في ذكراه الثلاثين..

إتفاق أوسلو.. والحصاد المُر   

إتفاق أوسلو.. والحصاد المُر   
الأربعاء ١٣ سبتمبر ٢٠٢٣ - ١١:٤٨ بتوقيت غرينتش

في مثل هذا اليوم وقبل 30 عاما وقع رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي السابق "إسحاق رابين" والرئيس الفلسطيني "ياسر عرفات"، اتفاق اوسلو، في حديقة البيت الابيض في واشنطن، بحضور الرئيس الامريكي السابق "بيل كلينتون"، وهو اتفاق بينت الاحداث والتطورات التي جاءت متسارعة بعده، انه كان مصلحة "اسرائيلية" صرفة.

العالمكشكول

اتفاق أوسلو الذي وُقع في 13 سبتمبر/أيلول عام 1993، نص على ضرورة التفاوض، بين الفلسطينيين والمحتل الاسرائيلي، خلال 5 سنوات، على قضايا الحل النهائي، وهي الاستيطان والقدس والأمن والحدود واللاجئين والمياه، تمهيدا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وهي قفضايا تم تجاهلها بالكامل من قبل الاحتلال، بل ان الاحتلال، وعلى العكس من ذلك تماما، استغل الاتفاقية لمصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية وتوسيع المستوطنات، وحقق بذلك قيام "الدولة"، ولكن "دولة المستوطنين"!!.

اتفاق اوسلو، الذي وأد الانتفاضة الفلسطينية الاولى، التي استمرت نحو 6 سنوات، كان فخا كبيرا نُصب للقضية الفلسطيينية، فبعد مضى 30 عاما على توقيعه، ورغم كل ما تضمنه من وعود كاذبة، كان من اهم نتائجه تهويد القدس، وانتشار المستوطنات كالسرطان في الاراضي الفلسطينسة المحتلة، ولم تجد السلطة الفلسطينية، في مقابل كل هذا الغدر الاسرائيلي ، الا امريكا، راعية الجلاد، لتشتكي لديه، وهي شكوى، لم تجد يوما آذانا صاغية.

اللافت ان اتفاق أوسلو ينص على انه لا يجوز لأي من الطرفين البدء أو اتخاذ أي خطوة من شأنها تغيير الوضع بالضفة وقطاع غزة لحين انتظار نتائج مفاوضات الوضع النهائي، الا ان هذا البند كان بالنسبة للكيان الاسرائيلي حبرا على ورق، فقد سارع الكيان من بناء المستوطنات خلال فترة المفاوضات!، ووأد بذلك مبكرا حلم الدولة الفلسطينية، الذي مازالت السلطة الفلسطينية، تحلم بالتفاوض من اجل تحقيقه، رغم انه لم يعد هناك من ارض اصلا لتتفاوض عليه!.

وفقا للارقام التي تنشرها مراكز فلسطينية، وحتى مراكز تابعة لكيان الاحلال، فإن أعداد المستوطنين عند التوقيع على اتفاق أوسلو عام 1993 لم تتجاوز 150 ألفا، استوطنوا 144 مستوطنة وبؤرة استيطانية بالضفة والقدس وقطاع غزة، غير أن هذه التجمعات الاستيطانية تضاعفت، بعد اتفاق اوسلو، لتصل اليوم إلى أكثر من 550 تجمعا.

بشكل عام شهد الاستيطان نموا تجاوز 240% مقارنة بما كان سائدا قبل توقيع اتفاق أوسلو وقيام السلطة الفلسطينية عام 1994، حيث يبلغ عدد المستوطنين بالضفة حاليا، اكثر من 700 ألف، أما عددهم في القدس الشرقية فاكثر من 300 ألف، وهو ما يكشف وبشكل واضح، عن مخطط اسرائيلي لجعل القدس المحتلة عاصمة "اسرائيل"، بدعم وتشجيع امريكي صريح، وما نقل السفارة الامريكية الى القدس، الا دليلا على ان الاستيطان الاسرائيلي، يلقى تاييدا كبيرا من امريكا، على عكس ما يتم الترويج له في الاعلام الامريكي.

امام هذه المشهد البائس، هناك مشهد على النقيض منه تماما، فرض نفسه على الواقع الفلسطيني، رافضا اتفاق اوسلو وكل تداعياته ونتائجه، متمثلا بظهور الشباب الفلسطيني المقاوم في الضفة الغربية، الذي رأى نفسه محصورا بين القتل والتشريد، فاختار المقاومة، وحمل السلاح، في وجه عدو لا يفهم الا لغة القوة، ولا يرى في المفاوضات الا استجداء.

هذا الشباب الفلسطيني المقاوم في الضفة الغربية، والذي زلزل الارض من تحت اقدام الاحتلال، بات مقتنعا، ان المفاوضات ليست سوى وهم ، ادخله الامريكيون في عقول بعض الفلسطينيين، حتى لا يرون كيف تغتصب ارضهم، وكيف اقيمت عليها اكثر من 360 مستوطنة، فاصبحوا وسطها غرباء.

ان جيل اليوم الذي يقارع الاحتلال، هو بالمناسبة جيل جاء بعد اتفاق اوسلو، فضل حمل البندقية ورفض ارتهانها، ورفض شراء وهم الدولة، ولن يسمح، بعد اليوم، ان يمثله احد، الا نفسه وبندقيته، وهذا الجيل ضاق الطعم المر لحصاد اوسلو، وبات يدرك ان الكيان الذي فرضه المستعمر البريطاني بالقوة، واستمر بالحياة بفضل القوة التي تمنحها له امريكا، لم ولن يعيد حقا للفلسطينيين، الا بالقوة والقوة وحدها.