أم الدنيا .. في خطاب السيد خامنئي

الإثنين ١٩ سبتمبر ٢٠١١
٠١:٠٠ بتوقيت غرينتش
أم الدنيا .. في خطاب السيد خامنئي  المتتبع لخطابات واحاديث آية الله السيد علي خامنئي حول الصحوة ألاسلامية والثورات والتطورات التي تشهدها الدول العربية ، يلحظ اهتماما خاصا ومميزا من لدن سماحته بمصر وماتشهده من تطورات ، ، تدفع المراقب الى ان يتوقف مليا أمام سر هذه العنآية الخاصة من قبله بمصر، شعبا وتاريخا وحضارة ورمزا وثورة.

خطابان مهامان القاهما آية الله خامنئي خلال الاشهر القليلة الماضية حول الصحوة الاسلامية والثورات التي تشهدها الدول العربية ، احتلت مصر مساحات كبيرة فيهما ، الاول يعود الى يوم الجمعة 4  شباط / فبراير من هذا العام حيث القى سماحته خطبة باللغة العربية ، فيما يعود الثاني الى 18 ايلول /سبتمبر امام المؤتمر الدولي  الاول للصحوة الاسلامية التي استضافته طهران.

الاهمية التي  يراها السيد خامنئي لمصر تعود لدورها الريادي في المنطقة العربية والاسلامية ، وأهمية مصر كأهمية الرأس من الجسد ، لذلك نرى سماحته في خطبة صلاة الجمعة التي القاها قبل  انتصار الثورة  المصرية ، يقول " لقد انحبست الانفاس في صدور العالم الغربي والعالم الاسلامي –ولكل واحد اسبابه- وهم يترقبون ماسيحدث في مصر الكبرى ، مصر نوابغ القرن الاخير ، مصر محمد عبده والسيد جمال الدين  ، مصر سعد زغلول واحمد شوقي ،مصر عبدالناصر والشيخ حسن البنا، مصر عام 1967و1973، يترقبون مدى ارتفاع رآية همة المصريين . فلو أن هذه الرآية انتكست – لاسمح الله – فسيعقب ذلك عصر حالك الظلام ، وان رفرفت على القمم فانها ستطال عنان السماء".

أن اطلاق ابناء الشعب المصري على مصر تسمية "أم الدنيا" تحببا ، فأن هذه التسمية يؤكدها السيد خامنئي  كحقيقة واقعة ، فهي الام التي يرتبط بمصيرها مصير المنطقة برمتها ، لخصائص تنفرد بها دون غيرها ، ففي ذات الخطاب يقول سماحته ان مصر "نموج فريد ، لان مصر في العالم العربي بلد فريد فمصر اول بلد في العالم الاسلامي تعرف على الثقافة الاوروبية ، واول بلد ادرك اخطار هجوم هذه الثقافة وتصدى لها . انه اول بلد عربي اقام دولة مستقلة بعد الحرب العالمية الثانية ، ودافع عن مصالحه الوطنية في تأميم قناة السويس ، واول بلد وقف بكل طاقاته الى جانب فلسطين وعرف العالم الاسلامي بانه ملجا للفلسطينيين"

لم تكن مصر ملجا للمظلومين فقط بل كانت ايضا مقصدا للعباقرة من مختلف انحاء العالم الاسلامي ، فالعبقرية المصرية هي الوحيدة التي تدرك سر العباقرة فالسيد جمال الدين ، وفي هذا الشأن يقول آية الله خامنئي ان السيد جمال الدين "لم يكن مصريا لكنه لم ير في غير الشعب المصري المسلم من يفهم همه الكبير. ان الشعب المصري اثبت جدارته في ساحت النضال السياسي والديني ، وسجل مواقفه المشرفة على جبهة التاريخ . لم يكن محمد عبده وتلاميده وبعده زغلول واتباعه اشخاصا عاديين . كانوا من النوابغ الشجعان والواعين الذين يحق لمصر ان تفخر بهم وبامثالهم . ان مصر بهذا العمق الثقافي والديني والسياسي قد احتلت بحق مكان الريادة في العالم العربي".

وفي خطاب الجمعة ذاته ، اشار آية  الله السيد علي خامنئي الى ثلاث نقاط  في غآية الاهمية ، الاولى هي رفض سماحته مايقال عن استنساخ النموذج الايراني ، وتأكيده على خصوصيات كل ثورة عندما اعلن حينها انه "لايمكن ان نتوقع ان يحدث في مصر وتونس او اي بلد اخر ماحدث في الثورة الاسلامية الكبرى بأيران قبل اكثر من ثلاثين عاما ، ولكن هناك مشتركات ايضا ، وتجارب كل شعب تستطيع ان تكون نافعة للشعوب الاخرى".

النقطة الثانية ، كانت اشادت سماحته بالجيش المصري ، الجيش الذي يفتخر به كل عربي ومسلم ، بتضحياته من اجل فلسطين ، وتحذيره من جر هذا الجيش الوطني الى مواجهة مع الشعب فقال سماحته حينها " الجيش المصري يحمل على صدره وسام المشاركة في حربين على الاقل مع العدو الصهيوني يتعرض اليوم لاختبار تاريخي كبير . العدو يطمع ان يدفع به لقمع الجماهير . لو حدث هذا –لاسمح الله- فانه يشكل ثغرة لهذا الجيش لايمكن سدها . ان الذي يرتعد امام الجيش المصري يجب ان يكون العدو الصهيوني لا الشعب المصري ".

