في ظل الحصار المستمر والإنهيار البيئي يعيش سكان قطاع غزة أزمة مياه خانقة حيث كشف التقارير الصحية أن مستويات تلوث المياه تجاوزت الحد المسموح بها عالميا بـ28 ضعفاً، ما يهدد حياة أكثر من مليونين نسمة بأمراض خطيرة لاسيما بين الأطفال وكبار السن. وتعاني غالبية مصادر المياه من التملح والتلوث بالبكتيريا والمواد الكيميائية في ظل غياب البنية التحتية اللازمة لمعالجة المياه أو توفير بدائل آمنة.
وصرح المتحدث باسم بلدية غزة، عصام النبيه لقناة العالم:" حقيقة هناك أزمة خانقة في المياه في مدينة غزة، حيث دمر الاحتلال أكثر من 75% من إجمالي أبار المياه وأيضا دمر أكثر من 120 ألف متر طولي من شبكات المياه. وبالتالي لا تستطيع البلدية تزويد المواطنين بكميات كافية من المياه. المياه عملياً هي غير صالحة للشرب ملوثة بكميات كبيرة من الملوثات، غير صالحة عمليا لاستخدام المواطنين ولكن المواطنين يستخدمونها مضطرين، لأنه لا توجد خيارات بديلة".
يعاني الغزيون يوميا في سبيل الحصول على المياه الصالحة للشرب أو لاستخدام الآدمين، حيث يتنقل الأهالي بين مخطات التحرية المحلية وبين صهاريج المياه. ففي الأحياء المکتضة يصطف السكان في طوابير طويلة بحثاً عن بضعة ليترات من المياه النقية، في مشهد يومي يعكس حجم الأزمة وإنعدام أبسط مقومات الحياة الكريمة.
وتقول سيدة فلسطينية:"نستنى 5 - 6 أيام لما تيجي المياه الحلوة نجيب مياه حلوة وننزح من هنا لهناک، من دار لدار، عن جد يعني تعبانين على الآخر. الاحتلال دمر الأبار والمياه وما خلاش شي ولا خلالنا دور ولا خلالنا حاجة الحمد لله هاي دورنا وراكم".
وقال مواطن أخر:"للأسف احنا نعاني معاناة شديدة في المياه، نقعد أكثر من أسبوعين وثلاثة في تدبير المياه وانتوا شايفين حالة الترحيل الشديدة اللي احنا فيها حاليا وما عبناش أي شيء لحتى اليوم، يعني اجت السيارة ما قدرناش نعبي".
وحذرت منظمات إنسانية دولية من أن استمرار تلوث المياه بهذا الشكل ينذر بكارثة صحية وبيئية أوسع، خاصة في ظل غياب حلول جذرية أو دعم دولي كاف حيث يبقى الوصول إلى مياه نظيفة في غزة حلما يوميا لعائلات انهكها الحصار.
في غزة لا تقتصر المعاناة على صوت القصف، بل تمتد إلى كل قطرة ماء ملوثة تهدد حياة الأبرياء، فغياب الحلول العاجلة يعني أن الكارثة الصحية تقترب من الانفجار، فبات الحصول على المياه النظيفة أمر مؤجل ومهمش دون أفق للحل.