فظائع أشدّ من معتقل غوانتنامو.. عمليات إعدام وقتل ممنهجة لمعتقلي غزة

فظائع أشدّ من معتقل غوانتنامو.. عمليات إعدام وقتل ممنهجة لمعتقلي غزة
السبت ٠٩ مارس ٢٠٢٤ - ٠٣:٠١ بتوقيت غرينتش

أفاد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، السبت، بتعرّض الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من غزة لجرائم قتل وتعذيب وحشية في مراكز الاعتقال "الإسرائيلية" منذ بدء الحرب على القطاع.

العالم - فلسطين

واعتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي آلافا من أبناء قطاع غزة المدنيين خلال العدوان البري الوحشي المستمر منذ أشهر، واحتجز مئات منهم في مراكز اعتقال وتحقيق غير معروفة.

وقال المرصد "الأورومتوسطي" إن سجون ومراكز احتجاز "إسرائيلية" تحولت إلى نسخ أشد دموية من معتقل "غوانتنامو"، بما تشهده من أشكال تعذيب مشينة، ومعاملة حاطة بالكرامة الإنسانية، وحرمان الحد الأدنى من الحقوق الأساسية.

وكشف تحقيق لصحيفة "هآرتس" العبرية، أخيرا، عن مقتل 27 معتقلا من قطاع غزة خلال استجوابهم واحتجازهم في منشآت عسكرية "إسرائيلية"، وذلك بفعل التعذيب أو حرمان العلاج.

واستشهد المعتقلون لدى احتجازهم في قاعدتي "سدي تيمان" قرب مدينة بئر السبع في جنوب الاحتلال، و"عناتوت" قرب مدينة القدس المحتلة، أو في أثناء التحقيق معهم في منشآت "إسرائيلية" أخرى دون أن ينشر الجيش أي معطيات عن ظروف مقتلهم.

ووفقا للمرصد، يواصل جيش الاحتلال ارتكاب جريمة الإخفاء القسري للأسرى والمعتقلين من قطاع غزة، ويرفض الإقرار بحرمان هؤلاء حريتهم، من خلال رفضه الإفصاح عن قوائم بأسمائهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم، ما يحرمهم الحماية القانونية المقررة لهم، ولفترات طويلة من الزمن.

وأشار إلى تعرض العديد منهم للتعذيب الجسدي والنفسي والعنف الجنسي والتهديد، فيما تعرض بعض المعتقلين لمساومات وعمليات ابتزاز من أجل التعاون مع الجيش و"الشاباك" الإسرائيلي مقابل التخفيف من تعذيبهم أو الحصول على بعض ما سميت "امتيازات" والإفراج عنهم.

ولفت المرصد إلى أن معسكر "سدي تيمان" الإسرائيلي "تحول إلى سجن "غوانتانامو" جديد يحتجز فيه الأسرى والمعتقلون في ظروف قاسية جدا داخل أماكن أشبه بأقفاص الدجاج في العراء، ودون طعام أو شراب لمدد طويلة، فضلا عن تعرضهم للتعذيب الشديد والضرب المبرح والمعاملة اللاإنسانية، لنزع الاعترافات بالإكراه".

وذكر أن الفئات العمرية للمعتقلين في المعسكر الإسرائيلي تراوح بين الأطفال والشباب وكبار السن، ويحقق معهم وهم معصوبو الأعين وأيديهم مكبلة بشكل متواصل على مدار أيام في مجمعات مسيجة.

وبحسب شهادات نقلها المرصد، فإنه خلال ساعات الليل، تكون الأضواء مضاءة ومسلطة على المعتقلين بقوة بهدف إرهاقهم وحرمانهم النوم على نحو متواصل، فضلا عن تعرضهم لأنماط متعددة من التعذيب وسوء المعاملة، وحرمانهم كليا طوال فترة الاحتجاز أي لقاء مع محامين أو زيارات من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أو تلقي العلاج اللازم.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن تلك الجرائم تستوجب تحرك الجهات القضائية لإخراج جثامين المعتقلين وتحديد هوياتهم وإعادة رفاتهم، وإنصاف الضحايا وعائلاتهم، مؤكدا ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة كافة لإنقاذ حياة الآلاف ممن لا يزالون قيد الاعتقال والأسر والاختفاء القسري.

وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أن اثنين على الأقل ممن قضوا خلال احتجازهم لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي كانا عاملين من قطاع غزة يحملان تصاريح عمل داخل الاراضي المحتلة، وقد اعتقلا بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث احتجز مئات العمال في منشآت عسكرية بدعوى التحقيق معهم.

ونقل المرصد عن "جهاد ياسين" (43 عاما) قوله إنه تعرض للاعتقال لمدة 11 يوما في منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، واحتجز في ظروف "وحشية ومخيفة" تضمنت التعذيب بالصعق بالكهرباء والضرب المبرح وإبقاءه مقيدا، فضلا عن رش مواد غريبة وغير مألوفة على جسده وأجساد معتقلين آخرين، ما يجعلهم عرضة للحشرات، مع تركهم عراة في الطقس البارد.

وأضاف أن "الجنود كانوا يقدمون طعاما سيئا للغاية وعليه علامات العفن. وقد اضطررنا إلى تناول أقراص دواء سببت الهلوسة، ولا أزال أعاني من تأثيرات تلك الحبوب مثل الصداع والدوار، إلى جانب الكدمات الناجمة عن الضرب العنيف".

وقال رضوان كتكت (44 عاما)، وهو موظف لدى السلطة الفلسطينية من سكان شمال قطاع غزة، إنه تعرض في 11 ديسمبر/ كانون الأول الماضي للاعتقال لمدة 32 يوما بعد اقتياده من مركز إيواء قرب مستشفى "كمال عدوان".

وأوضح أنه تعرض لسلسلة جلسات تحقيق، أولها في منطقة نائية شمالي قطاع غزة بعد تقييده من يديه وقدميه وتعريته من ملابسه بالكامل قبل نقله إلى مكان آخر مجاور وتعريضه للتعذيب الشديد بالضرب والشبح، وصولا إلى اقتياده إلى معسكر احتجاز "إسرائيلي" مع نجله وأشخاص آخرين من عائلته.

وأضاف أنه نقل لاحقا إلى حاجز "بيت حانون/إيرز"، شمالي قطاع غزة، حيث "أبقانا الجنود تحت الأمطار في العراء طوال ساعات الليل"، قبل أن ينقل إلى موقع آخر.

وقال: "من شدة الضرب والتعذيب، ظل جسدي ينزف، وكان الجنود يشغلون الموسيقى بصوت عال، ويفتحون المراوح الهوائية على صدورنا بعد صب الماء البارد علينا"، لافتا إلى تعرضه لاحقا للشبح على عمود خرساني بشكل معكوس.

محمد خيري دلول (35 عاما) من سكان حي الزيتون، جنوبي مدينة غزة، كان هو الآخر أحد ضحايا التعذيب الوحشي، بعد اعتقاله في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي واحتجازه لمدة 56 يوما، لدى محاولته النزوح إلى وسط قطاع غزة استجابة لطلب الجيش.

وقال "دلول" في إفادته لفريق "الأورومتوسطي": "في عصر يوم اعتقالي نقلت مع عدد من المعتقلين إلى موقع "بئيري" مكبلي اليدين ومعصوبي الأعين، واحتجزنا داخل خيمة ودخل علينا حوالى عشرة جنود وضربوا الجميع، وكنا حوالى 40 شخصا، وأحدنا كان كفيف النظر، قاموا بنتف ذقنه وهو يصرخ من الألم، ثم نقلت إلى سجن (السبع)، ومكثت فيه لمدة 14 يوما وأنا معصوب الأعين ومكبل اليدين من الأمام، ثم استجوبت مجددا وضربت بشدة".

وتابع: "في اليوم الخامس عشر من اعتقالي، نقلت مع حوالى 50 معتقلا آخرين إلى مكان قريب، وهو عبارة عن "كرافانات". وأطلق الجنود كلابا علينا، ومن ثم ضربنا في جميع أنحاء الجسد، خصوصا في المعدة والمناطق الحساسة بشدة، ونحن معصوبو الأعين ومكبلو اليدين، ثم نقلنا إلى سجن "النقب". وفي الطريق تناوب علينا الجنود بالضرب المبرح والشتائم والتهديدات، وقد كنت وباقي المعتقلين غارقين بالدماء، حتى إننا تبولنا وتبرزنا دما من شدة الضرب".