أسباب تصاعد الاحتجاجات ضد 'نتنياهو'.. والوفد المفاوض يعود اليوم من القاهرة

أسباب تصاعد الاحتجاجات ضد 'نتنياهو'.. والوفد المفاوض يعود اليوم من القاهرة
الإثنين ٠١ أبريل ٢٠٢٤ - ٠٩:٣١ بتوقيت غرينتش

شهد كيان الاحتلال الإسرائيلي الليلة الفائتة أكبر مظاهرة ضد حكومته منذ شنّ الحرب على غزة، وفيها تصاعدت الدعوات لانتخابات عامة مبكّرة، ما دفع رئيسها بنيامين نتنياهو لعقد مؤتمر صحفي على عجل من أمره بدا فيه مرتبكاً وغاضباً، أكدّ فيه أن الانتخابات الآن مفيدة للأعداء فقط.

العالم - الاحتلال

وبعد المؤتمر الصحفي خضع لعملية جراحية بعد إصابته مجدداً بفتق في جسمه.

في مظاهرة مركزية مقابل الكنيست الإسرائيلي، شارك عشرات الآلاف من الإسرائيليين ممن استجابوا لنداء عائلات المحتجزين في غزة من أجل توسيع الاحتجاج، وقال بعض الناطقين باسمها: “لم نصدّق في أي سيناريو أن نحتاج للنضال والقتال من أجل حق أعزائنا بالعودة لبيوتهم”.

ويبدو أن هذه البداية فقط، فالكيان على موعد لاتّساع المظاهرات بدءاً من اليوم الإثنين، وذلك نتيجة اجتماع عدة عوامل، منها صرخة عائلات المحتجزين، وحملتهم المباشرة على حكومة نتنياهو، واتهامها بعرقلة متعمّدة لمداولات صفقة تبادل بدوافع ضغوط سياسية داخلية يمارسها وزراء متشدّدون يهدّدون بتفكيك الائتلاف الحاكم.

يضاف إليها التسريبات المتتالية، في الأيام الأخيرة، على ألسنة “مصادر إسرائيلية عليا”، عسكرية وسياسية، تقول إن هناك فرصة حقيقية لإحراز صفقة تبادل بحال أبدى الكيان القليل من الليونة.

وقد نسبت، في هذا المضمار، تسريبات تنسب لرئيس الموساد دافيد بارنياع يقول فيها إن الفجوة بين الكيان المحتل و”حماس” ليست كبيرة، وإن هناك حلولاً لمسألة مطلب “حماس” بعودة الغزيين لشمال القطاع، غير أن الوفد الإسرائيلي المفاوض يحتاج للمزيد من التخويل، وأن “الحبل المعطى لهم قصير، وأقل مما يتيح تقدماً في المفاوضات”، وفق ما قالته القناة 12 العبرية.

في التزامن، تنقل صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم أيضاً، عن مصادر إسرائيلية مطلعة قولها إن المخطوفين يموتون وينتهون يوماً بعد يوم داخل أنفاق غزة، ونتنياهو لا يتقدم بمداولات الصفقة، بسبب ضغوط سياسية عليه.

ولا شك أن استمرار النزيف والاستنزاف داخل القطاع، ومقتل وإصابة جنود إسرائيليين، في حرب تبدو لا نهائية، وبلا أفق سياسي، يؤجّج حالة الغضب في الشارع الإسرائيلي على حكومته، علاوة على عدم رضاهم بشكل عام من الأزمات المفتعلة مع الإدارة الأمريكية.

عائدون للشارع

وقال المعلق السياسي البارز في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ناحوم بارنياع إن مشاهد الاحتجاج، ليلة أمس، تُذكّر بمشاهد احتجاجات العام 2023: “ليلة أمس، سمعت صافرة البداية: بداية موسم احتجاج جديد، وهو احتجاج مبرّر أكثر، ويستند على سلسلة إخفاقات كبرى للحكومة من قبل السابع في أكتوبر وبعده. فترة ضبط النفس بسبب الحرب انتهت. التصريحات ضد نتنياهو كانت فظّة جداً وحادة”.

بارنياع، الذي واظب، منذ بدء الحرب، على التحذير من كونها فاشلة، وتخلو من فرصة للانتصار بسبب أهدافها العالية المعلنة، يقول، في مقاله اليوم، إن “الافتراض هو أن إخفاقات 7 أكتوبر والإدارة الفاشلة للحكومة، منذ ذاك التاريخ، ستؤدي لإطلاق أجندة جديدة للاحتجاجات واسعة أكثر”. ويعلّل ذلك بالقول إن “الجنود العائدين من غزة لم يخرجوا غاضبين مع مطالب ولافتات خاصة بهم، وإن هناك توتراً بين شعاري المظاهرات: استعادة كل المخطوفين الآن، وانتخابات الآن، لكنه يرى أن مسيرة تعاظم المظاهرات قد انطلقت، وهي تعود للشوارع كما كانت عندما أفشل الإسرائيليون محاولة الانقلاب القضائي قبل عام”.

