"ميناء بايدن".. لن يكون ممراً لتهجير أهل غزة

السبت ٠٩ مارس ٢٠٢٤ - ١٠:٣١ بتوقيت غرينتش

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أن جيش بلاده سيبني ميناء مؤقتا على ساحل قطاع غزة لإيصال المساعدات الإنسانية عن طريق البحر.

العالم الخبر وإعرابه

-اللافت ان مبادرة بايدن "الانسانية"!، لاقت مباركة من "اسرائيل" وبريطانيا، وهي مباركة اثارت العديد من علامات الاستفهام عن النوايا الحقيقية من وراء اقامة الميناء، فالاطراف الثلاثة ، امريكا وبريطانيا و "اسرائيل"، هي التي تقف وراء المجاعة التي تفتك باطفال واهالي غزة، منذ اكثر من 5 اشهر، وترفض وقف اطلاق النار وفتح المعابر البرية.

-لا يوجد انسان عاقل يمكن ان يصدق بايدن و"انسانيته" التي تفتقت على حين غرة، عن اقامة ميناء لنقل "المساعدات الانسانية" الى غزة، بينما هناك 6 معابر، وهي بيت حانون (إيرز)، وكارني، وناحل عوز، وكرم أبو سالم، وصوفا، بالإضافة إلى معبر رفح على الحدود مع مصر، اغلقتها "اسرائيل" جميعها منذ عام 2007، عدا رفح الذي اغلقته هو ايضا بعد 7 اكتوبر الماضي.

-ان المجاعة التي تفتك باهالي غزة، والتي حذرت منها الامم المتحدة مرارا وتكرارا، لم تكن بسبب طابع الحروب التي تفرض ظروفا استثنائية على المناطق التي تشهد معارك، بل المجاعة في غزة، هي استراتيجية "اسرائيلية" عمدت اليها قوات الاحتلال لتجويع الشعب الفلسطيني في غزة، لتحقيق اهداف باتت مكشوفة، وهي كسر ارادة الانسان الفلسطيني، ودفعه الى الهجرة وترك وطنه.

-عندما نقول ان التجويع هي سياسة "اسرائيلية، فنحن نعني ما نقول اعتمادا، على ممارسات قوات الاحتلال، الني نفذت بالكامل تهديدات وزير الحرب الاسرائيلي يواف غالانت في بداية العدوان على غزة، عندما وصف الفلسطينيين على انهم "حيونات بشرية"، وعلى هذا الاساس سيتصرف معهم، وسيقطع عنهم الطعام والماء والدواء والوقود، دون ان ان يحرك هذا الارهاب الصريح، ضمير بايدن المتكلس.

-بايدن يرى بعينه تفشي المجاعة في غزة، بين اكثر من مليونين فلسطيني، وكيف يموت الاطفال من الجوع ، بسبب الحصار، واستشهاد نحو 31 الف انسان واصابة ما يقارب 100 الف، بسبب الاسلحة التي لا ينفك يمد بها قوات الاحتلال، وانه يسمع ويقرأ يوميا، تقارير اممية بل وحتى امريكية، تتحدث عن "أطفال يموتون بسبب سوء التغذية". وان العالم "لم ير قط مجموعة كاملة من السكان المدنيين تُدفع إلى الجوع بهذه السرعة"، إلا انه يتجاهل كل ذلك وكأن شيئا لم يحدث، بينما بإمكانه ان يوقف كل هذه المأساة، لو كان يمتلك حقا شعورا انسانيا، حتى في حدوده الدنيا، فقط من خلال اتصال هاتفي، مع نتنياهو، وينتهي كل شيء.

-ان القول بأن إنشاء ميناء في غزة، او عمليات الانزال الجوي، التي امر بها بايدن، جاءت لدوافع انسانية، او استجابة للضغوط الداخلية عليه، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، هو في الحقيقة تسطيح للاهداف التي تعمل امريكا على تحقيقها من وراء هذه الممارسات، فالمعروف أن الدول عادة ما تستخدم عمليات الإنزال الجوي والأرصفة البحرية فقط لإيصال المساعدات إلى "أراضي العدو"، بينما الكيان الاسرائيلي هو تابع لامريكا ومنفذا لسياستها في المنطقة، ولا يمكن ان ترفض لامريكا امرا اذا ما طلبت منها الاخيرة فتح المعابر وايصال المساعدات الانسانية، لذلك نعيد ونكرر، ان امريكا تسعى لتحقيق اهداف، اتفقت عليها مع بريطانيا والاتحاد الاوروبي والكيان الاسرائيلي.

-ان كل ما تقوم به امريكا من وراء انشاء الميناء والانزال الجوي هو، الابقاء على المجاعة وليس انهائها، فالسفن التي من المقرر ان تصل الى الميناء ، يجب اولا ان تذهب الى ميناء إسدود "الإسرائيلي" ليتم تدقيقها وفحصها ثم ترسل تحت سيطرة البحرية "الإسرائيلية" والمسيرات الى القطاع، وقبل ذلك، سيكون هناك مفتشون "إسرائيليون" في ميناء لارنكا القبرصي، لفحص شحنات المساعدات، التي من المقرر ان تصل غزة، مما يمنح الكيان السيطرة على تنظيم التدفق بذريعة التدقيق الأمني، وهو ما يعني الابقاء على المجاعة في غزة كما هي.

-اتفاق الثلاثي الامريكي البريطاني "الاسرائيلي" على انشاء الميناء، وفقا للمعطيات الموجودة، دفع اغلب المراقبين الى التحذير من مخطط في غاية الخطورة، يعد لتصفية القضية الفلسطينية برمتها، عبر توفير الظروف لدفع اكثر من مليون فلسطيني لجأوا الى جنوب القطاع، الى الهجرة، ليس الطوعية، بل القسرية، بعد محاصرتهم بين القصف والتجويع، فلا يجدوا حينها من مفر سوى الميناء طلبا للنجاة، لاسيما مع التهديدات التي تطلقها قوات الاحتلال حول نيتهم باجتياح مدينة رفح، اخر ما تبقى من المناطق الامنة في غزة.

-ان مخطط تهجير الفلسطينيين عبر البحر بعد ان فشل مخطط تهجيرهم عبر البر، سيفشل هو ايضا، فلا خيار امام امريكا التي تدير العدوان على غزة، الا خيار وقف اطلاق النار، وهو خيار مازال بايدن يرفض حتى النطق به، الا ان المقاومة البطلة في غزة وصمود الشعب الفلسطيني الاسطوري، ومن ورائهما محور المقاومة، سيدفعان بايدن في النهاية الى النطق بها رغما عن انفه.