أجهزة لبنان الأمنية تحذّر من التحريض واستثمار الحوادث: الفتنة أشد من القتل

أجهزة لبنان الأمنية تحذّر من التحريض واستثمار الحوادث: الفتنة أشد من القتل
الجمعة ١١ أغسطس ٢٠٢٣ - ٠٧:١٣ بتوقيت غرينتش

في الفترة الماضية، كان العديد من المراقبين ينتظرون أن يكون شهر آب الحالي حامياً على المستوى المالي، إنطلاقاً من تداعيات إنتهاء ولاية الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، غير ان المفاجأة كانت بالقدرة على الحفاظ على إستقرار سعر صرف الدولار في السوق السوداء، مقابل بروز مخاوف من تدهور أمني كبير في البلاد، في الداخل أو على الجبهة الجنوبية.

العالم - لبنان

في هذا السياق، تشير بعض المصادر المتابعة إلى أنّ الخشية بالدرجة الأولى ليست بالحوادث الأمنيّة التي يمكن ضبطها بحال تُرك الأمر للأجهزة الأمنية، بل الخشية مرتبطة في مكان ما بالرغبة الداخليّة في إستثمار أيّ حادث من الممكن أن يحصل، على إعتبار أن هذا الأمر قد يصبّ في صالح هذا الفريق أو ذاك، الأمر الذي ظهر بشكل أساس في التعامل مع أحداث عين الحلوة في البداية، التي تلتها التحذيرات التي صدرت عن بعض السفارات العربية، بالرغم من أنّ معطيات الأجهزة الأمنيّة الرسميّة كانت معاكسة للجو الذي أظهرته تلك البيانات التي أوحت وكأنّ لبنان على شفير الحرب، ثم حادثة الكحالة.

بالتزامن، تلفت هذه المصادر النظر إلى أن طريقة التعاطي مع بعض الحوادث الأمنية، في الأيام الماضية، بدءا من جريمة القتل في عين إبل وصولاً إلى حادثة الكحالة، أظهرت أن ليس هناك ما يمنع بعض الأفرقاء من الذهاب بعيداً في إستغلال أي حادث، حتى ولو كان الثمن التضحية بالإستقرار الأمني النسبي القائم في البلاد، وسقوط الدماء، حيث أن حادثة الكحالة لم تكن لتحصل لولا التحريض الكبير والواسع الذي حصل ذلك النهار، والذي صُودف موعده بعد اكتشاف "جريمة" عين إبل، لا سيما أنّ بعض المواقف ذهبت بعيداً جداً إلى حدّ أنها لا تريد إنتظار نتائج التحقيقات حتى، على قاعدة أن الجهة المسؤولة معلومة مسبقاً، وهو ما اعتادت عليه قوى سياسية تعتمد على الاتهام السياسي، منذ العام 2005 حتى اليوم.

ويقول الكاتب اللبناني محمد علوش انه في السياسة، ما تقدم يمكن قراءته بوجهتين، الأولى هي أنه لن يقود إلى تسهيل أي معالجة سياسية في المدى القريب، خصوصاً أنّ الأوضاع لا تشير إلى إمكانيّة الوصول إلى تسوية سياسية خلال فترة قصيرة، بل على العكس من ذلك من الممكن أن يستجلب المزيد من التعقيدات التي قد تخرج عن السيطرة في أي لحظة، والثانية هي أن ما كنا نقوله منذ زمن بعيد بأن التسوية لا يمكن أن تحصل سوى على الدماء، وهذا ما حصل في أكثر من مناسبة سابقاً!.

لا تزال الأجهزة الأمنية تؤكد أن الوضع الأمني جيد، وهو كذلك نسبياً في بلد يعاني من أزمة اقتصادية خانقة ووضع نفسي سيء، لكن ما يجب التنبه إليه هو حجم الرغبة باستثمار الحوادث والدماء، وهو ما قد يجعل من أيّ حادثة صغيرة "شعلة" لمعارك داخليّة، قد يُعرف كيف تبدأ ولا يُعرف كيف تنتهي، وهذا ما تؤكده مصادر أمنية عبر "النشرة"، مشيرة الى أن المسؤولية اليوم ليست على عاتق الأجهزة الأمنيّة فحسب بل على عاتق القوى السياسية التي تُمعن في حقن النفوس، وما حصل في الكحالة كان لهذا السبب.