القرار السياسي المستقل.. نقطة قوة العلاقات الإيرانية الجزائرية

القرار السياسي المستقل.. نقطة قوة العلاقات الإيرانية الجزائرية
الأربعاء ٢٣ أغسطس ٢٠٢٣ - ٠٧:٤٩ بتوقيت غرينتش

الزيارة التي يقوم بها رئيس رئيس المجلس الوطني الجزائري السيد ابراهيم بوغالي الى ايران، والتي تستغرق 5 ايام، ولقائه كبار المسؤولين الايرانيين، تؤكد على عمق العلاقات التاريخية بين الشعبين الايراني والجزائري، الذي يجمعهما تاريخ طويل من النضال المشرف ضد الهيمنة الغربية، والتغلغل الصهيوني في منطقتنا، والتدخل الامريكي في شؤون الدول العربية والاسلامية، وهو تدخل يتعارض كليا مع مصلحة هذه الدول وشعوبها.

العالم كشكول

اللافت في العلاقة بين ايران والجزائر، هو التقارب حتى التماثل لمواقف البلدين ازاء مختلف القضايا الاقليمية والدولية، فمن الصعب جدا ان تجد تباينا في وجهات نظر البلدين ازاء قضية من القضابا التي تهم العالمين العربي والاسلامي، وهذا الامر تم تأكيده من قبل المسؤول الجزائري ومن قبل المسؤولين الايرانيين، خلال اللقاءات التي جرت بينهما في طهران خلال الزيارة.

من اهم القضايا التي تتفق ايران فيها مع الجزائر هو الدعم المطلق للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، في نضاله العادل ضد الاحتلال الاسرائيلي، ومناصرة هذه القضية في جميع المحافل الاقليمية والدولية، وقدم البلدان اثمانا باهظة لموقفهما المبدئي من هذه القضية، والعالم كله كان شاهدا على الموقف المشرف للجزائري في منع الكيان الاسرائيلي من التوغل في القارة الافريقية، عبر منع منح هذا اللكيان صفة مراقب في الاتحاد الافريقي، رغم كل الضغوط التي تعرضت لها.

كما تتفق الجزائر مع ايران، في مناهضتها وتصديها للسياسة الغربية وعلى راسها امريكا، المبنية على التدخل في شؤزون المنطقة، ومحاولاتها لدق اسفين بين الدول العربية والاسلامية، عبر خلق الفتن والازمات، لمنع اي تقارب او تكامل بين هذه الدول، وذلك من اجل مصلحة الكيان الاسرائيلي وشرعنة التواجد العسكري الامريكي في المنطقة.

التقارب في المواقف بين الجزائر وايران، يعود بالاساس الى السياسة المستقلة للبلدين، الرافضة لتدخل القوى الاخرى في قرارها السياسي، الذي يصب دائما في صالح شعبيهما وشعوب المنطقة، فالجزائر ورغم حجم التأثير الفرنسي الكبير على بعض الدول الافريقية بسبب تاريخها الاستعماري في القارة السمراء، رفضت اي تدخل عسكري فرنسي في الازمة التي تمر بها النيجر حاليا، لانها رات ان المنطقة تعاني بما يكفي ولا تتحمل اندلاع حرب جديدة تحرق الاخضر واليابس، وانه من الممكن عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية التوصل الى حلول ترضي الجميع.

العلاقات السياسية الجيدة التي تربط ايران بالجزائر، يجب ان تؤدي بالضرورة إلى علاقات اقتصادية جيدة بينهما، كما قال السيد ابراهيم بوغالي، الذي اشار الى القانون الذي اقره البرلمان الجزائري والذي من شأنه تسهيل الاستثمار بين البلدين، معتبرا ان إحدى أهداف زيارته الى ايران، تطوير العلاقات الاقتصادية وخاصة في مجال الصناعة البحرية.

في المقابل اكد الرئيس الايراني السيد ابراهيم رئيسي خلال لقائه السيد بوغالي على استعداد ايران مشاركة تجاربها وإنجازاتها التقنية مع دولة الجزائر الصديقة والشقيقة، مؤكدا على اهمية تفعيل نشاطات اللجنة الاقتصادية المشتركة، ووضع خارطة طريق مشتركة، من شأنها القيام بدور فاعل في تسريع وتسهيل الإجراءات الهادفة إلى تطوير التعاون الثنائي بمختلف المجالات.

من المؤكد ان زيارة رئيس البرلماني الجزائري الى ايران، والتي تأتي في سياق تعزيز العلاقات بين الدول المستقلة في المنطقة، لن تنظر اليها امريكا والكيان الاسرائيلي نظرة ارتياح، لانها تتعارض مع استراتيجيتهما، القائمة على منع اي محاولة تقارب سياسية واقتصادية بين دول المنطقة، للحيلولة دون تطورها وازدهارها، وهو هدف لم ولن يتحقق لهذا الثنائي المشؤوم بفضل وجود قيادات حكيمة في البلدان العربية والاسلامية، باتت على دراية تامة بخفايا المؤامرات الامريكية والاسرائيلية الرامية الى بث الفتن والفرقة والنزاع بين الدول والشعوب العربية والاسلامية.