هذا ليس كسراً بل أزمة

منذ نشوب الحرب، نتنياهو مرعوب من عودة الاحتجاجات الكبرى من 2023، وهذا أيضاً يدفع محلل الشؤون السياسية في صحيفة “هآرتس” يوسي فرطر للإشارة، في مقاله اليوم، إلى مبادرة نتنياهو لعقد مؤتمر صحفي عجول، قبيل اجتماع مجلس الحرب، وخضوعه لعملية جراحية، وذلك للتحريض على كل من يطرح فكرة انتخابات مبكّرة.

ويقول فرطر إنه “منذ شن الحرب على غزة خشي نتنياهو من عودة المظاهرات الكبرى للشوارع”. ويضيف: “نقطة التحول في الاحتجاج، ليلة أمس، دفعت نتنياهو لمؤتمر صحفي. كما هو الحال مع كل طاغية مصاب بالهلع بادر لتوجيه الاتهامات لخصومه السياسيين بـ “مساعدة العدو”، مدعياً أن الانتخابات العامة الآن ستصيب الكيان بشلل، وتمسّ بمفاوضات الصفقة، وأن الاحتجاجات هي المشكلة”.

ويؤكد فرطر أن “نتنياهو، في لحظة قلّة انتباه، عزّز، خلال المؤتمر الصحفي، الشعور بأن المخطوفين ليسوا في صدارة سلّم أولوياته”، ويشدّد على أن “نتنياهو يضعف الكيان، وأن الاحتجاجات تقويه، ونجاحها هو الاحتمال الوحيد لإنقاذه”.

ويتابع: “قبل شهرين “طلب” نتنياهو من الجيش إعداد خرائط لاجتياح رفح، وهي كانت موجودة أصلاً، وفي مطلع آذار، عاد وكررّ مجدداً قوله إن اجتياح رفح سينطلق للتو. وفي ليلة أمس، بشّرنا، للمرة الرابعة، بمصادقته على خطط اجتياح رفح. نأمل أن العتاد العسكري لا يصاب بالصدأ انتظاراً للتعليمات بالاجتياح. فوق نتنياهو ترفرف غمامة من الشك، لأيّ مدى هو ملام باستعادة المخطوفين. يدعي نتنياهو أنه مقابل “حماس” هناك حاجة لمفاوضات صارمة. جهات أخرى في الكيان تعتقد أنه على الوفود الإسرائيلية أن تقدم مقترحات جريئة بغية استعادة المخطوفات والجرحى والمسنين والطفلين المتبقيين في الأسر”.

الصفقة عالقة

لكن على أرض الواقع لا يوجد اختراق في المفاوضات، والبعثة الإسرائيلية، التي وصلت القاهرة أمس، من المتوقع أن تعود للبلاد اليوم، وبحال فشلت المساعي مجدداً من المتوقع أن تتصاعد المظاهرات داخل الكيان المحتل ومعها الخلافات الداخلية.

وانعكست هذه الانقسامات في "إسرائيل" ليس فقط بأقوال نتنياهو في مؤتمره الصحفي فحسب، بل بتصريحات جهات في الائتلاف الحاكم تتهم المحتجين بـأنهم يخرّبون الكيان وبأن المظاهرات جائزة للسنوار.

الضغط الداخلي على نتنياهو

ويبدو أن المظاهرات المتزايدة، كَمّاً وحِدَّة، من شأنها إنتاج حالة ضغط داخلي على نتنياهو. ويرجّح محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” أن تنعكس الاحتجاجات المتفاقمة “غير المؤدّبة” على مفاوضات الصفقة، وأن المفاوضات ستجري، منذ اليوم، على خلفية ووقع الاحتجاجات ضد الحكومة.

ويرى هارئيل أن ما يؤدي لترجيح كفّة عائلات المخطوفين في السجال الإسرائيلي الداخلي هو عجز نتنياهو عن إبداء تعاطف حقيقي مع المخطوفين وأقاربهم، وهذا تجلّى في مؤتمره الصحفي، ليلة أمس.

ويمضي هارئيل في توقعاته: “داخل المؤسسة الأمنية ومجلس الحرب ومجلس الوزراء المصغّر تتزايد أصوات، من ضمنها أصوات من وزراء الليكود، تقول إن العائق الأساس دون تقدّم مفاوضات الصفقة هو تسويف نتنياهو. الضغوط عليه دفعته لإبقاء وفد مفاوض مقلّص في الدوحة، وإرسال بعثة للقاهرة أمس”.

في هذا السياق، تتركز الأنظار على غانتس وآيزنكوت. خطوة علنية من قِبَلهما ستحشر نتنياهو في زاوية، أو تؤجج الاحتجاجات. المزاعم بأن الاحتجاجات شحنة طاقة للسنوار ليست بلا أساس، ولكن، في المقابل، على كفة الميزان يُطرَح مصير المخطوفين، وهؤلاء، كما تحذّر مصادر عليا سياسية وعسكرية، ينتهون… يموتون”!.

في مقال نشرته “يديعوت أحرونوت” يحذّر رئيس الكيان السابق رؤوفين ريفلين من خطورة اتساع الانقسامات الداخلية، ويلمّح إلى أن الحل الأجدى يكمن بانتخابات عامة مبكّرة.

بقلم: وديع عواودة - لقدس العربي