إعتراف جاء متأخرا جدا ليتحمّل غروسي مسؤولية جزء من الدماء البريئة التي أريقت في الحرب العدوانية التي يشنها الكيان الصهيوني على إيران والدمار الذي لحق بمرافقها المدنية والأهلية ومنشآتها النووية.
-المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، أشار إلى هذا الجانب حين قال بأنّ الوقت بات متأخرا جدا الآن وأضاف: لقد أخفيت هذه الحقيقة في تقريرك المنحاز جدا؛ التقرير الذي استغلته الترويكا الأوروبية وأمريكا لصياغة مشروع قرار يتضمن مزاعم لا أساس لها بشأن عدم التزام إيران . ذلك القرار الذي استغله الكيان الصهيوني بدوره كذريعة لبدء حرب عدوانية ضد إيران وتنفيذ هجمات غير قانونية على منشآتها النووية السلمية.
-بقائي حمّل غروسي مسؤولية السرديات المضلّلة والعواقب الوخيمة الناتجة عنها مخاطبا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالقول: "لقد خنت نظام عدم الإنتشار النووي وحولت الوكالة الدولية إلى شريك لهذه الحرب غير العادلة، وإلى أداة طيّعة لجهات ليست عضوا في معاهدة حظر الإنتشار النووي، فهل بقي ضمير حي؟.
-لا يخفى على أحد أنّ العدوان الصهيوني الأخير على إيران تم بناء على مناخ إعلامي مسموم، مهّد الأرضية له المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية من خلال الدور الذي لعبه في المصادقة على التقرير الأخير المناهض لإيران في مجلس محافظي الوكالة الدولية والذي تمحور حول مزاعمه الفارغة التي استقاها من المزاعم والأكاذيب الصهيونية.
ولكن هل مواقف غروسي المناهضة لإيران جديدة أم قديمة؟ وما هي الصلة بينه وبين الكيان الصهيوني؟.
-الإستخبارات الإيرانية حصلت خلال الآونة الأخيرة على كنز ثمين من الوثائق والمعلومات الخاصة بمختلف المرافق الإستراتيجية للكيان الصهيوني والعلاقات التي تربطها ببعض المسؤولين الدوليين. ووفقا لأحد الوثائق المنشورة فإنّ رافائيل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية تربطه علاقات خاصة مع الكيان الصهيوني. وهذا ليس ادعاء سياسيا بل هو مسنود بوثائق لا لبس فيها تم الكشف عنها مؤخرا.
-الوثائق تكشف عن أكثر من ذلك حيث تشير إلى إنّ غروسي ومنذ عام 2016 كان لديه تعاون وثيق مع الكيان الصهيوني في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولعب دورا كبيرا في إعداد ونشر التقارير السلبية وبلورة إجماع دولي بمحورية الوكالة الدولية ضد النشاطات النووية السلمية الإيرانية.
-الوكالة الدولية وعلى عهد غروسي ركّزت بشكل غير طبيعي على مزاعم الكيان الصهيوني حول المنشآت النووية الإيرانية، في حين أن الإعتماد على معلومات غير متحقق منها تقدم إلى الأمانة العامة من مصادر مفتوحة أو من خلال أجهزة استخبارات تابعة لأطراف ثالثة معروفة بمواقفها من إيران، يتعارض مع مباديء الموضوعية والنزاهة والإحترافية التي تشكل أساس مهمة الوكالة.
-التقليل من أهمية التعاون الذي أبدته إيران مع المفتشين والوكالة الدولية والذي يفوق تهعداتها المنصوص عليها هو جانب آخر من مواقف غروسي السلبية تجاه إيران. فرغم أن 70%من عمليات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية تجري في إيران، إلا أنّ غروسي أطلق مزاعم بشأن وضوع قيود أمام المفتشين الدوليين معتبرا ذلك عائقا كبيرا أمام رقابة الوكالة الدولية.
-هذا فضلا عن أن غروسي يبدي أراء حول قضايا وموضوعات هي ليست من إختصاصه أو صلاحياته، مثل القضايا المتعلقة بالموضوعات الجيوسياسية والأمن الأقليمي وما إلى ذلك.
-لكن أغرب مواقف غروسي كانت بشأن العدوان الصهيوني الأخير على المنشآت النووية الإيرانية، حيث اكتفى بالإعلان عن أنّه لم يلاحظ أي زيادة في النشاط الإشعاعي في موقعي إصفهان وفوردو وأن التلوث الذي داخل المنشأة يمكن احتواءه من خلال القيام ببعض الإجراءات الإحترازية. وأنّ معظم المنشات النووية الإيرانية تقع على عمق 800 متر تحت الأرض ويصعب الوصول إليها. وكأنّه يقدم تقريرا إلى الصهاينة مفاده أنّ الهجوم لم يكن ناجحا. كما لم ينس أن يدعو أطراف النزاع إلى ضبط النفس للحيلولة دون التصعيد والمزيد من التوتر دون التلويح حتى إلى أنّ الكيان الصهيوني هو الذي شنّ العدوان على إيران، وإنّ الأخيرة تدافع عن نفسها فقط ولم تستهدف أي مرافق نووية رغم قدرتها على ذلك.