في الذكرى الـ20 لغزو العراق.. محاولات تبييض صفحة حكم الطاغية صدام

في الذكرى الـ20 لغزو العراق.. محاولات تبييض صفحة حكم الطاغية صدام
الأربعاء ٢٩ مارس ٢٠٢٣ - ٠٧:١٩ بتوقيت غرينتش

يلاحظ المتابع للشأن العراقي، ان هناك جهات داخل العراق عربية واجنبية، معروفة للشعب العراقي، تحاول منذ فترة تبييض الصفحة السوداء والدموية لحكم الطاغية صدام، واعادة الحياة لعصابة البعث الصدامي المجرمة، وتكثف هذا التوجه، مع مرور الذكرى العشرين للغزو الامريكي للعراق عام 2003.

العالم كشكول

الجهات التي تقف وراء هذه الحملة، هي نفسها التي ساهمت بشكل مباشر في غزو العراق ، مثل امريكا وبريطانيا ، او بشكل غير مباشر عبر الدعم العسكري والمالي والاعلامي لتحضير ارضية الغزو.

واللافت ان بقايا البعث الصدامي، من الذين هربوا الى خارج العراق، وتقودهم اليوم وشكل علني رغد ابنة الطاغية صدام، بالاضافة الى البعثيين الصداميين، من الذين خلعوا عنهم لباس البعث الصدامي وإستبدلوه بلباس الاحزاب التي عارضت حكم الطاغية، وكذلك البعثيين الصداميين الذين دستهم امريكا في العملية السياسية، بشتى الطرق، اصبحوا اليوم جزءا من الحملة التي تعمل ليل نهار على تبييض صفحة عهد الطاغية، على أمل العودة مرة اخرى لحكم العراق.

الخطير في الامر ان الهجوم الاعلامي والنفسي الذي تقوده هذه الجهات، يستهدف شريحة كبيرة من الشعب العراقي، من الذين لم يعيشوا فترة حكم الطاغية وعصابته الاجرامية، من الذين ولدوا بعد عام 2003، او قبل ذلك بقليل، والذين يعيشون في ظل النظام الجديد، الذي تفننت امريكا، في إضعافه وإفساده ومحاصرته وتقييده، من خلال تدخلها في كل صغيرة وكبيرة من شؤونه، ومن فرضها نظام المحاصصة الطائفية والقومية المقيت عليه، على امل تقسيم العراق، ومن خلال دس عملائها وعناصر البعث الصدامي الى مفاصل الدولة لضرب كل جهد يصب في صالح العراق الجديد، وعبر صناعة الجماعات الارهابية والتكفيرية وآخرها "داعش" لتحويل نهار العراقيين الى ليل دامس، ومن خلال منع ومحاربة كل الاحزاب والشخصيات الوطنية والاسلامية الحقيقية، من فرصة قيادة العراق وانقاذه من تداعيات حكم الطاغية صدام ومن تداعيات الغزو الامريكي.

وآخر محاولة لهذا التحالف المشؤوم، على طريق تبييض صفحة البعث الصدامي الدموية، جاءت من بريطانيا، أم وابو الاستعمار، والمسؤولة عن كل المآسي والكوارث التي حلت ومازالت تحل بالعرب والمسلمين، وفي مقدمتها "اسرائيل" الغدة السرطانية التي زرعتها في جسد العالم الاسلامي، في بريطانيا هذه وبمناسبة الذكرى العشرين لسقوط صنم بغداد، خرجت علينا صحيفة "فايننشال تايمز" يوم امس الثلاثاء بمقال إفتتاحي، جاء في جانب منه :"بعد 20 عاما من الغزو الأمريكي للعراق لم يعد غريبا سماع شكاوى السنة والشيعة على حد سواء، وإعلانهم أن الحياة في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين كانت أحسن.. ان الغزو جاء لمساعدة العراقيين على بناء بلد موحد، مستقر وحر ، ومع ذلك، وبعد 20 عاما من قعقعة صوت الدبابات التي اجتازت الحدود إلى العراق، ليس هناك سوى شيء واحد يوحد العراقيين، حس الخيبة من الحالة التي وصل إليها بلدهم".

من الواضح ان الصحيفة تعرف جيدا، من الذي كان يدعم نظام الطاغية، ومن سلطه على رقاب العراقيين اكثر من 35 عاما، ومن الذي حرضه على شن عدوانه على الجمهورية الاسلامية في ايران، ودعمه بالمال والسلاح على مدى ثماني سنوات، ومن الذي سلحه بالسلاح الكيمياوي لاستخدامه ضد الشعبين الايراني والعراقي، ومن الذي دعمه عندما كان يدفن مئاتت الالاف من شعبه وهم احياء في صحارى العراق، ومن الذي حرضه على غزو الكويت، ليكون مدخلا لمحاصرة الشعب العراقي وتجويعه، وبابا للتدخل في شؤون المنطقة، ومن الذين لايسمح اليوم ليتحول العراق الى بلد حر مستقر، عبر تواجده العسكري غير المشروع في العراق ورفضه مغادرته رغم مطالبة البرلمان العراقي.

ان الشريحة التي يستهدفها هذا الهجوم الاعلامي والنفسي، هي شريحة واعية، حتى وان كانت لم تعاصر اجرام الطاغية وعصاباته، الا ان لها اجدادا واباء واعماما واخوالا واقرباء، تفنن الطاغيىة في تعذيبهم وقتلهم وتغييبهم، وهم يشعرون بإجرام الطاغية من خلال اثار هذا الاجرام على اجساد محبيهم، كما انهم لم ينخدعوا باعلام من كان سببا في كل مآسيهم، من امريكيين وبريطانيين وبعض الانظمة المتحالفة، فـ"داعش" ليس سوى وليد مسخ، لهذ التحالف المشؤوم.. ان الطاغية صدام ذهب الى مزبلة التاريخ، وكل ما يقال عن هذا التحالف المشؤوم ، لا يعكس الا شعور إيتامه وبقايا عصابته، والذين سيلحقون به الى مزبلة التاريخ، ولا يمثلون، لا من قريب ولا من بعيد، الشارع العراقي.