اما النقطة الثالثة والاخيرة ، فلخصها آية الله خامنئي بقوله مخاطبا الشعب المصري بقوله " يا ابناء الكنانة ، ان الابواق الاعلامية للعدو سوف ترفع  عقيرتها كما فعلت من قبل بالقول ان ايران تريد ان تتدخل ، تريد ان تنشرالتشيع في مصر ، تريد ان تصدر ولآية  الفقيه الى مصر ، وتريد وتريد...هذه اكاذيب ملأت اذاننا خلال ثلاثين عاما الهدف منها ان يفرقوا بين الشعوب بعضها من مساعدة بعض ، ورددها المأجورون "يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا ولوشاء ربكم مافعلوه فذرهم ومايفترون ".

المتأمل لخطاب السيد خامنئي الخاص بمصر واهلها يخرج بنتيجة مفادها ان جذور هذا الخطاب ضاربة في اعماق الثقافة الايرانية التي تعتبر صنو الثقافة المصرية .. فعبقرية الشرق ، وبشهادة الجميع، هي من صنع المصريين والايرانيين ، ومنذ ان كان الشرق كانت مصر وايران ، ولاقائمة لهذا الشرق الا بوجود هذين التوأمين ، لانبالغ ان قلنا ، انهما ملتصقان منذ ان ولدا ، فاذا ما تراجع دور اي منهما لاسباب قاهرة ، انحسر دور الاخر وتقلص ، اما اذا تراجع دورهما معا عندها يدخل الشرق برمته في سبات عميق ، وماشهدته منطقتنا خلال العقود الماضية خير دليل على ذلك.
رغم ان النظرة العقلية المشبعة بالعاطفة التي ينظر اليها السيد خامنئي الى مصر واهلها معروفة للجميع ، الا ان سماحته وفي خطابه الاخير امام المؤتمر الدولي الاول للصحوة الاسلامية اقترب كثيرا من عقل و وجدان ابناء ام الدنيا عندما كشف في هذا الخطاب انه كان يناجي الشعب المصري ويتساءل عن اسباب تأخر ابناء عباقرة الشرق في الاننتفاضة على مال اليه امر دنياهم , وقال سماحته مانصه"الذي اثار في قلوبنا هذا التوقع ما كنا نعرفه عن مصر من تاريخ جهادي وفكري وا انجبته من شخصيات مجاهدة وفكرية عظيمة ، لكننا لم نسمع صوتا واضحا من مصر ،.كنت مع نفسي اخاطب الشعب المصري بـابيات من شعر ابي فراس الحمداني :
اراك عصي الدمع شيمتك الصبر
اما للهوى نهي عليك ولا أمر
وحين تدفقت الجماهير المصرية الى ميدان التحرير والميادين المصرية الاخرى شعرت ان الشعب المصري قد اجابني بلسان الحال :
بلى انا مشتاق وعندي لوعة
ولكن مثلي لايذاع له سر"
اغلب بلدان  منطقة الشرق الاوسط محشورة في جغرافيا سياسية ينحصر تأثيرها في نطاق هذه الجغرافيا  ، الا بعض الدول ، وهي اقل من اصابع اليد الواحدة ، من التي احتضنت اول تجمعات بشرية على وجة البسيطة ، وفي مقدمة هذه الدول مصر وايران ، فمن الخطأ حشر مصر في نطاق جغرافيتها الحالية ، فهي اكبر من هذه الجغرافيا واشمل ، فهذه الحقيقة التاريخية الحية تفرض نفسها مهما طال الزمن وقست  الظروف .
ان العالم بأسره صعق من حيوية هذه الحقيقة الخالدة التي ظن ، من يجهل عبقرية ابناء مصر ، انها ماتت ، بسبب السياسة التي اعتمدت على مدى عقود لحشر أم الدنيا في دنيا الجغرافيا الضيقة ، فاذا بهذه الحقيقة تنتفض وتتمرد حتى على منطق الاشياء . أن مصر ليست للمصريين وحدهم  ، فمصر هبة العبقرية المصرية للعالم ، وكما التقت على ضفاف نيلها الخالد عبقرية الاجداد من مختلف اصقاع العالم الاسلامي  ، حان الوقت كي تلتقي عبقرية احفاد السيد جمال الدين واحفاد الشيخ محمد عبده ، فلا تدرك العبقرية الا عبقرية مثلها ، وهو بالتحديد ما ادركه السيد خامنئي في مصر واهلها  ، وهو ذات السر الذي ادركه السيد جمال الدين من قبل في أم الدنيا.
* ماجد حاتمي

0% ...

آخرالاخبار

غوتيريش یؤكد ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة


فرض عقوبات أمريكية محتملة على "الإخوان المسلمين"


عراقجي: ايران ترفض رفضاً قاطعاً أي موقف تدخلي يمسّ سيادتها الوطنية


"إبستين"والملفات المفقودة .. ماذا يخفي ترامب وراء الستار؟!


روبيو: لا تزال أصعب قضايا تسوية أزمة أوكرانيا عالقة دون حل


كبيرة موظفي البيت الأبيض تكشف أسرارا صادمة عن ترامب وفريقه


'العفو الدولية' تدعو الحكومات لإيقاف سفينة تحمل معدات عسكرية للاحتلال


سير اتفاقية الدفاع المشترك بين مصر والسودان.. مراحلها وبنودها


ملايين اليمنيين يتظاهرون نصرةً للقرآن الكريم


كيان الاحتلال يوسع تواجده العسكري في ريف القنيطرة