ففي الميدان، وبعد أن استعاد الجيش ولاية الوسط والعاصمة الخرطوم قبل أشهر، نقل ثقله العسكري إلى إقليم كردفان، حيث يتهيأ لعمليات واسعة تمهيداً للتقدم نحو دارفور. وعلى الرغم من بعض المكاسب، فإن قوات الدعم السريع نجحت في تحويل كردفان إلى خط دفاع متقدم، مدعومة بتحالف مع قوات الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو. هذا التحالف انعكس على الأوضاع الإنسانية في مدن مثل الفاشر وكادقلي والدنليج.
تشير التطورات العسكرية إلى أن المواجهة الكبرى باتت وشيكة، إذ كثف الجيش من استهداف خطوط إمداد الدعم السريع بالطائرات المسيرة، بينما عكست زيارة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان إلى جبهة شمال كردفان استعداداً لعملية جديدة. يقول الخبراء إن هذه العملية تهدف لقطع الطريق أمام أي تسوية قد تكرس واقع الانقسام.
دولياً، صعد مجلس الأمن والأطراف الغربية من لهجتها تجاه الدعم السريع، رافضين إعلان حكومة موازية في مناطق سيطرته، ومؤكدين أنها تهدد وحدة السودان. وفي السياق ذاته، لوح وزير الخارجية البريطاني بإمكانية اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية، بينما حذرت ألمانيا من خطر المجاعة في الفاشر وسط الضغوط الأمريكية المتزايدة على قادة الدعم السريع لوقف حصار المدن.
شاهد أيضا.. ترتيبات عسكرية بالخرطوم وإعادة تشكيل رئاسة هيئة الأركان
وعلى الصعيد السياسي، يدور حراك هادئ خلف الكواليس مع لقاءات غير معلنة بين قوى سودانية متقاطعة منذ سنوات، بدفع من وساطات إقليمية ودولية سعياً إلى تسويات تجنب البلاد الانقسام النهائي. وفي بورت سودان، تكثف اللجنة السياسية بمجلس السيادة لقاءاتها لتشكيل برلمان انتقالي وصياغة خريطة طريق لحوار وطني، وسط مساعٍ لتجميد بعض الملفات الخلافية كبادرة حسن نية.
ومع كل هذه التعقيدات، يشهد الداخل السوداني ملامح تعافٍ جزئي، فعودة النازحين واللاجئين تسارعت بوتيرة لافتة، فيما تستعيد الخرطوم تدريجياً خدماتها الأساسية مع التحضير لإعادة افتتاح المطار وصدور الصحف الورقية مجدداً.
هكذا يقف السودان اليوم عند مفترق طرق حاسم: معارك عسكرية ساخنة تتقاطع مع مواقف دولية متصاعدة وحراك سياسي خافت قد يفتح باب تسوية، أو يظل مجرد صدى في عتمة الحرب.
التفاصيل في الفيديو المرفق ...