إحتفالات الإيرانيين بأطول ليلةٍ في العام (شب يلدا)

إحتفالات الإيرانيين بأطول ليلةٍ في العام (شب يلدا)
الثلاثاء ١٩ ديسمبر ٢٠٢٣ - ١٠:٠٤ بتوقيت غرينتش

ليلة معتمة حالكة السواد، تجمع بين التراث والأسطورة في الحضارة الفارسية القديمة، يحتفل بها الإيرانيون وفق طقوس خاصة.

العالم- ايران

سهر وسمر وموائد عامرة ومليئة بالفاكهة والمكسرات تتلاقى حولها العائلات صغارها وكبارها في أجواء تؤكد دفء العلاقات الأسرية التي يحرص عليها بشدة المجتمع الإيراني.

ليلة يلدا أو "شب يلدا" باللغة الفارسية هي أطول ليلة في العام في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وتمتد لفترة زمنية تتراوح بين غروب شمس يوم الحادي والعشرين من ديسمبر/كانون الأول إلى فجر اليوم التالي بزيادة دقيقةٍ واحدةٍ عن باقي كل ليالي السنة، وتمثل نهاية فصل الخريف وتمهد لبداية دخول الشتاء أو ما يعرف علميا بالانقلاب الشتوي.

لإقامة مراسم ذلك اليوم الموعود، تشهد الأسواق نشاطاً مكثفاً وتزدحم المحال التجارية بسبب إقبال الإيرانيين على شراء ما يحتاجونه من مستلزمات لإحياء أول احتفالات التاريخ الإنساني بالليلة الأطول في العام.

البطيخ، أبرز ما يتصدر المائدة في تلك الليلة، فاللون الأحمر يرمز عند الإيرانيين إلى الشفق الذي يترقب الجميع بزوغه طيلة الليل، حيث تروي الأسطورة قصة الشمس التي تخوض حرباً مع الظلام في ليلة يلدا، صراع بين الخير والشر لتنتهي بانتصار الشمس، فيزداد النهار طولاً ويقصر الليل ويبدأ معها فصل الشتاء.

- أما الرمان فيمثل الصحة والعافية، وتناوله يعود إلى تقليد إيراني قديم لإزالة الأمراض من البدن والوقاية منها خلال الأربعين يوماً القادمة، الأبرد على الإطلاق طوال العام.

المكسرات والمجففات أيضاً لها أهمية كبيرة في هذه المناسبة، فالإيرانيون يدفعون المعاني غير المحببة في نفوسهم من الظلمة بالفرح والبهجة والسرور وسرد الحكايات، في انتظار ولادة الشمس لإحياء الأرض من جديد.

والهدية هنا تقرّب أواصر الود والحميمية، فيما يطغى اللون الأحمر على حلويات ليلة يلدا التي يغتنمها الإيرانيون لتوثيق صلة الأرحام لإيمانهم بأنها تجلب البركة في العمر والرزق.

التجمع في احتفالات "شب يلدا "عادة ما يكون في منزل الجَدِ الأكبر سناً في العائلة، الذي يقص البطولات والطرائف الشعبية وروايات من التاريخ الإيراني ليستلهم منها الحاضرون العبر، بينما يقرأ الشباب دواوين الشعر وفأل حافظ الشيرازي، ويستعرض كل فرد من الأسرة ما فعله طيلة العام ليتعلم الجميع من تجاربه باعتبار هذه الليلة هي ليلة تآخ ووصال.

كلمة "يلدا" تعود إلى اللغة السيريانية القديمة وتعني الميلاد، حيث القناعة الراسخة في الاعتقاد الفارسي بأن أشعة الشمس في أخر أيام الخريف ستذهب دون عودة، لكنها في أول نهار من الشتاء تعود.

وتقول الأسطورة أيضاً إن يلدا ترمز إلى ولادة إلهة المحبة "ميترا"، لكنها ووفقا لتقويم الكنيسة الشرقية هي ليلة ولادة السيد المسيح عليه السلام، ما يجعلها ليلة الكريسماس لبلاد فارس القديمة.

ومهما تعددت الروايات والأساطير، فإن الفلك يقول إن الشمس كانت في أبعد نقطةٍ لها عن الأرض ما يتسبب بأن تكون هذه الليلة هي الأطول والأشد ظلمة، ومع ذلك صارت عند الإيرانيين عيداً للضوء والنور.

خالد حجازي صحفي مصري