وأوضح الثوابتة، أنّ الفوضى المتفشية في توزيع المساعدات «ليست حالة عفوية أو طارئة، بل نتيجة هندسة إسرائيلية متعمدة هدفها تفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني وزرع بذور الصدام الداخلي».
وقال الثوابتة، في حديثٍ لموقع «الأخبار»: «منذ اللحظة الأولى، بدا واضحاً أنّ هدف مؤسسة (غزة الإنسانية) لم يكن تقديم الإغاثة الحقيقية، بل خلق فوضى مجتمعية».
وأشار إلى أنّه «يتم توزيع كميات قليلة من المساعدات على أعداد هائلة من المحتاجين، دون تنظيم أو شفافية أو رقابة، ما أدّى إلى تدافع وصدام بين الناس، وفتح المجال أمام ظهور عصابات منظمة تسرق المساعدات من الأهالي وتعيد بيعها في الأسواق بأسعار باهظة».
اقرأ وتابع المزيد:
وأوضح الثوابتة أنّ هذه العصابات «لا تتحرك بشكل فردي أو عشوائي، بل تستغل البيئة التي صاغتها الآلية الإسرائيلية الأميركية عمداً، في ظل غياب الحماية، وإدارة الأمور في الهواء الطلق، بعيداً عن المؤسسات الإنسانية الرسمية كالأونروا أو الهلال الأحمر».
وشدّد على أنّ مراكز المساعدات هذه تحولت إلى «مصائد للموت» أودت بحياة المئات من سكان غزة، لافتاً إلى أنّ جيش الاحتلال قتل، منذ نشأة هذه المراكز في أواخر أيار الماضي، أكثر من 500 شهيد وخلّف ما يزيد على 3500 مصاب، «كانوا جميعاً لا يريدون سوى إطعام أطفالهم».
واعتبر أنّ «إسرائيل، عبر هذه الفوضى، تسعى إلى خلق بيئة صراع داخلي يُستنزف فيها الفلسطيني ضدّ الفلسطيني، وتُنتزع فيها الثقة من بين الناس. فهم لا يريدون فقط تدمير المباني والبنية التحتية، بل يسعون إلى تمزيق النسيج المجتمعي من الداخل».
ولفت مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إلى أنّ «الحل يبدأ بإعادة الإشراف على المساعدات إلى الجهات الدولية المختصة، ووقف العبث السياسي الإسرائيلي بالقوت الإنساني»، مطالباً المجتمع الدولي بموقف حاسم «لوقف هذا الانهيار الأخلاقي والإنساني».
اعتداء وسرقة
وفي شهادة تعبّر عن واقع منتظري المساعدات، خرج طارق الشيخ (39 عاماً) من مركز تابع لـ«مؤسسة غزة الإنسانية» التي أنشأتها أميركا وكيان "إسرائيل" وسط القطاع، حاملاً طرداً غذائياً كأنه كنز. غير أنّ فرحته لم تدم، إذ هاجمه ثلاثة شبّان مسلّحون في حيّ تلّ الهوى وسلبوه الطرد.
وقال الشيخ لـ«الأخبار»: «لو قاومت، كانوا طعنوني حتى الموت... هذا الطرد كان كل ما نملك».
وروى الشيخ أنّه سار ساعتين وانتظر سبع ساعات تحت الشمس للحصول على المساعدة، مشبّهاً المشهد بـ«الغنم... لا تنظيم ولا حماية».
اقرأ ايضا:
وأشار إلى أنّ عصابات صغيرة باتت تترصّد الخارجين من مراكز التوزيع: «بيعرفوا مواعيد التوزيع... هجمت عليّ سيارة فيها شباب ملثّمين».
أمّا أم عمر (41 عاماً)، وهي أرملة، فتعرّضت للاعتداء والسرقة أثناء حملها كيس دقيق حصلت عليه من شاحنة مساعدات، برفقة نجلها عمر. وبعد أن تمكّنا من الحصول على الكيس بصعوبة، تعرضا لهجوم من ثلاثة أشخاص سرقوا الكيس منهما وأسقطوهما أرضاً، ما أدّى إلى إصابات جسدية لأم عمر، وفق ما روته لـ«الأخبار».
وقالت الأم إنّ فقدان الطعام كان أقسى من الألم الجسدي، معبّرةً عن صدمتها من وصول الأوضاع إلى حدّ المجاعة والفوضى. أمّا نجلها عمر، فحمّل غياب المؤسسات الدولية المسؤولية، قائلاً إنّ إسرائيل تعمّدت تغييب «الأونروا» والرقابة لتعمّ الفوضى وتتحول الحاجة إلى نزاع وصراع بين الناس