ماكرون يتجاهل البرلمان ويقمع المتظاهرين.. لماذا إبتلع أدعياء حقوق الإنسان ألسنتهم؟

ماكرون يتجاهل البرلمان ويقمع المتظاهرين.. لماذا إبتلع أدعياء حقوق الإنسان ألسنتهم؟
السبت ٢٥ مارس ٢٠٢٣ - ٠٩:٠١ بتوقيت غرينتش

في فرنسا، التي تحشر انفها في كل صغيرة وكبيرة من شؤون الدول الاخرى، وتحديدا الدول التي ترفض التبعية الغربية وتحترم سيادتها وقرارها الوطني، بإسم الدفع عن حقوق الانسان، نراها اليوم لا تتجاهل نزول نحو 4 ملايين فرنسي الى الشوارع إحتجاجا على قانون التقاعد الذي تسعى الحكومة لتمريره بعيدا عن البرلمان، فحسب بل تقمع المتظاهرين السلميين، بوحشية، عبر استخدام العنف المفرط.

العالم - قضية اليوم

الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون الذي لم يكتف بالتصريح، بمناسبة او بغيرها، من ان على ايران ان تحترم صوت "المحتجين"، بل استقبل في قصر الاليزية، زعماء مثيري الشغب، وشجعهم علنا على الابقاء على منسوب الفوضى مرتفعا في المدن الايرانية بشتى السبل، وذهب الى ابعد من ذلك عندما ارسل جواسيسه وعملاءه الى ايران، تحت مسميات شتى، الا انهم وقعوا في قبضة اجهزة الامن الايرانية، واعترفوا بالاهداف التي من اجلها تم ارسالهم الى ايران، ماكرون هذا حاول التقليل من شأن ما يجري في فرنسا من احتجاجات، عبر التغطية عليها، مستعينا بتواطؤ الغرب الذي عادة ما يبتلع لسانه، عندما تكون الاحتجاجات في جغرافيته، حيث تفقد حقوق الانسان وحرية التعبير والديمقراطية معانيها، الا ان الاحتجاجات هذه المرة كانت اكبر من ان يمكن التغطية عليها.

في الوقت الذي تعلن الكونفيدرالية العامة للعمال في بيان لها يوم امس الجمعة، مشاركة 3.5 ملايين متظاهر في احتجاجات يوم الخميس في جميع أنحاء فرنسا بينهم 800 ألف في باريس، والتي اعتبرت هذه المشاركة هي الأكبر منذ بدء الموجات الاحتجاجية ضد قانون التقاعد بباريس في 7 مارس/آذار الجاري، مازالت حكومة ماكرون، تصر على أن عدد المشاركين لم يصل إلى هذا المستوى، وانه تم تسجيل مشاركة 1.08 ملايين شخص في احتجاجات الخميس!!.

اللافت انه في الوقت الذي تحاول حكومة ماكرون التقليل من حجم الاحتجاجات، نراها تعلن عن تأجيل زيارة ملك بريطانيا تشارلز الثالث التي كان من المقرر ان تجري يوم الأحد لفرنسا، خشيت ان يرى ملك بريطانيا شوارع باريس التي تحولت الى ما يشبه ساحة حرب، وكذلك رؤية نحو 10 آلاف طن من القمامة، تكدست في شوارع باريس، بعد ان دخل إضراب عمال النظافة أسبوعه الثالث.

عندما خرج ما يزيد عن 800 ألف متظاهر في شوارع باريس يوم الخميس الماضي ، بحسب النقابات العمالية، إكتفى المتظاهرون برفع شعارات تطالب ماكرون بالعودة عن قراره، ولكن الذي حدث ان قوات الشرطة حاولت منعهم بالقوة، فاندلعت اشتباكات عنيفة، بعد ان استخدمت قوات الشرطة القوة المفرطة والغاز المسيل للدموع، وبلغت الاشتباكات ذروتها عند المساء وبدأ منسوب التوتر بالارتفاع أكثر فأكثر. وبعدما خيم الظلام، باتت شوارع باريس ساحة حرب مفتوحة فالنيران اشتعلت في كل مكان والاشتباكات بين المحتجين وقوات الشرطة أصبحت مباشرة ودامية، وتم اعتقال نحو 500 متظاهر ، واصابة المئات بجروح، واعتداءات وحشية طالت حتى المارة العزل.

الغريب ان ماكرون الذي يرفع دائما شعارات "الديمقرطية وحقوق الانسان"، "وضرورة الاصغاء الى الشعب"، نراه يضرب بكل تلك الشعارات عرض الحائط، بعد أقرار قانون رفع سن التقاعد، دون موافقة البرلمان، وهو ما أجج الرأي العام الذي دخل في حرب مفتوحة مع الحكومة، ورفع المتظاهرون شعارات مناهضة لماكرون، واتهموه بـ"عدم الإصغاء للفرنسيين" والعيش في "برج عاجي".

من غير المتوقع ان تهدأ الاحتجاجات في فرنسا حتى يتراجع ماكرون عن قراره، لا سيما بعد ان دعت النقابات الفرنسية إلى يوم عاشر من الاضرابات والتظاهرات يوم الثلاثاء المقبل، وهو خبر لم ولن يكون سارا بالمرة لماكرون وحكومته، الذين عليهم ان يصغوا لنصيحة الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، الذي دعاهم الى ضرورة ان "تتكلم الحكومة الفرنسية مع شعبها وتصغي إلى صوته.. وبدلا من أن تزرعوا الفوضى في دول أخرى يجب أن تصغوا إلى صوت شعبكم وتجنب استخدام العنف تجاهه".

أحمد محمد