العالم - فلسطين
والمناطق التي هددها الاحتلال بالإخلاء القسري، تشمل المناطق التي لجأ إليها سكان مخيم جباليا خلال الأيام الماضية وهي المناطق المجاورة لهم في مدينة غزة، وهو ما يثير المخاوف بنية الاحتلال تهجير سكان شمال القطاع بالكامل.
هجمات دامية
ووسط أوضاع إنسانية صعبة، وتفش واسع للمجاعة في شمال قطاع غزة، نفذت قوات الاحتلال عمليات عسكرية خطيرة، ضمن حملة التوغل البري، وقصفت عدة منازل وشوارع وأوقعت ضحايا جددا.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن قوات الاحتلال ارتكبت مجازر في محافظات الشمال منذ بدء الهجوم، استشهد فيها أكثر من 300 شخص منذ 9 أيام، لافتا إلى أن جيش الاحتلال يرتكب مجازر ضد الإنسانية ويمارس القتل العمد من خلال قصف مراكز النزوح والإيواء، موضحا أن الاحتلال أيضا يمنع وصول الوقود إلى المستشفيات هناك، ويمنع عمل طواقم الإسعاف.
تجريف ونسف مبان
وتقوم تلك القوات بعمليات تجريف واسعة في جميع مناطق التوغل، تنفذها جرافات كبيرة دخلت مع الدبابات المتوغلة، كما تشهد تلك المناطق عمليات نسف لمبان أخرى، حيث تسمع أصوات انفجارات ضخمة ناجمة عن التدمير الكبير.
وفي السياق، تشهد المناطق القريبة من مستشفى كمال عدوان قصفا مدفعيا عنيفا، يتواصل على مدار ساعات الليل والنهار، فيما لا تزال ️الطواقم الطبية تعمل رغم الحصار المشدد، والخطر الذي يهدد حياتها، وترفض أوامر إخلاء المستشفيات في الشمال.
كما شهدت المنطقة المحيطة بمدرسة شادية أبو غزالة غرب مخيم جباليا، تقدما لآليات الاحتلال، على وقع قصف مدفعي على محيط منطقة المركز وسط المعسكر، كما شهدت المنطقة المحيطة بمنطقة الدفاع المدني وأطراف حي الصفطاوي عمليات نسف مبان، علاوة عن نسف مبان أخرى في منطقة الفالوجا.
النزوح من شارع الموت
وفي هذا الوقت باتت قوات الاحتلال تحاصر بشكل كامل مخيم جباليا وبلدات شمال قطاع غزة، وتقطع كل الطرق المؤدية إلى مدينة غزة بالكامل، مع استمرار توسيع عملية التوغل البري هناك، وحسب روايات شهود عيان، فإن قوات الاحتلال تضع سواتر ترابية في الشوارع الرئيسية الفاصلة بين بلدات شمال القطاع ومدينة غزة.
ورغم الحصار، تجبر العائلات بسبب الهجمات المستمرة هناك على النزوح القسري تجاه مدينة غزة، وتضطر هذه العوائل لأن تسلك ما بات يعرف بـ “طريق الموت” وهو الشارع الذي يوصل إلى منطقة “دوار أبو شرخ”، حيث يعتلي هناك جنود القناصة البنايات، فيما تتواجد آليات عسكرية في المنطقة، تطلق النار على النازحين، حيث تسببت الهجمات في سقوط عشرات الضحايا.
هذا ولم تكتف قوات الاحتلال بإنذارات الإخلاءات القسرية التي هددت بها سكان بلدات شمال غزة، والتي بدأت على أثرها بشن هجوم بري كبير وخطير على تلك المناطق، بل وسعت بعد أسبوع من الإنذارات لتشمل أحياء مدينة غزة الشمالية، والتي لجأ إليها النازحون من مخيم جباليا وبلدات شمال القطاع خلال الأسبوع الماضي.
وكانت وزارة الداخلية في غزة، دعت السكان هناك لـ “مزيد من الثبات وعدم مغادرة منازلهم خاصة في المناطق التي وجه الاحتلال لها تهديدات”، وقالت “نوجه المواطنين أنه حال شعورهم بالخطر، الانتقال إلى أقرب مكان مجاور لمنطقة سكنهم وعدم التوجه لجنوب قطاع غزة، الذي يعاني من القصف المتواصل والقتل المستمر الذي يمارسه الاحتلال يومياً في المناطق التي يدعي أنها آمنة”.
الهجوم على غزة
إلى ذلك، فقد واصلت قوات الاحتلال من هجومها البري على مناطق شرق وجنوب مدينة غزة، وطالت الهجمات من جديد المناطق المحيطة بشارع صلاح الدين في حي الزيتون، وهو ما يكذب رواية الناطق العسكري، الذي طالب من سكان أحياء شمالي المدينة بالنزوح من خلاله.
وتعرضت أطراف الحي الشرقية لقصف مدفعي عنيف، كما قامت طائرات حربية مسيرة من نوع “كواد كابتر” بشن هجمات بالرصاص على عدة أحياء، كما قامت قوات الاحتلال بقصف مدفعي طال المناطق الملاصقة لشارع رقم 8 ودوار دولة، وسمعت دوي انفجارات عالية في مناطق جنوب المدينة.
وقصفت قوات الاحتلال أيضا مناطق محيطة بالكلية الجامعية جنوب حي الصبرة، كما تعرضت أطراف حي تل الهوا الغربية لإطلاق نار من الزوارق الحربية الإسرائيلية والطائرات المروحية، كما قامت قوات الاحتلال بقصف جنوب الحي بالقذائف المدفعية.
وفي هذا السياق، نقلت مستشفى العودة التي تعمل شمال القطاع، تصريحات للدكتور محمد عبيد رئيس قسم جراحة العظام، شرح فيها خطورة الأوضاع الصحية هناك، حيث أكد أن عدد الحالات التي تأتي للمستشفيات، تفوق قدرة الطاقم الطبي، مؤكدا أن الطاقم الطبي الموجود هناك يمثل فقط 3% من العدد الأساسي.
وفي السياق، كان الدكتور حسام أبو صفية مدير مستشفى كمال عدوان شمالي القطاع، قال إن الكميات المحدودة من الوقود التي وصلت إلى المشافي هناك، لا تكفي سوى لأيام، في ظل ما تتعرض له المنطقة من هجوم بري وحصار مطبق وإبادة جماعية.
وتؤكد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، وهي أكبر المنظمات الأممية التي تقدم خدمات لسكان غزة خلال الحرب، أن هناك 400 ألف فلسطيني محاصرين شمال قطاع غزة.
الاحتلال يسعي لتنفيذ أكبر مخطط للتهجير شمالي قطاع غزة
أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، اليوم الأحد، أن الاحتلال الإسرائيلي يسعي بكل قوة إلى تنفيذ مخططٍ للتهجير بشكل واضح المعالم في شمال قطاع غزة، "وهو أكبر وأخطر مخطط أميركي احتلالي إسرائيلي في القرن الحادي والعشرين والعصر الحديث".
وقال مدير عام المكتب إسماعيل الثوابتة، في مؤتمر صحافي، إنّ ذلك "أعلن عنه وزراء في حكومة الاحتلال (بنيامين نتنياهو) وأنّ خطة التهجير الإجرامية وافق عليها الرئيس الأميركي جو بايدن، ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، حيث منحوا الاحتلال الضوء الأخضر لتمرير خطة التهجير القسري الخبيثة ضد المدنيين، في خرق فاضح للقانون الدولي، وللقانون الدولي الإنساني، ولاتفاقيات جنيف وجميع الاتفاقيات الدولية، ويرتكبون بشكل توافقي 19 نوعاً من الجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة".
وأوضح الثوابتة أنّ جيش الاحتلال "يشنّ حرب استئصال وإبادة جماعية شمالي قطاع غزة ويمنع الطواقم الإسعافية والدفاع المدني من انتشال عشرات الشهداء من الشوارع، ويسعى للقضاء على المنظومة الصحية والمستشفيات بشكل كامل منذ تسعة أيام متواصلة".
ولفت إلى أنّ الاحتلال "قتل حتى هذه اللحظة أكثر من 300 شهيدٍ على مدار تسعة أيام متواصلة من القتل والإبادة، في جريمة قتل ممنهج وحصار مُطبق ضد المدنيين وضد الأطفال والنساء خصوصاً، وضد الأحياء السكنية". وشدد على أنّ "ما تتعرض له محافظة شمال قطاع غزة، وخصوصاً جباليا البلد والمخيم، يعد جريمة استئصال واضحة المعالم، خاصة أنّ الاحتلال يسعى إلى اجتثاث وإحراق والقضاء على كل القطاعات الحيوية".
وذكر الثوابتة أنه "في الوقت الذي قام فيه الاحتلال بإخراج جميع مستشفيات الشمال عن الخدمة؛ فإنه يمنع للمرة السابعة على التوالي وصول الوقود إلى تلك المستشفيات التي يعيش فيها عشرات الجرحى والمرضى، وخاصة أولئك في غرف العناية المركزة الذين باتوا في حكم الشهداء نتيجة الاقتراب من النقطة صفر، وهذا يعني أن الإدارة الأميركية والاحتلال قد حكما على مئات الآلاف بالإعدام".
وأطلق الثوابتة "نداء استغاثة عاجل إلى المجتمع الدولي، وخاصة إلى روسيا والصين، وإلى كل دول العالم الحر، وإلى جميع المنظمات الدولية والأممية وإلى كل الدول العربية والإسلامية، بممارسة كل أنواع الضغط على الاحتلال الإسرائيلي المجرم وبكل الطرق والوسائل من أجل وقف حرب الإبادة الجماعية، ووقف حرب الاستئصال، ووقف حرب التطهير العرقي في قطاع غزة، وفي محافظة شمال قطاع غزة على وجه الخصوص". كما طالب خلال النداء بالعمل على إيصال المساعدات الغذائية إلى عشرات الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني شمالي قطاع غزة، الذين يمارس الاحتلال بحقهم سياسة التجويع الممنهج".
ويمنع الاحتلال عن شمال قطاع غزة الغذاء وحليب الأطفال منذ أكثر من 170 يوماً بشكلٍ متواصل، حيث قرر الاحتلال قتل عشرات الآلاف من المدنيين والأطفال سواء بالقصف والاستهداف أو بالتجويع ومنع الطعام والغذاء من الوصول إلى محافظتي غزة وشمال غزة، وفق الثوابتة.
وحمّل المكتب الحكومي في غزة "الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأميركية وكل الدول المشاركة في الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، ومنها المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا وغيرها من الدول، كامل المسؤولية عن استمرار هذه الجرائم منذ سنة كاملة دون أن يوقف هؤلاء المجرمين الحرب الوحشية ضد شعبنا الفلسطيني الأعزل".
وحذّر المجتمع الدولي وكل المنظمات الدولية والأممية من أنّ "جيش الاحتلال يمارس جريمة استئصال واضحة المعالم وحرب اجتثاث للمدنيين وحرب تطهير عرقي ضد الشعب الفلسطيني"، وطالبها بـ"اتخاذ مواقف عملية نحو الوقف الفوري والسريع لهذه الجرائم ضد الإنسانية"، وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين في المحاكم الدولية تمهيداً لمحاكمتهم وتقديمهم للعدالة على جرائمهم المتواصلة".