العالم- فلسطين المحتلة
ورفعت جنوب أفريقيا قضية أمام "محكمة العدل الدولية" في لاهاي في 29 ديسمبر 2023 ضد الكيان الصهيوني الذي يرتكب إبادة جماعية في قطاع غزة.
وقدمت جنوب أفريقيا ملفاً قانونياً يتألف من 84 صفحة، من أفعال الاحتلال التي تحمل طابع الإبادة لأنها تهدف إلى الدمار بجزء كبير من الفلسطينيين في غزة.
بحسب الحجج المقدمة في الملف، فإن أعمال الإبادة المذكورة تشمل قتل الفلسطينيين، والتسبب بضرر جسدي ونفسي خطير، وتعمد خلق ظروف تهدف إلى "تحقيق تدميرهم الجسدي كمجموعة". كذلك يرد في الملف أن هناك تصريحات علنية لمسؤولين إسرائيليين تعبر عن نية بالإبادة.
تقول المحاضِرة في القانون في جامعة جنوب أستراليا جولييت ماكنتاير إن ملف جنوب أفريقيا "شامل للغاية" وقد تمت "صياغته بعناية مطلقة".
وتضيف في حديثها مع "بي بي سي"، أن الملف "يسعى للرد على كل حجة محتملة من إسرائيل... ومعالجة أي ادعاء قد يشكك في اختصاص المحكمة. وتقول جنوب أفريقيا إنها طرحت الموضوع مع إسرائيل في منتديات مختلفة قبل رفع القضية".
وأعلنت جنوب أفريقيا عن الفريق القانوني الذي سيمثلها، ويضم عدداً من المحامين والخبراء القانونيين، في مقدمتهم جون دوغار، وهو محام وأحد أبرز خبراء القانون الدولي في البلاد، وكان مقرِراً خاصاً للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية، وعمل قاضياً في محكمة العدل الدولية سابقاً.
وتقول ديالا شحادة، المحامية اللبنانية السابقة في المحكمة الجنائية الدولية، "إن إسرائيل قررت المثول أمام المحكمة لأنها من الأطراف الموقعة على اتفاقية الإبادة الجماعية الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1948، وبالتالي لا يمكنها تجاهل الدعوى، أو المخاطرة بصدور حكم غيابي بحقها".
ما هو تعريف الإبادة؟
بحسب اتفاقية "منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها"، الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1948، تعني الإبادة ارتكاب أعمال بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية. وتشمل تلك الأعمال:
- قتل أعضاء من الجماعة.
- إلحاق أذى بدني أو نفسي خطير بأعضاء من الجماعة.
- إخضاع الجماعة، عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.
- فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة.
- نقل أطفال من الجماعة، عنوة، إلى جماعة أخرى.
وتعد الإبادة الجماعية من أكثر الجرائم الدولية صعوبة في الإثبات.
هل توجه تهمة الإبادة الجماعية لدول أم لأفراد؟
بحسب اتفاقية عام 1948، "يعاقب مرتكبو الإبادة الجماعية سواء كانوا حكاماً دستوريين أو موظفين عامين أو أفراداً".
ويمكن توجيه تهمة ارتكاب الإبادة الجماعية لدول أو لأفراد.
ويقول أستاذ القانون المساعد في كلية ترينيتي في دبلن مايكل بيكر، "إن هناك فرقاً بين إدانة دولة بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية، مقارنة بإدانة فرد بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية".
ويقول: "تحديد ذلك الفرق معقد ويمكن أن يسبب الارتباك".
ماذا سيحدث يومي 11 و12 يناير 2024؟
إلى جانب دعوى اتهام الكيان الصهيوني بارتكاب إبادة جماعية، تطلب جنوب أفريقيا من محكمة العدل الدولية اتخاذ تدابير مؤقتة، عبر الطلب من تل ابيب بوقف جميع العمليات العسكرية في غزة. هذا إجراء عاجل، لذلك ستنظر فيه المحكمة أولاً.
تقول ديالا شحادة: "سيكون على المحكمة في البداية تحديد مواعيد بدء المحاكمة وأيضاً مواعيد البت بطلب التدابير المؤقتة لحماية الحقوق التي تقدمت بها جنوب أفريقيا مثل وقف الأعمال العسكرية، والسماح بعودة النازحين قسرياً إلى بيوتهم في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية فوراً".
وبحسب ماكنتاير، "في هذه المرحلة، لن يكون هناك قرار بشأن جريمة إبادة جماعية في هذه المرحلة. والسؤال المطروح هو ما إذا كان هناك احتمال لوقوع ضرر لا يمكن إصلاحه".
وتقول جنوب أفريقيا إن هناك "خطراً معقولاً لحدوث إبادة جماعية"، لذلك يعتبر الوقت عنصراً أساسياً، بحسب ماكنتاير.
تقول ديالا شحادة إن وصلت القضية إلى مرحلة النظر في الجوهر، سيكون هناك احتمالان، "إما أن يصدر حكم يدين إسرائيل بأنها انتهكت الاتفاقية الدولية الخاصة بمنع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وارتكبت جرائم إبادة جماعية أو سهلتها أو حرضت عليا، أو أن يصدر حكم بأنها لم تنتنهكها".
وتقول المحامية: "في حالة ثبوت الانتهاك، يتيح القانون إحالة القضية إلى محكمة محلية في الأراضي التي وقعت فيها جريمة الإبادة، والمقصود هنا الأراضي الفلسطينية المحتلة. علماً أن فلسطين أحالت الجرائم الواقعة فيها منذ تاريخ منتصف يونيو 2014 إلى المحكمة الجنائية الدولية التي هي صاحبة الاختصاص في النظر بمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية، وبالتالي تكون هي المرجع لمحاكمة الأفراد الإسرائيليين إن أدانت محكمة العدل الدولية إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية".