان الإسرائيلي أن يتدخل للمرة الثانية في مطار حلب، والرابعة في عموم الأراضي السورية، كعامل مساعد في اثار الزلزال، حيث اعتدت الطائرات الصهيونية على المطار برشقة صواريخ أطلقتْها من البحر، أدّت إلى أضرار في مدرجه وبعض التجهيزات الملاحية، ومن ثمّ إخراجه عن الخدمة، ما يعيق إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى المحافظة الأكثر تضرّراً من جرّاء الكارثة، في استئناف واضح لتكتيك الكيان المتمثل بالمعركة بين الحروب، وضمن استراتيجيته قطع أي اتصال لدمشق مع العالم الخارجي، حتى ولو في ظل ظرف كالزلزال لزيادة الضغط على سوريا.

إن العدوان الإسرائيلي على المطارات المدنية، يتناقض مع اتفاقية شيكاغو 1944 التي نظمت عمل الطيران المدني الدولي، ومن ثم تشكيل منظمة الطيران المدني الدولي "إيكاو" التي تتخذ من مونتريال في كندا مقراً لها، والتي تجرم استهداف المطارات المدنية، وبالتالي يتحمل الكيان المسؤولية الجنائية عن هذه الجريمة، بحسب منظمة الطيران المدني الدولي ICAO، ويجب محاسبة الكيان على كل الاعتداءات على المرافق الحيوية في البلاد، والتي لم تكن حديثة، فهذا أسلوب الكيان، الذي اعتدى سابقا على مطار دمشق في حرب حزيران 1967. ولم تسلم المطارات المدنية العربية من عدوانه ، ففي تموز 1948، اعتدى الصهاينة على مدينتي اللد والرملة في فلسطين المحتلة، واستولت العصابات الصهيونية حينها على مطار اللد الدولي، وقصف الطيران الحربي في الكيان مطار بيروت الدولي اكثر من مرة، ومنها في كانون الأول 1968، ما أدى إلى تدمير 13 طائرة ركاب مدنية بلغت قيمتها 44 مليون دولار في ذلك الوقت، وعاد لقصفه في عام 2006، مما أدى إلى شل حركته. كما قصف الكيان محيط مطار القاهرة الدولي في عام 1970، خلال حرب الاستنزاف، وجرائم عديدة في هذا السياق على المطارات العربية والسورية، ما يدلل ان قوانين المجتمع الدولي ما هي الا حالة صورية، لا تملك أي قوة نافذة لمعاقبة الكيان، لأنها جزء من حماية وجوده على الأرض.

الكيان الإسرائيلي الذي استغل كارثة الزلزال ليزيد على الدمار دمارا، اختار مطار حلب ليكون الهدف، ما يوضح الاستراتيجية الصهيونية في العدوان على البلاد، فبينما دمشق مشغولة بالنهوض بعد كارثة الزلزال، والعالم اجمع يترقب الاحتياجات الإنسانية للشعب السوري، جراء الحصار والكارثة، كان للكيان رأي اخر، يتمثل بإيقاف التعاطف الدولي والإقليمي مع الشعب السوري، وتعطيل الانفتاح على دمشق، وزيادة معاناة الناس المتضررين من الزلزال، وإعادة الملف السوري الى واجهة العدوان، فالجميع يعلم ان اكثر ما كان يوجع الكيان الإسرائيلي هو مشهد قوافل الإغاثة القادمة من مختلف الدول، وبالذات من الحشد الشعبي العراقي والجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي وصل معظمها براً، وكان لمطار حلب النصيب الأكبر من الطائرات التي كانت محملة بالمواد الاغاثية، وهذا العدوان ما هو الا استكمال لمسيرة اعتداءات إسرائيلية طالت سابقا مطاري حلب ودمشق، وميناء اللاذقية، ومعبر البوكمال البري، ما يعني ان الهدف لم يعد مبهما او خفيا على احد، وهو منع أي تواصل مع الدولة السورية عبر الحدود البرية او الجوية او البحرية، ورسائل أخرى موجهة للداخل في الكيان، في محاولة بائسة من الدولة العميقة في الكيان، لمنع أي استثمار من محور المقاومة في الوضع الداخلي الاسرائيلي الهش.

اما استراتيجيا فأن الكيان يعلم جيدا، ان المنطقة نجت من مشروع فوضى كبير بفضل صمود محور المقاومة، واليوم على المستوى السياسي والدبلوماسي يُعمل في المنطقة على تجاوز كل الازمات الى نقطة الاستقرار، ما يعني ضرب المشروع الإسرائيلي والامريكي بالكامل، من هنا يعتقد الكيان المحتل انه قادر ان يفرض ارادته ضمن نظام الاستقرار القادم للمنطقة، بمساندة بعض الدول القريبة منه، ومن خلال استمرار العدوان الذي يشنه بالتشارك مع الولايات المتحدة على سوريا، وتخريب كل جهود محور المقاومة لفرض صيغة إقليمية جديدة في منطقة غرب اسيا بالكامل، لذلك يعمل الكيان ضمن الظروف الحالية، لمواجهة الترتيبات الكبرى في المنطقة، بإعادة الفوضى او فرض الشروط، تحقيقا لمصلحته أولا، ومصلحة واشنطن ثانيا، الا ان ما يجري على الأرض، يقوض كل مساعي الكيان وحلفائه، وما مشهد استقبال الرئيس الأسد في موسكو او أبو ظبي الا دليل واضح على قفزة سياسية كبرى حققت في المنطقة والاقليم.

*بقلم حسام زيدان